الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورة الوقعة بين الرملة وغزة بين العسكر المصري والشامي
كان ذلك يوم السبت ثالث عشريه لما رجع القاضي ومن معه من عند نائب الشام وقد أدوا إليه الرسالة وهي تخيّره بين أن يصير إلى مصر أميراً كبيراً وبين أن يرجع إلى الشام نائباً كما كان بعد أن يرسل الأمراء الذين عيّنوهم إلى القدس فأجاب بما مضمونه عدم الموافقة، بعد أن قال "أنا مملوك السلطان وفي طاعته".
ركب السلطان والعسكر، خرجوا من غزة وكان العسكر الشامي قد ركبوا في أثر الرسول فالتقوا بين بيدراس وبين غزة ووقع القتال، وقاتل نائب الشام وطائفة من الأمراء كنائب طرابلس وجلبان قتالاً شديداً وثبتوا فحمل المصريون على مسيرتهم فكسروها وكان النصر، فولى جمهور العسكر ولم يتأخر سوى النائب وطائفة قليلة فمالوا عليهم وقبضوا على النائب ونائب حلب ونائب طرابلس وجماعة من الأمراء، وهرب بغير قتال إيتمش وطغري بردي وطائفة واختفى جلبان وابن الشيخ علي وغيرهما في بعض بيوت بنواحي الرملة، ثم جاءوا بالأمان وأخذ أمان لطغري بردي وطلب فلم يوجد لأنه ممن هرب نحو الشام.
يوم الأربعاء سابع عشريه وصل الخبر بأن أربعة أُمراء عند شقحب ومعهم جماعة من الذين هربوا فتوجه إليهم العسكر الذين نزلوا بدمشق وهم قرابغا الحاجب والأمير محمد بن منجك والأمير محمد بن الأمير إبراهيم بن
منجك وابن سودون العلائي لابسين آلة الحرب فوجدوهم عند خان ابن ذي النون وهم إيتمش وطغري بردي وطيفور الحاجب ويلبغا اللكاش فلم يزالوا بهم حتى أذعنوا إلى الطاعة والعود محتفظاً عليهم فقدموا بهم فأدخلوهم إلى دار السعادة فأُودعوا هناك ولم يمكنهم متولي القلعة من دخولها.
ويوم الخميس ثامن عشريه اشتهر بدمشق أن قاضي القضاة بدر الدين بن أبي البقاء كان مع العسكر وأنه خلع عليه بقضاء دمشق عقيب الوقعة، وأن الأمير ناصر الدين ابن الصارم أخذ نظر الأسرى والأسوار.
ويوم السبت آخره وصل الأمير ناصر الدين ابن الصارم على البريد وشرع في تحصيل شعير وأمور تتعلق بالدولة وسلّمت عليه وأخبرنا بالأمور وبأن ما ذكر من أمر قاضي القضاة بدر الدين لا أصل له.
ويوم السبت ثالث عشريه توفي شيخ (1) العربية بالديار المصرية شمس الدين (*) الغماري.
ويومئذ وهو الثلاثون منه أول برمودة.
وفيه بعد خروج السلطان خرج يلبغا المجنون الذي كان استاددار مخدومه الظاهر وكان قد سجن في أول دولة السلطان الناصر في عدة من الأمراء كما أرّخنا ثم أطلقوا بعد ذلك وتركوا بدمياط، فلما توجه السلطان إلى الشام أرسل ليقبض عليهم فسجنهم كيلا يحدث منهم شر فلم يطيعوا وقام يلبغا هذا وعاث ببلاد مصر فساداً ونهب الأموال وصادر ذوي الثروة حتى قيل أنه أخذ من بعض أعيان تلك البلاد ألف ألف درهم، فجرد إليه جيش فكسرهم وأسر أعيانهم فسبق وغيره ووصل إلى المطرزية على باب
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 135، إنباء الغمر 4/ 179، الضوء اللامع 9/ 149 (377) بغية الوعاة 1/ 230 (415) شذرات الذهب 9/ 35 كفاية المحتاج 360 (941).
(*) جاء في حاشية الورقة (101 أ): ليس بخطه، الغماري شمس الدين محمد بن محمد بن علي الغماري المصري المالكي، مولده سنة عشرين وسبعمئة وأخذ العربية عن أبي حيان وكان وافر الفضيلة بها وفي متعلقاتها مع إلمام بمذهبه وروى عن أبي حيان وقرأ معه على العلائي والشيخ خليل المكي والعفيف المطري وغيرهم سامحه الله.
القاهرة فخرج بيبرس وغيره من الأمراء فكسروه وخلصوا المأسورون وأقلب هو وهرب، وقيل أن هذه الوقعة كانت يوم السبت في اليوم الذي كانت فيه الوقعة بالشام.
وفي العشر الأخير توفي شمس الدين محمد بن أحمد (1) بن أبي الفتح بن إدريس الدمشقي ابن السراج أخو المحدث عماد الدين، سمع من ابن الشحنة صحيح البخاري ومن محمد بن أيوب نقيب الشامية وأحمد بن الجزري والحافظ البرزالي.
(1) إنباء الغمر 4/ 172، الضوء اللامع 6/ 293، شذرات الذهب 9/ 33.