الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاةِ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، بِأَنْ مَشَى قُدَّامَهُ أَوْ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا أَوْ إِلَى وَرَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلٍ أَوِ اسْتِدْبَارٍ، وَأَمَّا إِذَا اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ فَقَدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ مَشَى قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا أَوْ لَمْ يَمْشِ، لأَِنَّ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ لِغَيْرِ إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَحْدَهُ مُفْسِدٌ (1) .
وَقَال بَعْضُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي رَجُلٍ رَأَى فُرْجَةً فِي الصَّفِّ الَّذِي أَمَامَهُ مُبَاشَرَةً فَمَشَى إِلَى تِلْكَ الْفُرْجَةِ فَسَدَّهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ مَشَى إِلَى صَفٍّ غَيْرِ الَّذِي أَمَامَهُ مُبَاشَرَةً فَسَدَّ فُرْجَةً فِيهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُل بِمَشْيِ الْمُصَلِّي صَفَّيْنِ لِسُتْرَةٍ يَقْرُبُ إِلَيْهَا، أَوْ دَفْعِ مَارٍّ أَوْ لِذَهَابِ دَابَّةٍ أَوْ لَسَدِّ فُرْجَةٍ فِي صَفٍّ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَشْيُ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَى: بِأَنْ يَرْجِعَ عَلَى ظَهْرِهِ، بِشَرْطِ أَلَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ، فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةَ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ إِنِ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَشْيَ أَكْثَرَ مِنْ خُطْوَتَيْنِ مُتَوَسِّطَتَيْنِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ إِنْ تَوَالَتْ لَا إِنْ تَفَرَّقَتْ، أَمَا الْمَشْيُ خُطْوَتَيْنِ فَلَا يُبْطِل الصَّلَاةَ وَإِنِ اتَّسَعَتْ، كَمَا تَبْطُل بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ مُطْلَقًا.
(1) غنية المتملي ص 451، وانظر حاشية ابن عابدين 1 / 421.
(2)
غنية المتملي ص 450 - 451.
(3)
الشرح الصغير 1 / 354.
وَاخْتَلَفُوا فِي مُسَمَّى الْخُطْوَةِ هَل هُوَ نَقُل رِجْلٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ أَوْ نَقْل الرِّجْل الأُْخْرَى إِلَى مُحَاذَاتِهَا، قَال ابْنُ أَبِي الشَّرِيفِ: كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ (1) .
وَالَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمَشْيَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ صِحَّةُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ مَعَ إِمَامِهِ جَائِزٌ، كَمَا إِذَا كَبَّرَ فَذًّا خَلْفَ الإِْمَامِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ إِلَى صَفٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ كَانَا اثْنَيْنِ وَرَاءَ الإِْمَامِ، فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مِنَ الصَّلَاةِ فَمَشَى الْمَأْمُومُ حَتَّى وَقَفَ عَنْ يَمِينِ الإِْمَامِ، أَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا فَكَبَّرَ آخَرُ عَنْ يَسَارِ الإِْمَامِ أَدَارَهُ الإِْمَامُ عَنْ يَمِينِهِ.
وَالْعِبْرَةُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَشْيَ الْكَثِيرَ إِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَخَوْفٍ أَوْ هَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِضَرُورَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (2) .
التَّنَفُّل مَاشِيًا
6 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى جَوَازِ التَّنَفُّل مَاشِيًا وَلِكُلٍّ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ:
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ التَّنَفُّل مَاشِيًا، وَعَلَى الرَّاحِلَةِ سَائِرَةً إِلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ فِي السَّفَرِ الطَّوِيل، وَكَذَا الْقَصِيرِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا
(1) حاشية القليوبي 1 / 190، ومغني المحتاج 1 / 199.
(2)
شرح منتهى الإرادات 1 / 223 - 224، المغني 2 / 215 - 216، وكشاف القناع 1 / 397 - 398.