الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ أَسَلَّمَ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ فِي دَارِهِمْ لَمْ يَتْبَعُوهُ إِلَاّ إِذَا خَرَجُوا إِلَى دَارِنَا قَبْل مَوْتِ أَبِيهِمْ (1) .
مَوْتُ الْمُسْتَأْمِنِ فِي دَارِنَا
55 -
لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمِنُ فِي دَارِنَا وَلَهُ وَرَثَةٌ فِي بِلَادِهِ، وَمَالٌ فِي دَارِنَا، فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَرِكَتِهِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الإِْمَامِ إِرْسَال مَال الْمُسْتَأْمِنِ الْمُتَوَفَّى إِلَى وَرَثَتِهِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، بَل يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ إِذَا جَاءُوا إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ؛ لأَِنَّ حُكْمَ الأَْمَانِ بَاقٍ فِي مَالِهِ، فَيُرَدُّ عَلَى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، قَالُوا: وَتُقْبَل بَيِّنَةُ أَهْل الذِّمَّةِ هُنَا اسْتِحْسَانًا، لأَِنَّ أَنْسَابَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَعْرِفُهَا الْمُسْلِمُونَ، فَصَارَ كَشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال، وَلَا يُقْبَل كِتَابُ مَلِكِهِمْ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ، لأَِنَّ شَهَادَتَهُ وَحْدَهُ لَا تُقْبَل، فَكِتَابَتُهُ بِالأَْوْلَى (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ كَمَا قَال الدَّرْدِيرُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ مَاتَ الْمُؤْمِنُ عِنْدَنَا فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ إِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثُهُ عِنْدَنَا - دَخَل عَلَى التَّجْهِيزِ أَمْ لَا - وَإِلَاّ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثُهُ أَرْسَل الْمَال لِوَارِثِهِ بِأَرْضِهِمْ إِنْ
(1) ابن عابدين 3 / 249.
(2)
حاشية ابن عابدين 3 / 250، وفتح القدير 4 / 353، والمبسوط 10 / 91.
دَخَل عِنْدَنَا عَلَى التَّجْهِيزِ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، لَا عَلَى الإِْقَامَةِ عِنْدَنَا، وَلَمْ تَطُل إِقَامَتُهُ عِنْدَنَا، وَإِلَاّ بِأَنْ دَخَل عَلَى الإِْقَامَةِ أَوْ عَلَى التَّجْهِيزِ، وَلَكِنْ طَالَتْ إِقَامَتُهُ عِنْدَنَا فَفَيْءٌ مَحَلُّهُ بَيْتُ مَال الْمُسْلِمِينَ.
قَال الصَّاوِيُّ: أَشَارَ الْمُصَنِّفُ، (الدَّرْدِيرُ) إِلَى الْحَالَةِ الأُْولَى بِقَوْلِهِ: وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ. . إِلَخْ، وَلَمْ يَسْتَوْفِ الأَْحْوَال الأَْرْبَعَةَ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُهَا فَنَقُول: أَمَا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ مَا إِذَا مَاتَ فِي بَلَدِهِ وَكَانَ لَهُ عِنْدَنَا نَحْوُ وَدِيعَةٍ، فَإِنَّهَا تُرْسَل لِوَارِثِهِ، وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ أَسْرُهُ وَقَتْلُهُ، فَمَالُهُ لِمَنْ أَسَرَهُ وَقَتَلَهُ حَيْثُ حَارَبَ فَأَسَرَهُ ثُمَّ قُتِل، وَأَمَّا الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ مَا إِذَا قُتِل فِي مَعْرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ، فِي مَالِهِ قَوْلَانِ، قِيل: يُرْسَل لِوَارِثِهِ، وَقِيل: فَيْءٌ، وَمَحَلُّهُمَا إِذَا دَخَل عَلَى التَّجْهِيزِ (1) ، أَوْ كَانَتِ الْعَادَةُ ذَلِكَ وَلَمْ تَطُل إِقَامَتُهُ، فَإِنْ طَالَتْ إِقَامَتُهُ وَقُتِل فِي مَعْرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مَالُهُ وَلَوْ وَدِيعَةً فَيْئًا قَوْلاً وَاحِدًا (2) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمِنُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِرَدِّ الْمَال إِلَى وَارِثِهِ، لأَِنَّهُ مَاتَ، وَالأَْمَانُ بَاقٍ فِي نَفْسِهِ فَكَذَا فِي مَالِهِ،
(1) أي ليتجهز ويرجع، فإن كان تاجرًا باع ما جاب واشترى ما يخرج به فيكون على نية الإقامة المؤقتة.
(2)
الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 290.