الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
ابن حجي رحمه الله وكتابه التاريخ
سيجد القارئ الكريم لهذا الكتاب أن مصنفه رحمه الله تميز فيه بعدة جوانب أهمها:
أولًا - اهتمامه بالمدارس والدروس فيها، فالمصنف رحمه الله يصف المدارس ومواعيد الدروس فيها والكتب التي تدرَّس ومن يُدرِّس فيها والأوقاف القائمة عليها وإعادة تجديدها، ولهذا صنف كتاب الدارس في أخبار المدارس.
ثانيًا - اهتمامه الفلكي وما يترتب عليه، يلاحظ أن المصنف رحمه الله متابع بكل دقة مواعيد الأهلة وتواريخها وما يقابلها بالشهور القبطية والإفرنجية ومواسم المطر وأحواله عبر السنين وأثر ذلك في الحياة العامة من خصب وجدب وما يترتب على ذلك من صلاة استسقاء والاستعداد لذلك بالإضافة إلى صلوات الخسوف والكسوف.
ثالثًا - الاهتمام بالعمارة ومتابعتها، فنجده رحمه الله يتابع بناء الأسواق والقيساريات والأبنية العامة مثل الحمامات والأسوار خاصة بعد تعرّض دمشق لغزو تيمورلنك في عام (803 هـ) ويصف عمليات البناء ومن قام عليه وأنفق وكم تكلف ذلك وكيف سار العمل فيه بكل دقة ومتابعة.
رابعًا - يتابع أسعار العملة وإعادة سكّها ويبين الغش فيها، انظر (ص 352) وتدخل الولاة في ذلك وتأثيره على الغلاء والرخص في قيمة المواد الإستهلاكية من خبز ولحم وزيت وسوى ذلك من المواد.
خامسًا - يهتم بالحياة الاجتماعية العامة وما يقع فيها من حوادث يومية من أعراس وأعياد أو افتتاح لسوق أو إعادة ترميم لحمام، ويصف مواسم الحلوى ودخول الفاكهة من توت ومشمش ووفرة القمح والشعير أو ندرة هذه المواد وحاجة الناس إلى أكل الجراد، أو يتابع ما كان في حديث حريق دمشق والضرر الحاصل من ذلك، ويهتم بحركة خروج المحمل الشامي ومن حج من الأعيان والعلماء والعباد والزهاد ومن جاور منهم وأمير الركب
وقاضيهم، ويتابع سير المحمل في الذهاب والعودة وما يتعرض له من أحوال.
ويقف عند حوادث دقيقة خاصة لا يدعها تفوت لتبقى واصفة لحال الناس في عصره فيذكر مثلًا حادثة قتل قاضي حماة لزوجته وما دار فيها من ملابسات ومسألة قتل ابن النشو أثناء صلاة الاستسقاء واهتمام السلطان بذلك ودقة التحقيق للوصول للجناة، أو يذكر مسابقة تقع بين أهل السوق وما جرى فيها والقبض على مزوّر للعملة وعنده آلات سك العملة (ص 352)، وسوى ذلك من دقائق الأمور وخواصها مؤكدًا أن التاريخ هو حياة الناس وأحوالهم وليس خاصًا لعلية القوم من القادة والأمراء والعسكريين.
سادسًا - أما عن الناحية الإدارية فهو يسجل في مقدمة كل سنة وبكل دقة تنصيب الولاة وعزلهم والقضاة وسعيهم في المناصب ويعلق بأسى على تردي حال القضاة والرشوة في الحصول على المناصب ويذكر مناصب الدولة ومن توّلاها من حاجب وكاتب للسر ومحتسب في البلاد الشامية والمصرية وغيرهم. ويدقق في ذلك حتى أنه يصف طريقة الحصول على ورقة الإذن بالسفر لموظفي الدولة انظر (ص 137).
سابعًا - المصنف رحمه الله في الدرجة الأولى مؤرخ يسجل الأحداث ويفصّلها بكل دقة ويعلّق عليها ويتابع حركتها وأسبابها ونتائجها أولًا بأول، ويشمل تدوينه ما يدور في البلاد الشامية والمصرية وما يؤثر عليها من أحداث في بلاد الشرق واصفًا قيام الدول وسقوطها في بغداد وسمرقند وبورصة وأخبار سلطان بغداد وخان التتار وسلطان العثمانيين وسلاطين المماليك ونزاعهم على كرسي المملكة وأشراف مكة والمدينة والحروب بينهما وأخبار شيوخ الأعراب وآمراء التركمان وتدخلهم في التأثير على الحياة العامة.
بالإضافة إلى اهتمامه بتدوين التراجم وتسجيل الوفيات بكل دقة وحرص.