الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفر
في الحساب يرى ليلة الجمعة لأن بُعده عشر درج، الشمس اثنا عشر درجة وثلاثة أخماس إذ هو في درجة ونصف في القوس ومكثه ثمان درج ونصف نوره ثلثان وعشر وخمس ليلة السبت آخر الحادي والعشرين من برج العقرب رابع تشرين الثاني ورؤي بالقاهرة الهلال ليلة الجمعة.
ويوم الأحد ثانيه توفي القاضي شهاب الدين أحمد (1) بن محمد بن محمد الباذيني المالكي نائب الحكم بالقدس الشريف وصل الخبر بذلك يوم الجمعة سابعه وكان من الذين توجهوا إلى الغور بسبب الكشف فضعفوا كلهم إلا ابن السراج، فمنهم من توجه إلى القدس منهم الباذيني المذكور وبرهان الدين القرشي أحد شهود الحكم الحنبلي، ومنهم من رجع إلى دمشق مريضاً وناقهاً وسليماً ثم ضعف كالكفيري فكانت منية الباذيني بالقدس، وكان شيخاً أظنه جاوز الستين، أول ما استنيب في أواخر سنة ثلاث وتسعين حين كان السلطان هنا استنابه ابن القفصي لسفارة ..... قاضي مصر، وكان كثير الأثبات بالخطوط، وكان إليه إمامة المالكية وليها بعد وفاة ابن يعقوب فوليها بعده القاضي المالكي وولي شرف الدين عيسى بن سعيد بن عبد الحميد النيابة وهو من شهود المجلس ويفتي أيضاً فأبى وقال: لا يكفيني معلوم القضاء والشهادة أحب إلي ثم قبل.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 629.
ويوم الأحد تاسعه توجه وزير ابن عثمان الذي قدم من الحج إلى بلاده في أُبهة، وكان بين وصوله إلى دمشق من بلاده إلى حين خروجه منها بعد حجه وزيارة البيت المقدس نصف سنة.
ويوم الاثنين عاشره نقلت الشمس إلى برج القوس وإلى الآن لم يقع مطر يذكر.
ويومئذ توجه الأمير فرج إلى القاهرة بالمحاضر المكتتبة على الأمير إياز وجاءت الأخبار بوصول نائب الشام إلى حضرة السلطان وكان بسرياقوس وذكروا ما إقباله عليه وتعظيمه إياه وإرسال المطابخ له إلى الأماكن البعيدة وتلقي الكبار له ما لم ينقل أنه فُعل بغيره من النواب.
وليلة الجمعة رابع عشره توفي شهاب الدين أحمد بن (1) علي بن أحمد بن كسيرات أحد موقعي الحكم بالعادلية وهو في عُشْر السبعين وقد شهد على القضاة أكثر من ثلاثين سنة وله فهم ومعرفة وصُلي عليه عقيب صلاة الجمعة بالجامع ودفن بمقبرة باب الفراديس وهو أخو عز الدين.
وليلة الثلاثاء ثامن عشره توفي ابن الزرزور (2) الحريري وخلف مالاً جزيلاً.
ويوم الثلاثاء هذا أمر قاضي القضاة بهدم المصطبة التي بجانب باب الإقبالية فهدمت وكان ابن الحسباني قد كبرها وجعل فوقها سقفاً ويجلس عليها هو وأصحابه يتحدثون، فبلغ القاضي أنه يحصل بسبب ذلك فساد وإن كثير من النساء يمتنع من دخول الحمام الذي إلى جانبها لملازمة الرجال الجلوس عليها وقيل غير ذلك، وقبْل ذلك بسنتين هدمت المصطبة التي تقابل باب العزيزية كان يجتمع عليها الناس يتحدثون.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 627.
(2)
* * * *
ويوم الأربعاء تاسع عشره حضر رجل أعجمي تدريس الزنجيلية أخذها من رجل يقال له القطعة اسمه محمد بن سليمان من فقهاء مذهبه وكان استنزل عنها بشعبان بمبلغ من المال فقيل عنه إنه ومباشري الركنية بجرود (1) ارتكبوا ما يوجب الفسق وتحدث بذلك الفلاحون وشهدوا عند قاضي القضاة بقبائح وحط الحنفي عليه فتسلطوا بالسعي عند نائب الغيبة فأخرجت وظائف هذا الرجل فأخذ هذا الرجل العجمي هذا التدريس وحضر عنده قاضي القضاة والقاضي الحنفي وأخذ واحد من جهة الحاجب يقرئ المماليك إعادة الظاهرية وهو عارٍ من الأهلية.
ويوم الجمعة حادي عشريه وصل البريد بتولية الأمير ناصر الدين ابن المهمندار الملقب بالمنقار نيابة الكرك ونقل نائبها بتخاص إلى إقطاعه التقدمة بدمشق.
وليلة السبت الثاني والعشرين منه وهو الخامس والعشرون من تشرين الثاني وقع مطر كثير غزير جداً وجرت الميازيب مدة طويلة وكذلك من الغد ما لم يُر مثله منذ سنين كأنه أفواه القرب ووقع معه برد كثير جداً، ووقع في أول ليلة الأحد أيضاً وفي الغد، وذلك أول مطر له وقعٌ، وقع في هذا العام والفصل، وكان الناس قد حصل لهم شدة من تأخره بحيث إنهم أيسوا من الزرع بالجبيل (2) ونحوه، هذا مع أنه ليس بتلك البلاد ولا بأكثر بلاد حوران ما يشربونه ويردونه من الأماكن البعيدة وكثير من أهل القرى نزحوا إلى أن يقع المطر الوسمي والله تعالى يلطف بعباده، ثم جاءت الأخبار بأنه كان عاماً بجميع بلاد الشام وأن برك حوران والجبيل امتلأت وكذلك الآبار وأنهم لم يروا مطرة مثلها.
ويوم الجمعة ثامن عشريه أول كانون الأول وجاءت الأخبار بخروج النائب يوم الجمعة الماضية من القاهرة وبتولية تاج الدين ناظر ديوان النائب نظر الجيش وبتولية النابلسي قضاء الحنابلة.
(1) جرود - قال ياقوت -قرية من أعمال غوطة دمشق- معجم البلدان 2/ 151 (3070).
(2)
الجبيل - قال ياقوت -بلد في سواحل الثام مشهور شرقي بيروت معجم البلدان 2/ 127 (2943).
ويوم آخر الشهر مات الأمير الكبير إياز (1) الجركسي كبير الأمراء بالشام وكان ظالماً غاشماً نشأ في دولة السلطان فصار من الأمراء المقدمين بدمشق فلما وقعت فتنة الناصري وانكسر العسكر، هرب هو والأمير أينال نحو الديار المصرية فقبض عليهما نائب غزة ابن باكيش وسجنا بصفد، فلم يزالا إلى أن خرج السلطان من الكرك ونزل خارج دمشق فخرجا من السجن وتغلب إياز المذكور على صفد وجاء أينال إلى السلطان ولم يزل إياس بصفد حتى أرسل منطاش وهو بدمشق عسكر إلى صفد لتؤخذ من إياز فخامر العسكر عليه وتوجهوا إلى طاعة السلطان بعدما ملك مصر وأعطى إياس نيابة صفد، واستمر بها يظلم ويعسف ويجترئ على الشرع بما هو مشهور عنه، فلما وصل السلطان إلى الشام في سنة ثلاث وتسعين سعى في نيابة طرابلس فسار فيها بأقبح سيرة، ثم إن السلطان نقله منها إلى الشام وجعله رأس الميمنة عوضاً عن الأمير تاني بك نائبها اليوم حتى نقله إلى الشام فأقام خمس سنين يظلم الناس بأنواع من الظلم مما لم يسمعه عن غيره، هذا مع أنه كان متهماً في دينه يعظم النصارى ويقرب الفرنج ويكرمهم ويرفعهم على المسلمين، ويقال عنه أنه جمع بين سبع نسوة، وله أخبار تدل على انسلاخه من الدين فأمهله الله إلى أن طلبه السلطان في العام الماضي إلى بين يديه وحاسبه على الأغوار وكان يباشره وأرسل يكشف عليه فكتبت محاضر تتضمن ما اعتمده فيها من أخذ أموال الناس واستعمال الناس بغير أُجرة وقطع أيدي جماعة فلما وصل ذلك إلى السلطان صادره وسلمه لمن يستخلص منه مالاً كثيراً فلم يفجأ الناس إلا موته في هذا اليوم.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 630، إنباء الغمر 3/ 343 النجوم الزاهرة 12/ 121 الدرر الكامنة 1/ 420 (1095).