الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجب
أوله السبت وهو آخر آذار وخامس برمودة والعشرون من برج الحمل وترؤي الهلال ليلة الجمعة فلم ير وكان موضعه غيم كثيف وكان في الحساب أيضاً ممتنع الرؤية لأن نوره ثلث وعشر أصبع وبُعده أربع درج ونصف لأنه في ثاني عشرين الحمل ومكثه ست درج.
وفي أوائله توفي نائب الحسبة بالإسكندرية الشيخ ناصر (1) الدين محمد بن أحمد الموفق الإسكندري، وهو ممن سمع وحدث، سمع من الشرف ابن الصفي والجلال علي ابن القراب وكانت وفاته بالقاهرة.
ويوم الأحد ثانيه أول نيسان حصل في هذه الأيام برد شديد ووقع ثلج كثير غربي البلد وما حولها.
ويوم الثلاثاء رابعه حصلت صقعة أتلفت اللوز والجوز والمشمش وما خرج من الكرم والهليون وغير ذلك، ولم يسلم منها إلا بعض الأماكن العالية وكانت عامة في جميع بلاد الشام فحصل لأهل البساتين مصيبتان فسدت زروعهم بسبب قلة الماء ثم ثمارهم بهذه الصقعة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وليلة الثلاثاء حادي عشريه زاد نهر بردى زيادة بيّنة بسبب دفع العيون وقوتها ولله الحمد وكثر الماء في الأنهر وذلك في العاشر من نيسان وهذا
(1) إنباء الغمر 3/ 359.
تأخر عند العادة والأمر لله واستمر على ذلك مدة يسيرة، ثم رجع إلى ما كان عليه.
ويوم الأربعاء ثاني عشره وصل سواق من جهة النائب فأخبر بموت الأمير ناصر (1) الدين بن تلك الذي كان حاجبا بالقصير ودفن عند قبر معاذ رضي الله عنه وكان أحد المتكلمين بالغور في ناحية القصير (2) وبيسان (3) وكان تضعف لما توجه إلى الغور في نوبة الكشف على إياس ثم جاء وانصلح يسيراً ثم سافر إليه فكانت منيته هناك، ولم يخلف ولداً ورثه ابن معتق والده ابن غزلوا، وكان عضر عمارة في ناحية ..... فوقفها وكان لا بأس به وهو خير من غيره، وعمل استاددار الأمير إينال بدمشق ثم باشر الوقف المنصوري لما كان بيد أستاذه، ثم صار أميراً بطبلخاناة وذلك في ربيع الآخر سنة (95)، وحاجباً مدة ثم انفصل عن ذلك كله، وكان نائب الشام يميل إليه.
ويوم السبت نصفه توفي صاحبنا عماد الدين إسماعيل (4) بن الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن جرير الزرعي الأصل الدمشقي المعروف بابن قيم الجوزية، وقيم الجوزية هو أبو بكر، وكان من أبناء الستين وكان رجلاً حسناً اقتنى كتباً نفيسة كتب عمه الشيخ شمس الدين وكان لا يبخل بعاريّتها وكان يخطب بجامع خليخان ويخطب باكياً، وولي الخطابة بعد القاضي برهان الدين ابن النقيب علاء الدين نائب الحكم الحنبلي وخطب يوم الجمعة حادي عشريه.
ومن غريب ما وقع بعد موته أن رجلاً شاباً ادعى بنوته وكتب له
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 639.
(2)
القصير -قال ياقوت - وهو بلفظ تصغير قصر وهو قصير معين الدين بالغور من أعمال الأردن يكثر فيه قصب السكر- معجم البلدان 4/ 417 (9722).
(3)
بيسان -قال ياقوت -مدينة بالأردن بالغور الشامي جاء ذكرها في حديث الجساسة معجم البلدان 1/ 625 (2354).
(4)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 629، شذرات الذهب 8/ 610.
محضر شهد فيه جماعة فقاموا في معارضته وأثبتوا محضراً أنه ابن شخص آخر وحكم فيه.
ويوم الأحد سادس عشره قرئ كتاب السلطان بدار السعادة بحضرة القضاة والأمراء جواباً للمحاضر التي كتبت بسبب قتل ابن النشو وفيه العتب على الأمراء كيف مكنوا من ذلك وأن يقتل قاتله ويعاقب من نسب إليه الممالأة واستمروا بالإقطاع الإمرة مع ولده وكان في حياته باسم ولده أيضاً وولي شد المراكز شهاب الدين الحاجب.
وفي أوائله وصل صاحبنا علاء الدين بن الشيخ بدر الدين الأربلي الموصلي في القاهرة وعلى يده توقيع بنظر الجهاركسية عوضاً عن ابن العفيف بحكم عزله فلم يستحسن منه ذلك وقام ابن العفيف ينازع مع علامة النائب في الغور على توقيعه ثم قاضي القضاة.
وليلة تاسع عشره توفي قاضي مكة وابن قاضيها محب الدين أحمد (1) بن القاضي أبي الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلي النويري بعد عمه المقدم ذكره بأربعين يوماً، وكان مولده سنة إحدى وخمسين وسبعمئة وسمع من القاضي عز الدين ابن جماعة وغيره وحدث وولي قضاء المدينة قبل ذلك مدة، رأيته قاضياً سنة ثمانين.
ويوم الخميس العشرين منه وهو يوم خميس النصارى وهو التاسع عشر من نيسان طيف بالمحمل السلطاني حول البلد على العادة.
ويوم الأحد ثالث عشريه توفي الإمام محب الدين محمد (2) بن الشيخ الإمام جمال الدين عبد الله بن محمد بن هشام الأنصاري النحوي بالقاهرة وصلى عليه إماماً الشيخ سراج الدين وكان روى عن الميدومي حضوراً وأبي الفتح القلانسي والقاضي ناصر الدين محمد بن أبي عبد الله محمد التونسي،
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 627، إنباء الغمر 3/ 341، الدرر الكامنة 1/ 244 (630)، الذيل على دول الإسلام 388، العقد الثمين 3/ 123 (617) شذرات الذهب 8/ 609.
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 641، إنباء الغمر 3/ 359، النجوم الزاهرة 12/ 123، الذيل على دول الإسلام 391، بغية الوعاة 1/ 148 (245).
وهو من أئمة العربية متصدٍ لإقرائها كوالده بجامع الحاكم ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب النصر.
ويوم الاثنين رابع عشريه بعد طلوع الشمس جاء هواء عاصف قلع أشجاراً بالمزة كثيرة من زيتون وغيره وهدم بناء ودام نحو نصف ساعة.
ويومئذ قدم النائب من الغور بعد أن غاب شهرين وسبع عشر يوماً.
ويومئذ آخر النهار توفي القاضي شهاب الدين أحمد (1) بن القاضي تقي الدين محمد بن القاضي شهاب الدين أحمد الظاهري، كان خرج إلى الاجتماع بخاله القاضي سري الدين قبل توجهه إلى القاهرة فاجتمع به ثم رجع إلى الغور لأنه موقع فاستمر يباشرُ عند النائب فحصل له ضعف فقدم من قريب فمات يومئذ وصُلي عليه بالغد بعد طلوع الشمس بالجامع ودفن عند والده وجده بمقبرة الشيخ رسلان ولم يبلغ الخمسين، مولده فيما أظن سنة إحدى وخمسين، درس بالمجنونية، درست أنا وإياه في شهر واحد سنة أربع وسبعين وأعاد بالشامية الجوانية وولي قضاء العسكر ثم نزل عنه بدراهم لابن الأخنائي وعن الإعادة لغيره لمصادرة لحقته وكان أحد موقعي الدست، وباشر مرة نيابة النظر بالجامع وناب عن خاله قاضي القضاة سري الدين في نظر المرستان، وكان لا بأس به، وأمه سلمى بنت القاضي تقي الدين أبي الفتح السبكي.
ويوم الأربعاء سادس عشريه وصلت كتب من القاهرة مؤرخة بنصف رجب فيها أن قاضي حماة الشافعي بدر الدين ابن المعري والمالكي ولا أعرفه عُزِلا وولي بدل الأول ابن البارزي أُعيد إلى وظيفته وبدل المالكي رجل آخر كان حنبلياً وأن ابن القرشية رجل دمشقي وهو صهر القاضي بدر الدين القدسي، ولي وكالة بيت المال، وسمعت في هذا الشهر أيضاً بوفاة محمود (2) الذي كان استاددار السلطان بعدما أخذت أمواله وعوقب وهلك
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 628، إنباء الغمر 3/ 342، الدرر الكامنة 1/ 298 (751).
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 643، إنباء الغمر 3/ 364 الدرر الكامنة 4/ 3291 (894)، النجوم الزاهرة 12/ 124 الذيل على دول الإسلام 391.
في السجن وكان أولاً شاد الدواوين ثم تقرب من السلطان إلى أن جعله استادداره ومكنه من التصرف فحصّل ما لا يحصى كثرة من الأموال عيناً وعقاراً ومستأجرات وتجارات وعمارات ودخل في كل نوع وتعدى ظلمه الخاص والعام، وكان الخاصكية يحطون عليه ولا يلتفت إليهم استادهم إلى أن حصل له مرض أوجب التطلع إلى ماله فتقرب الناس بالنميمة إلى السلطان وأطلعوه على مواضع المال، وكان السلطان سأله عن شيء من ذلك فكتم ففحص عن ذلك فوجد كنوزاً كثيرة ثم صار في كل وقت يظهر له كنز، وقد كتبت ذلك فيما مضى، ثم أخذه وابنه فدفعهما إلى من يعاقبهما على ما بقي فمات بخزانة (1) الشمائل.
ويوم الخميس سابع عشريه وسادس عشرين نيسان أول بشنس، وليلتئذ عند العشاء توفي قاضي القضاة سري (2) الدين أبو الخطاب المسلاتي بالقاهرة كما سيأتي في الشهر الآتي وصُلي عليه بعد صلاة الصبح من الغد بجامع الحاكم ودفن عند والده بمقبرة الصوفية، ولم يدرك القضاة وغيرهم الصلاة عليه إلا على القبر لتبكيرهم به ودفنهم إياه في الغلس وإنما أدرك الصلاة عليه الشيخ سراج الدين والقاضي صدر الدين، واستقرت خطابة القدس عوضه للقاضي عماد الدين الكركي الذي كان قاضي مصر، وباقي وظائفه باسم ولد له وعين كاتبه لنيابته في تدريس الركنية ونظرها ومشيخة الظاهرية، وعين في تدريس الشامية الجوانية الشيخ شهاب الدين الملكاوي، وولي خطابة القدس القاضي عماد الدين الكركي بعدما سعى في ذلك القاضي بدر الدين ابن أبي البقاء فأُجيب بشرط أن يؤخذ منه تدريس قبة الشافعي، وأُخذ من الكركي ما كان أعطاه القاضي صدر الدين المناوي من وظائف القضاة فأُعطيت مشيخة الحديث بجامع طولون للشيخ زين الدين العراقي ودرس قبة الصالح للشيخ سراج الدين ابن الملقن ونظرها وشهاب الدين النحريري المالكي.
(1) خزانة شمائل - سجن كريه السمعة مكانه الآن جزء من جامع المؤيد بالقاهرة.
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 642، إنباء الغمر 3/ 360، النجوم الزاهرة 12/ 125، شذرات الذهب 8/ 616.
ويوم الجمعة ثامن عشريه أول النهار وصل القاضي شمس الدين ابن الأخنائي من حلب معزولاً ومعه أهله وذووه.
ويوم السبت تاسع عشريه سمروا تحت القلعة بضعة وعشرين نفساً ثم وسطوهم بعضهم تحت القلعة وبعضهم عند باب الجابية وهم الذين قبضوا بسبب ابن النشو، أُخذ بعضهم في النهب وبعضهم اتهم بإحراقه وبعضهم أقر بقتله، وبعضهم لم يفعل شيئاً من ذلك.
وقيل لي أن فيهم صبياً أو صبيين، وأغرب من هذا أن رجلاً ممن اتهم بأنه حمل رأسه طلب فهرب فقبض على أخ له وسجن فقتل فيمن قتل، وحكى ما هو أغرب من هذا وهو أن رجلاً كان نائماً في مسجد تحت القلعة فلما جيئ بالمذكورين من السجن أُدخلوا إليه ثم أُخرجوا منه للقتل فخرج معهم فقبض عليه، فقال: لست معهم أنا كنت نائما بالمسجد، وعدد الذين جيئ بهم معلوم فلم يلتفت إليه وقتل معهم.