الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالُوا أَيْضًا: وَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الثَّمَرَةُ بَعْدَ أَنِ اقْتَسَمَهَا الْغَاصِبُ وَالْعَامِل وَأَكَلَاهَا فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْكُل وَلَهُ تَضْمِينُهُ قَدْرَ نَصِيبِهِ لأَِنَّ الْغَاصِبَ سَبَبُ يَدِ الْعَامِل فَلَزِمَهُ ضَمَانُ الْجَمِيعِ، وَلَهُ تَضْمِينُ الْعَامِل قَدْرَ نَصِيبِهِ لِتَلَفِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْكُل رَجَعَ عَلَى الْعَامِل بِقَدْرِ نَصِيبِهِ، وَيَرْجِعُ الْعَامِل عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لأَِنَّهُ غَرَّهُ (1) .
د -
تَصَرُّفُ الْمَالِكِ:
47 -
الْمُرَادُ بِتَصَرُّفِ الْمَالِكِ: بَيْعُ الْمَالِكِ الْحَدِيقَةَ الَّتِي سَاقَى عَلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ أَوْ هِبَتُهَا؛ أَوْ رَهْنُهَا، أَوْ وَقْفُهَا.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: بَيْعُ الْحَدِيقَةِ الَّتِي سَاقَى عَلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ يُشْبِهُ بَيْعَ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيُّ: أَنَّ الْمَالِكَ إِنْ بَاعَهَا قَبْل خُرُوجِ الثَّمَرَةِ لَمْ يَصِحَّ، لأَِنَّ لِلْعَامِل حَقًّا فِي ثِمَارِهَا، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى بَعْضَ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الأَْشْجَارِ وَنَصِيبُ الْمَالِكِ مِنَ الثِّمَارِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ لأَِنَّهَا مَبِيعَةٌ مَعَ الأُْصُول، وَيَكُونُ الْعَامِل مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ مَعَ الْبَائِعِ.
وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا، لَمْ يَصِحَّ
(1) المغني لابن قدامة 5 / 415، وكشاف القناع 3 / 539.
لِلْحَاجَةِ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ.
قَال النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيُّ حَسَنٌ (1) .
قَال الطَّبَرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ قَال: سُئِل مَالِكٌ عَنِ الرَّجُل يَبْتَاعُ الأَْرْضَ وَقَدْ سَاقَاهَا صَاحِبُهَا رَجُلاً قَبْل ذَلِكَ سِنِينَ، فَقَال الْمُسَاقِي: أَنَا أَحَقُّ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَنِي (فَقَال) لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ سِقَائِهِ إِلَاّ أَنْ يَتَرَاضَيَا (2) .
هـ -
الْفَسْخُ بِالإِْقَالَةِ وَالْعُذْرِ
48 -
لَمَّا كَانَتِ الْمُسَاقَاةُ عَقْدًا لَازِمًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ كَمَا سَبَقَ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِفَسْخِهَا، وَإِنَّمَا تُفْسَخُ بِمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْعُقُودُ اللَاّزِمَةُ وَذَلِكَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:
الأَْمْرُ الأَْوَّل:
الاِتِّفَاقُ الصَّرِيحُ عَلَى الْفَسْخِ وَالإِْقَالَةِ، وَلَا يُخَالِفُ فِي هَذَا أَحَدٌ.
وَالَّذِينَ يَرَوْنَ مِنَ الْفُقَهَاءِ - كَالْحَنَابِلَةِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِمْ - أَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ، يَسْتَجِيزُونَ لِكِلَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْفَسْخَ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ وَعَلَى الْعَامِل إِتْمَامُ الْعَمَل، وَإِنْ وَقَعَ الْفَسْخُ قَبْل ظُهُورِ الثَّمَرَةِ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي فَسَخَ هُوَ الْعَامِل فَلَا شَيْءَ لَهُ، لأَِنَّهُ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ،
(1) روضة الطالبين 5 / 167، 252 - 255.
(2)
اختلاف الفقهاء للطبري ص 143.