الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر المحرم
أوله ال خميس الحادي والعشرين من برج الميزان وهو الخامس من تشرين الأول، الشهر الأول من شهور السنة الرومية سنة ألف وسبعمئة وثماني سنين من تاريخ الإسكندر ذي القرنين على ما هو محسوب في أيدي الناس اليوم، ويوافقه ما أزخه ابن جرير في أول سنة إحدى وسبعين ومائتين، فقال في أولها وذلك يوم الاثنين التاسع والعشرين من حزيران سنة ألف ومائة وخمس وسبعين سنة من عهد ذي القرنين، ويوافق ذلك ما نقله ابن عساكر في آخر الباب الرابع من أول تاريخه وهو باب ذكر تاريخ الهجرة عن أبي الحسن محمد بن أحمد العراق المعروف بابن القواس أن أول المحرم سنة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان يوم الخميس الثامن من أيار سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة من عهد ذي القرنين.
قلت: لكنه وهِم في قوله أيار وصوابه أن يوم الخميس هذا كان ثامن تموز بلا شك وعليه مبني الحساب إلى يومنا هذا، وفي الاستيعاب لابن عبد البر عن الخوارزمي قال: كان قدوم النبي صلى الله عليه وسلم عام الهجرة يوم الاثنين ثامن ربيع الأول يوم عشرين من أيلول، لكنه وهم من كمية الماضي منه وصوابه ثالث عشر أيلول، وعند من يقول كان ثاني عشر ربيع الأول كان سابع عشر أيلول وما ذكره الخوارزمي من أن شهر ربيع كان في أيلول يبيِنُ لك، إنما ذكره ابن القواس أن ابتداء المحرم كان في أيار سهواً وإنما هو تموز وما ذكره من أن المحرم
سنة الهجرة كان أوله الخميس هو المشهور عند أهل الحساب قاطبة، وكان شيخنا ابن الشاطر فيما نقل لي ابن الجندي أبو بكر عنه يخالف في ذلك ويقول لا يمكن الرؤية ليلة الخميس إنما أوله الجمعة تاسع تموز، وكلا القولين مخالف لقول من يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول فكان أول ربيع الأول يوم الخميس فلا يمكن أن يكون المحرم إلا الأحد أو الاثنين أو الثلاثاء فالوجه هو القول الآخر أنه كان يوم الاثنين ثاني ربيع وهو المستقيم عن حساب التقويم.
وذكر ابن عساكر في الباب الثاني وهو مبتدأ التاريخ ما يخالف ما تقدم عن خليفة ابن خياط فقال تاريخ بني إسرائيل من آخر سني ذي القرنين وهو اليوم في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين ومائتين ألف ومائتان وسبعون سنة، قال: وذلك أن حساب ذي القرنين كان حين الهجرة سبعمئة سنة وخمس وعشرين سنة كذا وجدته في نسخة بخط ابن المؤلف القاسم وهو وهم لا شك فيه وصوابه ومائة بدل ومائتين وستون بدل سبعون، وإلا فيكون أول كلامه مخالفاً لاخره مخالفة شديدة وبكل تقدير فما ذكره خليفة وهم حصل من أنه حسب عدد سني الروم على عدد سني العرب، فإن سبعاً وثلاثين إذا أضيفت إلى سبعمائة وخمس وعشرين تبلغ ألفاً ومائة واثنين وستين سنة وبهذا الطريق يظهر لمن لا يعلم مطابقة كلام ابن جرير لخليفة، لأنك إذا أضفت إلى تسعمئة وخمس وعشرين سنة مائتين وسبعين تصير الجملة ألفاً ومائة وخمسة وتسعين كما ذكره وهذا لا يستقيم فإن السنين العربية تزيد على الرومية في كل مائة سنة ثلاث سنين وبهذا يظهر لك وهم خليفة فإن ما أرّخه غير مطابق لما أصّله على أنها أصله غير مطابق لكلام الجمهور والله أعلم.
وذكر السهيلي سبباً مخالفاً لما قاله خليفة وابن القواس وغيرهما، فقال إن قصة الفيل كانت في المحرم سنة ست وثمانين وثمان مئة من ذي القرنين وهذا يقتضي أن يكون عام الهجرة لذي القرنين ثمان أو تسع وثلاثون وتسعمئة.
ويوم الخميس أول المحرم توفي جمال الدين يوسف (1) بن شيخنا أمين - الدين عبد الوهاب بن يوسف بن إبراهيم بن السلار المقري ببعلبك خرج منها وهو شديد الضعف قاصداً دمشق فلما وصل ..... وقع في النزع فرد إلى البلد فمات في الطريق ودفن ببعلبك، قال لي أخوه: وكان ليوسف المذكور حانوت شرقي المطرزيين يبيع فيه الشمع والحرير وكان ينكر المنكر ويعظ في السوق وأحضره أبوه وأسمعه بعد سنة ثلاثين، حضر على أحمد بن الشحنة جزء أبي الجهم ..... أجزاء من آخر سنن النسائي والمائة المنتقاة من البخاري ومسند عمر للنجاد وذلك سنة مولده وهي سنة 729.
ويوم الجمعة ثانيه توفي غرس الدين خليل (2) ابن الأمير الكبير ..... بن طولو العلائي ودفن بالتربة المنسوبة إلى جده لأمه أمير علي ابن نائب الشام غربي مقبرة الصوفية بعدما صُلي عليه عقيب صلاة الجمعة بالجامع الأموي، وكان أبوه من أعيان الأمراء المنسوبين إلى أمير علي المذكور وكان يحفظ نسبه، أرختُ وفاته سنة .....
ويوم السبت ثالثه وصل الأمير فرج للكشف على الأمير إياس بسبب الأغوار وعلى يده كتاب السلطان بأن يندب لذلك قاضي وشهود يقفوا معه فرسم النائب للقضاة بدمشق بأن يرسل من عند كل واحد نائباً من نوابه وشاهداَ فعين القاضي شرف الدين الغزي الشافعي بطلبه ذلك ونائب الحنفي ناصر الدين بن السراج ونائب المالكي الباذيني وولد علاء الدين بن شهاب الدين نائب الحنبلي، ومن الشهود أخذ الغزي معه شمس الدين الكفيري وصهره الرمثاوي ومع الحنفي برهان الدين الصهيوني ومع الحنبلي برهان الدين القرشي ومع المالكي بدر الدين الحصني الحنفي.
وتوجهوا يوم الثلاثاء سادسه فمرضوا كلهم إلا ابن السراج، منهم من
(1) إنباء الغمر 3/ 366، شذرات الذهب 8/ 617.
(2)
* * * *
مرض هناك ومنهم من مرض بعد رجوعه ومنهم من مرض بالقدس، ومات منهم أربعة قاضيان وشاهدان.
ويوم الاثنين خامسه تعامل الناس بالفلوس الجدد التي ضربت على وزن فلوس الديار المصرية وشكلها وقاعدتها وجعل الدرهم أربعة وعشرين فلساَ، وكان ابتداء السعي من هذا في أيام ابن السنجاري وشاور السلطان في هذا وكتبوا محضراً أنه ليس في ضربها ضرر وأبطل التعامل بالعتق وكانت على ضربين عتق كل درهم ثمانون فلساً وجددٌ وهي التي ضربت حين كان السلطان بدمشق كل درهم ثمانية وأربعون فلساً فجعلت جميعها بالميزان كل رطل بعشرة وحصل للناس بإبطال التعامل بهذه بالعدد والتعامل بالجدد ضرر عام وتعطل الناس عن معايشهم ولعنوا من كان السبب فيه ثم ألفوا ذلك.
ويوم الثلاثاء سادسه وصل سمعان النصراني وهو كاتب إياس على خيل البريد ومعه كتاب فيه تطييب خواطر جماعة مخدومه واستمراره على إقطاعه فتخلقوا بالزعفران ودقوا البشائر على بابه وعقيب ذلك توجهوا للكشف على القضاة والشهود على البريد.
وليلة السبت عاشره لحقهم الأمير فرج إلى الغور.
وليلة الثلاثاء سادسه توفي الشيخ أبو بكر (1) بن عماد الدين أحمد بن عبد الهادي المقدسي، وقد روى عن ابن الشحنة.
ويوم الأربعاء سابعه جرّوا أسكفة باب الفرج على العجل من أقميم حمام علي إلى خارج باب الجابية إلى باب الفرج وهي أسكفة عظيمة اشتريت بخمسمئة ونقلت بمثلها وشرط عليهم إصلاح ما خرب بسببها من الحوانيت التي هي وقف على المدرسة الشامية ..... وركبت بعد خمسة عشر يوماً.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 625 إنباء الغمر 3/ 343، الدرر الكامنة 1/ 438 (1159) السحب الوابلة 125، شذرات الذهب 8/ 610.
ويوم الخميس ثامنه جلس القاضي شهاب الدين الملكاوي للحكم بالعادلية بعد سفر الغزي إلى الغور.
وليلة السبت يوم عاشوراء وصل الإذن من السلطان للنائب بالتوجه إلى الديار المصرية.
وليلة الأحد حادي عشر نقلت الشمس إلى برج العقرب.
وآخر نهار الثلاثاء ثالث عشره وأول ليلة الأربعاء وصلت كتب أمير الحاج وغيره ووصلت كتب عامة الناس مع البريد يوم الخميس. وفيها الأخبار بأنهم كانوا في رخاء ببلاد مكة ووجدوا الماء ببركة المعظم وأن الغلاء كان ببلاد الشام، وفيه الأخبار بموت الجمال وشدة الحر والثناء على الأمير.
ويوم الجمعة سادس عشره عقيب الصلاة ركب النائب في باب البريد خيل البريد متوجاً إلى الديار المصرية ودعا الناس له وعزل استادداره ابن العلائي وفرح الناس بذلك وولي مكانه دوادار سودون، وجعل الدوادار الثاني فارس مكانه في الدوادارية الكبرى وتوجه معه القاضي الحنبلي النابلسي المعزول بإذنه سبقه إلى أثناء الطريق، ثم أرسل النائب من الطريق باستمرار ابن العلائي.
ويوم الاثنين تاسع عشره آخر النهار وصل الوزير الجديد شهاب الدين بن الشهيد.
ويوم الخميس ثاني عشريه دخل جمهور الحاج من الروم والحلبيين والشاميين.
ويومئذ رفعت أسكفة باب الفرج التي شحطوها من أقميم حمام سوق علي وركبوا الباب الجديد خشباً وحديداً وكانوا صنعوه بالعادلية.
ويوم الجمعة ثالث عشريه دخل المحمل وبقية الحاج.
ويوم الأربعاء ثامن عشريه وصل الأمير فرج من الغور وقد فرغ من كتب المحاضر بسبب الكشف الذي توجه إليه هو والقضاة والشهود، وحضر
القاضي الغزي من آخر نهار الغد ضعيفاً فلما وصلوا إلى دمشق كتبوا بها ستين نسخة كتبها شهود دمشق لضعف الشهود الذين كانوا بالغور.
ويوم الأربعاء المذكور أول تشرين الثاني وليلة الخميس تاسع عشريه توفي أبو بكر العطار (1) المؤذن بجامعي بني أمية وتنكز.
(1) الدرر الكامنة 1/ 439 (1163).