الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر ربيع الآخر
أوله السبت ثاني عشرين كانون الأول وسادس عشرين كيهك التاسع من برج الجدي.
وليلة الاثنين ثالله وقع مطر غزير جدًا في عامة الليل ومن الغد ومعه ثلج كثير وذلك في الرابع والعشرين من كانون الأول وهو يوم الميلاد، ولى يزل المطر يقع متواترًا إلى أثناء ليلة الثلاثاء ثم أعقبه ثلج وأصبح واقعًا يومئذ وصار في الأرض مرتفعًا، واستمر يقع متواترًا بقية اليوم ثم ذاب في يوم الأربعاء وبقي بعضه إلى يوم الخميس وكان يومئذ برد شديد وجمد الماء واستمر البرد وجمد الماء ويبوسته وما بقي من الثلج الذي لم تذبه الشمس أسبوعًا ثم حصل غيم فانكسر البرد، هذا والثلج كثير جدًا، ولم يزل الأمر كذلك إلى أن وقع مطر في تاسع عشره.
ويوم الجمعة سابعه أول طوبة.
ويوم الثلاثاء حادي عشره أول كانون الثاني وصادف بردًا شديدًا.
وغلا اللحم في هذا الشهر فكان يباع كل رطل بستة وربما بيع بأكثر وبخمسة ونصف ثم وصل إلى سبعة وكل شيء غال، والأرز كل رطل بثلاثة وأكثر والدبس كذلك والحب رمان كذلك والخضروات، والزيت كل رطل بستة والسيرج بثمانية، والخبز يباع كل نصف رطل بدرهم أو أقل وكثر السؤال وامتلأت الطرق منهم والناس في شدة والله تعالى يلطف وهو اللطيف الخبير.
ويوم الأربعاء تاسع عشره وليلته أيضًا وقع مطر كثير انكسر البرد الحاصل بسبب الثلج الواقع قبل ذلك وذلك في التاسع من كانون الثاني.
ويوم الجمعة حادي عشريه في الساعة السابعة بين الجمعة والعصر نقلت الشمس إلى برج الدلو في الحادي عشر من كانون الثاني والثامن من طوبة.
ويوم الأحد بكرة ثالث عشريه توفي الشيخ شمس الدين محمد (1) بن أبي بكر المعروف بابن الحلواني المؤذن فجأة وهو قاعد يقرأ في السبع الذي عند الغزالية، مال في أثناء القراءة على رجل فأماله إلى الأرض فلما فرغوا من السبع حركوه فوجوده ميتًا، وكان به ضعف يسير سالف لا يمنعه عن مباشرة وظائفه وقد جاوز السبعين، وصلي عليه عقيب صلاة الظهر بالجامع ودفن بمقبرة باب الفراديس، وكانت جنازته مشهودة حضرها خلق كثير، وكان من قدماء المؤذنين بالجامع الأموي وحياته، بلغني عنه أنه باشر الأذان اثنين وخمسين سنة، ثم جُعل من سنوات لما قُسمت نوبة المؤذنين ثلاث نوبات رئيسًا على النوبة الزائدة، ثم اشترك معه ابن الحسباني واستقل الآن بعد موته.
وكان ابن الحلواني رقيق الصوت وفيه بحة يسبح طيبًا ويعمل زمانًا طويلًا ولا يتعرضونه وحج كثيرًا وكان يخرج مؤذن الركب وبيده ولاية به وإذا لم يخرج خرج من يعينه، وكان يحفظ القرآن قرأه على كبر على شيخنا ابن حبش، ولما توفي كثر الساعون في وظائفه وظهر نزول لابنه قديم سنة سبع وخمسين ممضًا ونزول آخر متأخر.
وجاءت الأخبار بوفاة أمير آخور (2) السلطان تاني بك في يوم الخميس. رابع عشره كذا أرخوا وبوفاة دوادار الدوادار وبضعف الدودار قلمطاي ونوروز الحافظي وأمراء كثر.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 681.
(2)
إنباء الغمر 3/ 403، الدرر الكامنة 1/ 516 (1404) النجوم الزاخرة 12/ 161 المنهل الصافي 4/ 11 (754).
ويومئذ بين الظهر والعصر وقع مطر كثير جدًا ودام قويًا والميازيب جارية إلى الغد إلا أوقاتًا ينقطع فيها ولم ينضبط وكذلك من الغد وأصبح جبل قاسيون مثلوجًا وكذلك غيره من الجبال وذلك في ثالث عشر ورابع عشر كانون الثاني.
ووقع أيضًا في يوم الثلاثاء بين الظهر والعصر وكان كثيرًا جرى منه الميزاب مدة طويلة، ثم وقع ليلة الأربعاء لنحو ما وقع ليلة الاثنين كثرة وأصبح قاسيون أيضًا مثلوجًا ووقع يومئذ أيضًا مطر وبرد وليلة الخميس أيضًا وأصبح ثلج على قاسيون ويوم الجمعة يسيرًا، وأما جبل ..... وغيره فلم يزل الثلج عليه منذ أيام ويتزايد ولله الحمد.
ويوم الثلاثاء خامس عشريه وكان في أيام مطيرة توفي الشيخ الخطيب المعدل المعمر بقية المسندين علاء (1) الدين أَبو الحسن علي بن محمد بن أبي المجد بن علي بن الصايغ، وكان والده خطيبًا بعين (2) ثرما ثم بمسجد الجوزة فيما بلغني، ويقال له أيضًا ابن خطيب عين ثرما سبط القاضي نجم الدين الدمشقي وهو مشهور بابن الدمشقي - بمنزله ظاهر باب الفراديس بمسجد الجوزة، وصُلي عليه عقيب صلاة الظهر هناك ودفن بمقبرة باب الصغير، مولده في شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة، سمع من وزيره وابن الشحنة ثلاثيات الصحيح، وسمعه كاملًا على وزيره انفرد به عنها وبعضه على الحجار وسمع على القاسم ابن عساكر وابن مشرف وغيرهما، وأجازه سنة ثلاث عشرة جماعة منهم الدشتي والقاضي سليمان والمطعم وابن عبد الدائم وابن مكتوم وابن سعد، وكان يخطب بمسجد الجوزة ويشهد على الحكام من زمن قديم، وحدث وسمع عليه ثم احتيج إليه لما مات رواة الصحيح عن وزيره وكان سمعه منها وهو آخر من روى عنها بالسماع وطلب لذلك إلى القاهرة في سنة ثمان وتسعين وسمع عليه هناك الصحيح وغيره، وأقام هناك أكثر من سنة ثم جاء في أوائل الشهر الماضي وانقطع
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 679، إنباء الغمر 3/ 407، شذرات الذهب 8/ 622.
(2)
عين ثرما - قال ياقوت - قرية في غوطة دمشق 4/ 200 (8704).
بمنزله إلى أن توفي، نزل عن وظائفه لسبطه البرهان إبراهيم ابن القاري وهو الذي كان يخطب مدة، وكان مغ ذلك يتسرى إلى آخر وقت وهو شيخ هيئة حسنة ولباس حسن، أدى عندي غير مرة.
وفيه ادّعي على علاء الدين علي الحموي الذي كان معيداً بالبادرائية ثم صار مدرسأ بها بعد وفاة ابن الشريشي، وكان اتفق معهم على ستة آلاف يعطيها للورثة نائب القاضي شرف الدين واستقر الأمير على ذلك، فلم يمض الباعوني النزول وقال: لا يصلح، ثم إنه قرره فيها وأخذ منه تصدير واتفق مع القاضي ولم يعط بنات الشيخ شيئاً بعد ما أمر لهم وقبضوا واستعاده منهم بإذن الباعوني، فماتت البنت الواحدة وورثتها أختها وبيت المال من مدة فسلطوا وكيل بيت المال في هذه الأيام فادعى بما يخص بيت المال من ذلك المال فأنكر وحلف، ثم أقيمت عليه البينة وثبت المال جميعه عليه ورسم عليه بالعادلية ثم أثبت أن بينه وبين الشهود عداوة، وصالح وكيل بيت المال على ألفٍ وشيء.
ويوم الأحد آخره آخر الأربعينيات وشدة البرد وهو العشرون من كانون الثاني، وقرأت كتابًا من طرف الغور مما يلي صفد أنه وقع مطر هناك من يوم السبت ثاني عشريه إلى ليلة الجمعة القابلة كثيرٌ جدًا قال فيه: ما رأينا الشمس سبتًا ووقع عقبه ثلج على صفد وأن السبل انقطعت، ثم قرئ عليّ كتاب من كائب السر من الغور يقول فيه أكثر من ذلك وأنه لم يجتمع بالنائب ثمانية أيام حال بينهما كثرة المطر، وأظن هذا المطر ...... بعد ذلك الذي في الكتاب الأول فإنه ورد في جمادى الأولى.