الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر ذي القعدة
أوله الثلاثاء سادس عشر تموز وثاني عشرين أبيب في الدرجة الأولى من برج الأسد.
وفي أوله سافر النائب إلى ناحية الغور يكشفه.
ويوم الأربعاء ثانيه آخر النهار توفي القاضي تاج الدين أحمد (1) بن القاضي فتح الدين محمد بن إبراهيم بن الشهيد مطعونًا انقطع خمسة أيام بمنزله
…
التي لهم وصُلي عليه أول النهار بالجامع ودفن بمقبرة الصوفية بالقطعة العالية من غربيها بتربة لهم لا سقف لها وكان في عشر الخمسين وربما بلغها وكان اشتغل في صغره ودرس بالطيبة سنة اثنين أو ثلاث وسبعين ثم ولى قضاء العسكر مدة إلى أن أخذه منه سري الدين (*) ثم درس بالظاهرية بعدها ولم تزل بيده إلى أن توفي، وكذلك نظر الأسرى وكان في أيام سعادة والده مقصودًا معظمًا وعنده رياسة وعقل وسؤدد ومعرفة ومداراة للناس وخبرة بالأمور، وباشر نظر الأسرى مباشرة جيدة وحصل أوقافًا وثقر وزادت في أيامه أجور الأوقاف، وكان محببًا للناس وعنده فضيلة في الإنشاء وكان خبيرًا بصنعة الكتابة صالحًا لوظيفة كتابة السر مرجحًا على غيره فيها.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 671، الدرر الكامنة 1/ 242 (619) إنباء الغمر 3/ 402، شذرات الذهب 8/ 620.
(*) جاء في حاشية الورقة (72 أ): في سنة خمس وسبعين إلى أن عزل منه أول سنة ثمان وسبعين.
ويوم الخميس قبل العصر ثالثه توفي الشيخ المعدل زين الدين عبد الرحمن (1) ابن أمين الدين سالم ابن صدر الدين سليمان بن غزي البصروي الأصل الدمشقي ببستانه بمرج الدحداح، انقطع أيضًا أيامًا قليلة ودفن من الغد قبل صلاة الجمعة بمقبرة الصوفية وقد كمل تسعًا وسبعين سنة وطعن في الثمانين، كان مولده كما أخبرني يوم مات كتبغا حاجب الحجاب بدمشق في شوال سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وتربى بالشامية البرانية وهو ابن أخي شمس الدين وشهاب الدين ابنا الفقيه صدر الدين ابن غزي أعرفهما وقد حدث عن نقيب الشامية وعاملها شمس الدين محمد بن أيوب بن خازم -بالخاء المعجمة- وكان أقدم شهود الحكم شهد على الحكام من أكثر من خمسين سنة وكتابته جيدة أصيلة ويعاني المباشرات والكتابة، باشر في الصدقات زمانًا طويلًا وفي غير ذلك من الأوقاف وكان صحيح البنية وجاءه أولاد كثيرة ومات له ابنان كبيران شابان حسنان وخلف بعد ذلك أولادًا كبارًا.
وليلة الرابع منه بعد العشاء توفي الشيخ العالم المفتي شهاب الدين أحمد (2) بن القاضي مجد الدين عبد الوهاب بن عبد الرحيم ابن الجباب الشافعي مرض وهو متوجه إلى الحجاز بعد بصرى فأدركه أجله في أسفل العقبة وهم سائرون ودفن بالضحى عند الطبيلية وعاش ثلاثًا وستين سنة لأنه أخبرني أن مولده سنة سبع وثلاثين وسبعمئة ثم رأيت بخطه في سابع عشرين رجبها فكمل ثلاثًا وستين وثلاثة أشهر وسبعة أيام ..... ولد ببيت الإعادة من المدرسة الأسدية ظاهر دمشق كان أبوه مصريًا أقام بدمشق وأعاد بالرواحية والأسدية المذكورة، ودرس ثم توجه بعد سنة خمسين إلى قضاء الشوبك فخرج عنه الإعادتان بتولية قاضي القضاة تقي الدين السبكي الرواحية لسبطه ابن أبي الفتح والأسدية لوالدي، وتوجه بأولاده وأهله فلما توفي سنة بضع وستين قدم أولاده إلى دمشق مجلس شهاب الدين هذا شاهدًا بمركز
(1) * * * *
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 670، الدرر الكامنة 1/ 196 (505)، إنباء الغمر 3/ 40.
الطيوريين بباب الجابية، وكان بيده التدريس المذكور يسكن به ثم صحب القاضي تاج الدين في أيام محنته فقربه وأحسن إليه وولى بعد ذلك مباشرات ودخل بين الفقهاء ونزل بالمدارس ولم يشتغل على شيخ وإنما كان يطالع ويشتغل وحده ويقال ان ابن شجرة أذن له بالإفتاء، ثم صحب القونوي فكان يرسل معه الرسائل ثم إنه ترك المدارس أيام القاضي ولي الدين وجلس بالجامع يشتغل ويفتى لا ينازعه في ذلك أحد وكان قاصرًا في العلم مع اعتقاده أنه عالم وكان يرجع إلى دين ويواظب الصف الأول في صلاة الصبح مع الإمام الكبير ودرس بمدرسة ابن مكي بصيدا وكان يتردد إليها ويعاني الفتوة وآلات الحرب، وأخذ عن القونوي وولاه الباعوني مشيخة خانقاه القصر ونزلت له عن مشيخة إسماع الحديث باشرها في رمضان سنة سبع وسبعين بجامع تنكز التي تلقيتها عن ابن كثير فكان يواظبها وتعجبه المشيخة وان يذكر بالعلم والصلاح وكان فيه إحسان إلى طلبته وهم ناس مخصوصون ويسعى لهم عند الحكام وعنده مروءة وعصبية وكان يحج كثيرًا وله ثروة ويتجر في سفر الحج وولي مرة في أيام منطاش نظر المارستان النوري وكان يستناب بآخره في الخطابة بالجامع ولأهل صيدا وتلك النواحي فيه اعتقاد كثير في العلم والصلاح وكان ينهى أحيانًا عن المنكر وفي طريق الحجاز ويعلم الناس من أمور دينهم فرحمه الله تعالى وإيانا.
ويوم الأحد سادسه باشر القاضي تقي الدين أبو بكر بن الربوة نيابة الحكم بالنورية خمس أيام ثم عزل يوم الخميس عاشره ثم ولي مكانه رجل يقال له ابن القرشية يوم الاثنين رابع عشره يقال أنه عَريٌ من العلم مع الوضاعة وهو صهر القاضي بدر الدين القدسي، وقد سعى في العام الأول في وكالة بيت المال ووليها ثم عزل في هذه السنة.
وليلة الثلاثاء ثامنه توفي نجم الدين أحمد (1) بن محمد بن عثمان بن الجناني نقيب الغزالية وعاملها وعامل الأمينية مطعونًا انقطع يومًا واحدًا بعدما مات قبل ذلك ابنيه وزوجته وخلف ولدًا وكان في البستان فنزل أمس آخر
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 671، الدرر الكامنة 1/ 280 (715) إنباء الغمر 2/ 403.
النهار إلى المدينة فتوفي وأظنه جاوز الأربعين وكان عليه الاعتماد في المباشرات بالمدارس وضبط الفقهاء وهو مشكور في ذلك وعنده مداراة والناس يحبونه وقد حفظ كتابًا ويكتب جيدًا ويشهد على القضاة ويعرف صنعة الكتابة، فأُعطيت وظائفه لولده الصغير ويستناب عنه أخوه.
ومات أيضًا ولد الشيخ بدر الدين محمد بن مكتوم صغيرًا وكانت وظائف أبيه منذ مات سنة سبع وتسعين باسمه فولي إعادة العادلية الصغرى الشيخ القاضي شهاب الدين الملكاوي ووليت مشيخة الحديث بالمدرسة الناصرية فأعطيتها للشيخ جمال الدين ابن الشرائحي ولم أقبلها وأما تصديره على الجامع فاستقر بعدما كان القاضي عينه لابن الحسباني القاضي شهاب الدين ولمحيي الدين المصري باسم .....
ويوم الخميس عاشره أول مسري، وفي هذه الأيام خف الموت بالطاعون وتناقص العدد إلى ما دون الثلاثين في الديوان بعدما كان انتهى إلى نحو السبعين ويقال أكثر وكان ذلك خارجًا عن المارستانين وعن موتى الصالحية والقبيبات وغير ذلك فيظن أنه كان يبلغ ما حول المائة وخمسين فتناقص بهذا الاعتبار إلى الثلث ولكن كثرت الأمراض بالحميات وغيرها.
ويوم الأحد الثالث عشر منه حضر القاضي الدرس ولم يحضروا في هذه الأيام شيء لاشتغال الناس بالطاعون وموت جماعة مصادفًا لأيام الحضور والعادة أن يبطل إذا حضروا من العشر الأوسط من هذا الشهر فشرعوا الحضور فيه ودرس شهاب الدين الغزي يومئذ بالناصرية لتوليته إعادتها نزل له ابن الحسباني عنها وكان تولاها عوضًا عن ابن مكتوم حين توفي وكان هو الذي نزل عنها لابن مكتوم فولاه القاضي علاء الدين إياها بعد موته واستثناها من وظائف ولده وكاضوا ينازعون في ذلك فصادف موت ولد ابن مكتوم وكان النزول عنها من مدة.
ويوم الاثنين رابع عشره دخل النائب وكان سافر لكشف الغور من أول الشهر، وجاء الخبر بأن صاحب سيواس برهان الدين القاضي قتل.
وفي العشر الأوسط وصل الخبر بعزل ابن الدماميني شرف الدين
محمد بن معين الدين محمد بن بهاء الدين عبد الله من نظر الجيوش المنصورة وتولية الوظيفة لناظر الخاص سعد الدين إبراهيم المعروف بابن غراب، ووصل محضر من بيروت عليه خط قاضيها يتضمن صدور ألفاظ وأفعال من واليها ابن بولاد يقتضي بعضها الزندقة والاستهتار بالدين والنقص للنبي صلى الله عليه وسلم والانحلال من الدين.
ويوم الخميس سابع عشره أول آب وقد خف الموت بالطاعون ونقص العدد إلى دون الثلاثين وكثرت الأمراض الحادة والموت أيضًا بها.
وبعد عصر يوم الأحد العشرين منه توفي جمال الدين يوسف (1) بن علاء الدين علي بن عيسى بن السلادار مطعونًا انقطع سبع أيام، وكان ساكنًا بخانقاه المجاهدية على الميدان فمات بالحمصية تجاه الشامية الجوانية عند صهره السويدي، وكان والده لما توفي خلفه وأخاه أحمد وهما متقاربان في السن وأخًا ثالثًا اسمه عبد الله أصغر منهما صغارًا كلهم ونزل لهم عن وظائفه وحدثت لهم وظائف وكلهم مشكورون، وكانت أم هذا يوسف تزوجها والده وأسكنها بالمجاهدية المذكورة.
ويوم الخميس ثالثه توفي القاضي الفقيه العالم زين الدين داود (2) بن سعيد بن زيد الحسباني بصرخد وهو في عشر الستين قدم دمشق طالبًا وأقام بالبادرائية مدة طويلة ثم تزوج وتنزل بالمدارس، وولي بآخره قضاء بيت جنا مدة يسيرة في آخر أيام الباعوني ثم ولاه القاضي سري الدين قضاء قاقون ثم ولي قضاء الخليل مدة يسيرة ثم ولي في هذه السنة قضاء صرخد أشهرًا ومات بها وكان نزل عن وظائفه قبل سفره لابن بنته.
ويوم الأربعاء ثالث عشريه توفي القاضي ناصر الدين محمد (3) بن قاضي القضاة جمال الدين محمود بن الشيخ سراج الدين أحمد بن مسعود القونوي الأصل المعروف بابن السراج الحنفي وصُلي عليه بعد طلوع
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 687.
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 675.
(3)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 686، إنباء الغمر 3/ 414.
الشمس بجامع تنكز ودفن بمقبرة الصوفية عند والده بالقطعة الشرقية من أسفل وله اثنان وستون سنة لأن مولده فيما أخبرني سنة ثمان وثلاثين وسبعمئة ولم يشب وكان أسمر طويلًا عريضًا حفظ مجمع البحرين ودرس بالخاتونية سنة بضع وستين ثم ناب لأبيه في الحكم ثم للهمام ابن القوام ثم لابن الكفري، وكان أقدم قاضي لأنه حكم من أكثر من ثلاثين سنة وولي أيضاً قضاء العسكر وكان كثير المروءة والأدب ولكنه كان سيئ السيرة في القضاة ولي مكانه تدريس الخاتونية القاضي أمين الدين كاتب السر ونظر الخاتونية بالصالحية ولد القاضي الحنفي.
ويوم الخميس رابع عشريه لبس الحاجب شهاب الدين أحمد بن البريدي خلعةً بتوليته نيابة القدس، وجاءت الأخبار بأن النيل بلغ ستة عشر ذراعًا وكسر الخليج في يوم السبت تاسع عشره عاشر مسري وثالث آب.
وجرى في هذا اليوم كائنة عجيبة وهو أن علي بيه أحد خواص السلطان أظهر أنه مريض وأكمن مماليكه في داره لابسة أداة الحرب على أن السلطان إذا مر وقصد عيادته أن يغتالوه فلما رجع السلطان نمى إليه الخبر عند وصوله إلى الدار فأسرع الطلوع إلى القلعة فلما بلغ ذلك علي بيه وجماعته ركبوا في آثارهم وباشروا القتال لبعض مماليك السلطان فلما طلع السلطان إلى القلعة تفرقوا فقبض على علي بيه وأحضر بين يدي السلطان فقرره وعصره من كان معه فلم يُقِر على أحد فلما كان في الليل خنق.
وكان استاددار السلطان قد تخلف يومئذ فظن السلطان أنه كان مع علي بيه فقبض عليه ونهب داره كما نهب دار علي بيه ثم إن السلطان تحقق أنه لم يكن معه فأطلقه وخلع عليه فقام مماليك السلطان وقالوا: ولا الوزير، فآل الأمر إلى أن قبض على الاستاددار ولا يدري ما فعل به.
ويوم السبت سادس عشريه توفي خطيب العدل المعمر شمس (1) الدين محمد بن محمد بن منصور الرسولي أحد شهود تحت الساعات وأقدمهم
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 686.
وكان رجلًا جيدًا سألته عن مولده فأخبرني ثم نسيت فأخبرني الرملي أنه أخبره أنه سنة إحدى عشره وسبعمئة وهو مع ذلك يجيء إلى أبواب الحكام ويؤدي الشهادة ويكتب.
وأول ليلة الأحد سابع عشريه توفي علاء الدين علي (1) بن سليم بن موسى الحجاوي الحنفي بمنزله قاعة دار الحديث بالقصاعين عن نيف وخمسين سنة وكان أصغر من أخيه شمس الدين المتوفى قبله بسنة وسبعة أشهر وأيام وكان لهذا مداخلة مع القضاة وغيرهم وله مالية وصلي عليه ضحى النهار بالجامع ودفن بتربة حموه ابن عامر داخل مسجد قبلي تربة ابن بهادر .....
وفي أواخره يوم الثلاثاء (29) وصل دوادار السلطان الأصغر اسمه منكلي بغا فنزل القصر.
وفيه سمعت بوفاة ابن
…
نقيب قضاة بعلبك بها واسمه علاء الدين علي.
وفيه توفي تقي الدين أبو بكر (2) بن محمد المعروف بابن الجمل نقيب ابن النجا الحنبلي وكذلك كان أبوه وكانت له مالية زائدة ويتجر في القسي (*).
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 678.
(2)
الدرر الكامنة 4/ 239 (637).
(*) جاء في حاشية الورقة (73 ب): سيف الدين ..... العلائي الخازندار كانت ميتته في هذا الشهر وكان السلطان قد أنعم عليه بطبلخاناة ثم في جمادى الأولى من هذه السنة نقله إلى تقدمة ألف وجعله رأس تقدمة كبير.