الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر رمضان
أوله الخميس ثامن أيار ثالث عشر بشنس في الخامس والعشرين من برج الثور كان الهلال ليلتئذ عاليًا رآه الناس كان نوره أصبعًا وبعده ومكثه نحو ثمان عشرة درجة وكان في السماء غيم.
وليلة الخميس مستهله توفي قاضي مصر المالكي ناصر الدين أحمد (1) بن ..... التنسي الإسكندري أقام قاضيًا ثمان سنين إلا أشهر إلا أنه ولي بعد الركراكي في أوائل سنة أربع وتسعين لما رجع السلطان إلى مصر وكان مشكورًا في الأحكام وكان من قبل قاضي الإسكندرية وقدم دمشق مع السلطان في النوبة الثانية، ولما توفي سعى في القضاء ابن الدماميني الذي كان ناظر الجيش فقام المالكية ووقفوا للسلطان وتكلموا فأرسل في طلب ابن خلدون فوجدوه بالفيوم فطلب من هناك فقدم ولبس يوم الخميس نصفه وكان ولي القضاء في وقت وهو رجل منسوب إلى الفضل متمَدم في صنعة الإنشاء والتاريخ لقبه ولي الدين وهو شكل حسن، ووقفت في بعض الكتب أنه لبس يوم الاثنين ثالث عشره، قال لي بعض المصريين الأول أصح إنما يوم الاثنين المذكور قدم من الفيوم.
ويومئذ وصل ابن سودون المظفري الذي كان أبوه نائب حلب ثم صار
(1) الضوء اللامع 2/ 192 (525) توشيح الديباج 55 (21) نيل الابتهاج 83/ 107 الأعلام للزركلي 1/ 225 كفاية المحتاج 51 (38) رفع الإصر عن قضاة مصر (75)31.
بها أميراً كبيراً وقتل في أول فتنة الناصري متولياً وظيفة المهمندارية بحلب وأُعطي إمرة عشرة وكان أبوه في أول أمره كذلك.
وأخبر بأن القاضي أصيل الدين نائب الحكم بالقاهرة ولي قضاء الشام وأنه لبس يوم الخميس الماضي ثم جاءت الكتب بذلك وبلبسه يوم الخميس ثالث عشري شعبان كما ذكر.
وليلة الجمعة ثانيه برد الماء في الكيزان حتى لا يكاد الشارب يستطيع يكمل شربه كأنه ماء كانون واستمر ليالي واستغنى الناس بذلك عن الثلج في رمضان.
ويوم الثلاثاء سادسه في الساعة الحادية عشر عند العصر نقلت الشمس إلى برج الجوزاء وكان يوماً مغيماً وربما وقع مطر يسير ثم حصل هواء مزعج كما كان ليلة الاثنين ثم وقع مطر يوم الجمعة تاسعه وتكرر وقوعه ثم يوم الأحد حادي عشره وحصل ضباب سد الآفاق وفي الجملة فحصل في أيار من انكسار الحر ما نفع الصوام.
ويوم الخميس ثامنه وصل إليّ كتاب القاضي أصيل الدين وهو مؤرخ بخامس عشري شعبان بأن أنوب عنه في القضاء والخطابة ومشيخة الشيوخ وأنه استأذن له كاتب السر السلطان في ذلك فأذن وشهد اثنان مدنيان بذلك وكان الكتاب صحبة أحدهما وذهبا ليؤديا الشهادة بكل ذلك عند القاضي الحنفي فأذن هو أيضاً في ذلك وكنت قد سررت بالراحة في هذا الشهر فحصل التعب من وجوه فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ويومئذ بعد المغرب توجه قاضي حلب كمال الدين ابن العديم إلى بلده وكان قدم القاهرة منذ أيام وتكلف إلى غرامة جملة.
ويوم الجمعة تاسعه وقع مطر بدمشق تكرر وقوعه وكان كثيراً جداً آخر النهار قبلي دمشق ما بين الكسوة والخربة واستمر ليلة السبت ثم وقع المطر باْرض الخربة أيضاً يوم الأحد كثيراً جداً وصارت الأرض ذات وحل كثير ووقع يومئذ يسيراً وكان بدمشق ضباب كثير سد الآفاق كالمتقدم وجاء الخبر بوقوع هذا المطر في ناحية الشمال في هذه الأيام.
ويوم هذا الأحد هو الثامن عشر من أيار ويوم الأربعاء رابع عشره وصل مملوك الدوادار بيبرس ومعه توقيع قاضي الشام وتوقيع نائب بعلبك غرس الدين خليل أخي الزينكي عوضاً عن تنكزبغا وغير ذلك.
ويوم الجمعة سادس عشره وصل مملوك النائب سلامش من القاهرة وكان أرسله في أشغال ووصل نائب بعلبك الجديد أخو الزينكي، ويومئذ خطبت بالجامع.
وفي العشر الأوسط قبض على الشريف بالقاعة الغربية بجامع تنكز ووجد عنده الآلات التي تضرب بها الدراهم فطلب إلى دار السعادة وفي رقبته الغل وهو حسر اللباس فبان من أمره أنه كان في سعي في مصر في وكالة بيت المال ورسم له بذلك واشتهر أمره ثم بطل أمره بالقاهرة وسعي لابن السنجاري الصغير فوصل إلى دمشق منذ أيام واستعار هذا البيت من ابن تنكز ففعل ما فعل وقد توفي هذا الشريف بالمعلا سنة اثنين وثمان مائة في ذي القعدة متوجهاً للحج.
وفي هذه الأيام وصل الخبر بأن ابن السنجاري يرسم له بوكالة بيت المال فسعى زوج أخته عبد الرحمن المهتار وجاء ليقبل يد السلطان فلما رآه أمرد قليل الشعر غضب وأمر بنزع الخلعة عنه فنزعت في الحال وخرج الصبي خجلان وصاح السلطان على مهتاره أو كما قيل.
ويوم الاثنين تاسع عشره أول بونة.
ويوم الخميس ثاني عشريه وصل سواق وأخبر بأن قاضي الشام قد خرج من القاهرة ليلة الأحد أو آخر نهار السبت سابع عشره وأنه تعجل ليدرك خطبة العيد وهذا السواق قدم وعلى يده كتاب السلطان والأمراء بأن يستقر قراتمر في حجوبية الميسرة عوضاً عن جركس وأن ابن نائب الصبيبة يكون في حجوبية ابن النقيب وكان قبل ذلك كما قدمنا عند مجىِء النائب من الغور جاء ما يخالف ذلك وأجلس ابن نائب الصبيبة فوق قراتمر، فلما جاء هذا المرسوم عكس الأمر.
وفي العشر الأخير توفيت فاطمة (1) بنت محمد بن أحمد بن السيف محمد بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسي أجازها جماعة منهم ابن الشحنة وأيوب الكحال والقاضي شرف الدين الحافظ وحدثت وسمعت من جدها أربعين أبي الأسعد القشيري السباعية بسماعة من ابن الكمال.
ويوم الأحد خامس عشريه أول حزيران.
ويوم الاثنين سادس عشريه لبس الوزير شهاب الدين ابن الشهيد خلعة جاءته من السلطان.
ويومئذ آخر النهار ورد كتاب قاضي القضاة من القدس مؤرخ بيوم السبت رابع عشريه أنه يصل في ثامن عشريه فتوجه الناس من الغد لملاقاته.
وفي أواخره أُفرج عن ابن الشيخ علي من سجن صفد بعد ما أُعطي جميع ماله وأُعطى خبز جلبان بالشام.
ويوم الأربعاء ثامن عشريه آخر النهار وصل قاضي الشام أصيل الدين محمد بن عثمان من مصر متولياً قضاء الشام فنزل قبل المغرب بالعادلية ولبس من الغد وقرئ تقليده على العادة بمقصورة الجامع وحضر القضاة والحجاب واستناب يومئذ آخر النهار بعدما استشارني ابن الحسباني والبهنسي ومن الغد لابن الزهري وخرج من الغد إلى المصلى فصلى العيد وخطب ثم خطب بالجامع الجمعة.
ويوم الخميس تاسع عشريه توفي الشيخ أبو عبد الله محمد (2) بن محمد بن ميمون الجزائري المالكي المعروف بابن الفخار، كان من أهل الخير والصلاح ويؤثر عنه كرامات وله إلمام بالعلم وجاور بالمدينة سنوات وبمكة سنة وأكثر وبها مات ودفن يوم الجمعة قبل صلاة العيد مستهل شوال وقيل ان أبا عبد الله ابن عرفة كان يعتقده ويسأله الدعاء.
(1) إنباء الغمر 4/ 75، الضوء اللامع 12/ 100 (633).
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 60، إنباء الغمر 4/ 90، الضوء اللامع 10/ 23 (73).
ويومئذ توفي بالإسكندرية الأمير الكبير سيف الدين كمشبغا (1) مطعوناً في رأسه ومات له ابنان أيضاً في هذا الطاعون (*)، وكان كمشبغا المذكور لابن صاحب حماة رباه ثم قدمه للسلطان الناصر حسن فلما قتل يلبغا السلطان حسن أخذه فصار من جملة جماعة ثم صار رأس نوبة عنده فلما قتل يلبغا وصار قاتله أسندمر هو الكبير عظم أمره جماعة يلبغا فلما قتل أسندمر عاجلاً أخذوا جميعاً فأودعوا القلاع ونفوا من الديار المصرية ثم بعد مدة أخرجوا، ولما صار طشتمر دوادار الأشرف وكان من قبل دوادار يلبغا سعى في رجوعهم إلى القاهرة وأخذ مواعيد السلطان وغيره فلما قتل الأشرف وصار الأمر بعد أشهر للأميرين بركة وبرقوق أعطى هذا أمره عشرة بحلب ثم نقل إلى تقدمة بالشام ثم إلى نيابة حماة عوضاً عن أرغون الأسعردي أحد نظراء أستاذه بعد قتل الناصر كل ذلك فيما دون سنة ثم ولي نيابة الشام عوضاً عن بيدمر في نيابته الرابعة في رجب سنة ثمانين فأقام سنة ونصفاً ثم اعتقل ثم ولي نيابة صفد نحو نصف سنة ثم نقل إلى نيابة طرابلس بعد أينال ثم نقل إلى الإقطاع الكبير بالشام في نيابة بيدمر السادسة فأقام نحو عشرين يوماً ثم قبض عليبما وسجن لأنه أراد الفتك بالنائب فأقام نحو أربعة أشهر ثم نقل إلى بعلبك بطالاً ثم أعيد إلى نيابة صفد عوضاً عن مأمور فأقام نحو سنة ثم نقل إلى طرابلس ثانياً فأقام نحو أربع سنين ثم طلب فلما وصل إلى دمشق سجن بها فاستمر عشرة أشهر وعشرة أيام حتى أخرجه الناصري حين خرج من حلب على السلطان ووصل إلى دمشق في جملة المسجونين بالقلعة فتوجه معه إلى مصر فأعطى نيابة حلب فلم يلبث أن قبض على الناصري منطاش فخرج عن طاعته كمشبغا فبينا هو على ذلك إذ جاءه الخبر بخروج السلطان الظاهر من الكرك فقصده وهو على قبة يلبغا ظاهر دمشق ومعه العَدد والعُدد فلما كانت الوقعة كان هو الجاليش فانكسر وهرب إلى حلب فلما انتصر السلطان واستقر طلبه وخيره بين نيابة حلب أو
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 53، إنباء الغمر 4/ 77، الذيل على دول الإسلام 404، الضوء اللامع 6/ 230 (793).
(*) جاء في حاشية الورقة (185): وكان أحسن الناس شكلاً وداره بالسفاريين.
أن يكون أميراً كبيراً بعد، وجرى لكمشبغا خطوب مع عسكر منطاش حين كان بدمشق وحصار وبحلب فوصل كمشبغا إلى القاهرة في أوائل سنة ثلاث وتسعين فجعل الأمير الكبير فاستمر نحو ست سنين ثم قبض عليه السلطان وسجنه بالإسكندرية ثم أذن له في الخروج والدخول وفك قيده فلم يزل إلى أن توفي وله نحو سبعين سنة (*).
(*) جاء في حاشية الورقة (85 ب): ولما خرج برقوق إلى دمشق في سنة ثلاث وتسعين جعله نائب مصر ولما قدم في حلب اجلس فوق أينال، وكان أينال هو الأمير الكبير ولما مات أينال أخذ عنه نظر المارستان الصورى وقبض عليه في المحرم سنة ثمان مائة وسجن بالإسكندرية.