الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر ربيع الآخر
أوله الأحد الثلاثون من تشرين الثاني وثالث كيهك سابع عشر القوس، وكان الهلال ليلتئذ عالياً جداً، ويوم الاثنين ثانيه أول كانون الأول واشتد البرد في أواخر تشرين.
ويوم الثلاثاء ثالثه أرسل النائب المطبخ إلى الكسوة ليمد السماط للأمير إيتمش ومن معه، وكان من قبل اشتهر أنه يلاقيهم إلى الغور وأنه يخرج يوم السبت فأشير عليه بخلاف ذلك، فلما كان يوم الخميس خامسه خرج النائب والعساكر لملاقاتهم فدخل الأمير الكبير إيتمش الرابعة من النهار وبين يديه الجيش كلهم فنزل القصر فأقام به يومين ثم شكى البرد فانتقل منه ليلة السبت إلى دار إياس تحت القلعة وطغري بردي نزل بدار البشقمدار عند حارة الفهادين.
وبعد فجر الأحد ثامنه وقع مطر جيد مديدة وما وقع في برج القوس شيء قبله بل من نصفه وعشرين يوماً ما وقع مطر ثم وقع مثله في أوائل الساعة الرابعة من الغد.
ويوم هذا الأحد وصل خاصكي وعلى يده كتاب مرسوم السلطان إلى النائب وكان خبره وصل من غزة فإنه لما وصل إليها منع حتى يكاتب النائب فكتب بتمكينه من المجيء فجاء يومئذ، وفي الكتاب تعظيم النائب وأنه مستمر على نيابته وأنه يفعل ما أراد وإذا شاء أن يكون الأمير الكبير بمصر فالأمور كلها إليه، وقيل أن فيه ذكر الأمراء الذين قدموا من القاهرة والأمر
بالقبض عليه فلم يقرأ الكتاب إلا عند إيتمش جاء إليه النائب.
ووصل في هذه الأيام دوادار نائب حلب المرسل إليه من الشام بمكاتبات فأجاب بالسمع والطاعة وأخذ في الاعتذار عن المجيء بأعذار ذكرها، وأما نائب حماة فيقال أنه باق على المخالفة.
فصل الشتاء أوله يوم الأحد نصفه ويوم السبت العاشرة من النهار ورابع عشره وثالث عشر كانون الأول نقلت الشمس إلى برج الجدي وذلك من سابع عشر كيهك وحصل بردٌ شديد وكان يوم الخميس الماضي أول الأربعينيات ومن أولها حصل برد شديد وحصل على الأرض الجليد وجمد الماء ثلاثة أيام.
ويوم الأحد نصفه توفي ولد (1) الأمير صلاح الدين محمد بن الأمير ناصر الدين محمد بن تنكز بمنزلهم بدار الذهب فدفن بتربة جده عند الجامع، وكان شاباً حسناً من أبناء العشرين ونحوها واسمه ناصر الدين محمد.
ويوم الخميس تاسع عشره توفي شمس (2) الدين محمد بن محمد بن بلبان المعروف بابن الصالحىِ نزيل الخانقاه الطواويس بها وبها نشأ، وكان أبوه أيضاً من صوفيتها يباشر عمالة العزيزية أعرفه، وولده هذا ناهز الخمسين، وكان يجبي وقف بني فضل الله ويخدمهم وولي مرة مشيخة الخانقاه بجاههم ونازع ابن الزهري ثم أُخذت منه وغرم جملة.
ويوم الأحد ثاني عشريه وصل نائب حماة دمرداش طائعاً موافقاً وهو أخو طغري بردي لما كتب إليه أخوه أقبل مبادراً وخلع عليه من الغد خلعة هائلة ويومئذ عزل القاضي نائبه شهاب الدين ابن الحسباني لبلوغه عنه إطلاق لسانه فيه.
ويوم الثلاثاء رابع عشريه من بعد الفجر دار هواء عاصف واستمر طول
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 136.
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 136.
النهار والليلة المستقبلة ومن الغد ووقع ثلج كثير في الناحية الغربية ومطر.
ويوم الخميس سادس عشريه درس القاضي شهاب الدين الباعوني بالمدرسة الشامية الجوانية أخذ بها وبغيرها من وظائف ابن سري الدين توقيعاً بحكم عدم الأهلية، وحضر الدرس عنده القاضيان الحنفي والحنبلي وبعض الفقهاء ثم درس بالركنية وتكلم على تفسير آية الكرسي.
ويوم السبت ثامن عشريه توجه نائب حماة إليها بعد ما أقام بدمشق خمسة أيام.
ويومئذ بعد سفره ضربت البشائر على القلعة بسبب أن جماعة من مماليك الأمير الكبير إيتمش وصلوا من الديار المصرية وأخبروا .....
ويوم الأحد تاسع عشريه أول طوبة، ويوم الأحد تاسع عشريه كان برد شديد وهواء بارد شرقي وهو الصبا، ووقع ليلة الاثنين آخره ثلج كثير فأصبح على الأرض واشتد البرد بسببه وذلك في اليوم التاسع والعشرين من كانون الأول.
توفي الشيخ ناصر الدين محمد (1) في العام الماضي في ذي الحجة الكاتب المجود وكان كتب على القلندري وكتب الناس دهراً طويلاً فكتب وهو شاب بالقدس وتلك النواحي، وممن كتب عليه شيخنا بدر الدين ابن فليح العلائي وهو في سنة ..... وابن عمه الشيخ شهاب الدين وطائفة ثم قدم دمشق فأقام بها وكتب عليه جماعات كثيرون، ثم في أواخر أيامه انتقل إلى القدس وأقام به وتزوج امرأة شابة وجاءه منها ولد وكتب بخطه شيئاً كثيراً من المصاحف وغير ذلك، وكنت سألته عن مولده فقال في نصف شعبان سنة خمس عشره فيكون جاوز ستاً وثمانين سنة ونصفاً.
وفيه قبض على شمس الدين الصيرفي المعروف بأخي صدقة ورفع
(1) * * * *
أمره إلى نائب الشام وقد أظهر أنه انكسر واختلف هو وشريكه وصار كل منهما يخيل على الآخر فسلم إلى الحاجب شهاب الدين أحمد ليضبط أمره وخرجه وماله وعليه ثم أسند أمره إلى الحاجب قرابغا ورسم عليه بالمدرسة السكرية التدمرية بالقصاعين بالقرب من بيت الحاجب المذكور، وتحرر أن موجوده لا يفي بأموال الناس على ما أظهر من مال وجرت أمور طويلة وضربه النائب ثم رفع أمره إلى قاضيْ القضاة فرسم عليه بالعادلية وضربه القاضي أيضاً ضرباً كثيراً وحوسب عنده، فقيل أن ما بيده يفي بربع أموال الناس فشرعوا في الشهر الآتي في قسمة ماله على ذلك ما بين نقد وعرض ودام أمره إلى جمادى الآخرة وتعجب الناس من أمره فإنه كان عين البلد في هذا الأمر والمشار إليه بالمال الكثير، ومن الناس من يقول أنه فعل ذلك حيلة لئلا يطرح عليه السكر وهو في الباطن قادر وقيل غير ذلك، وفي الجملة فذهب للناس أموال كثيرة.
وفي حدود هذا الشهر أو بعده أو قبله توفي (1) زين الدين عبد الرحيم بن بهاء الدين محمد بن قاضي الكرك زين الدين عمر بن عامر العامري الغزي الأصل، سقط من سلم أو نحوه فمات فيما بلغني، وكان في حياة أبيه قد شهد بالعادلية واستكتبه أبوه المكاتيب الطوال ومارس وباشر بعد أبيه وظائفه من ذلك بالمارستان النوري وكان عنده معرفة وورث أيضاً من أبيه مالاً فأفسد الجميع وبقي فقيراً حقيراً بالعُسْرِ والدخول فيما لا يليق إلى أن مات وقد جاوز الأربعين.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 126.