الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفر
أوله الثلاثاء لكن كانت رؤيته يوم الاثنين ممكنة إذ كان نوره أصبعًا وبعده ومكثه أكثر من خمسة عشر درجة، وما بلغني أنه رؤي وذلك في ثاني برج القوس سادس عشر تشرين الثاني.
ويوم الأربعاء ثانيه شرعوا في حضور الدروس، حضر القاضي الغزالية فقط.
ويوم الأحد سادسه فوّض إليّ صَاحبنا شمس الدين ابن خطيب الحديثة ما بيده من ثلث تدريس الفلكية ولصاحبنا شهاب الدين الغزي ثلث تدريس الكلاسة وحكم به قاضي القضاة وولي، وهذا الثلث هو المنتقل إليه من عبد الكريم ابن الزكي بالتفويض وكان والده فوّضه له ولأخوته علي ويوسف وأنا أنوب عن يوسف في ثلثه في جميع مدارسهم فتركت النيابة في ثلث الكلاسة للغزي.
ويوم الثلاثاء ثامنه صُلي على الشهاب أحمد (1) العجلوني نقيب الأوصياء وجابي الصدقات وكان طويل اللحية يرسل إليّ أهل الدولة وله جرأة عليهم وعنده إرهاب، توفي ببيته بالحدادين ظاهر باب الجابية ودفن بمقبرة باب الصغير وحضر الصلاة عليه قاضي القضاة عند تربة بهادرآص وحضره أيضًا القاضي المالكي.
(1) * * * *
ويوم الأربعاء تاسعه درس أخي أبو الفتوح عمر بالمدرسة الأمينية لتوليته الإعادة بها نزلت له عنها وحضر قاضي القضاة والقاضي الحنبلي وجماعة وألقى درسًا حسنًا في الكلام على تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].
ويوم الاثنين رابع عشره وصلت الأخبار بعزل الهدباني من نيابة القلعة وتوليه يَلُّوا الذي كان نائب القدس وأن محمود عزل من استاددارية السلطان وهو ضعيف، ووليها قطلوبك استاددار إيتمش، وأن الوزير ابن رجب عزل وهو ضعيف أيضًا، وولي البقري.
ويوم الاثنين حادي عشريه توفي هلال (1) بن بدران البُردي أحد فقهاء الناصرية بها وكان يشهد تحت الساعات وهو ضعيف الخط وله اشتغال في الفرائض.
ويوم الخميس رابع عشريه كلم النائب الأمير إياس بحضرة الناس كلامًا غليظًا وشتمه واحتد عليه وتكرر منه شتمه في المجلس وكفره وقال: أوسطك من غير مراجعة وأُثبت عند القضاة كفرك وأضرب عنقك وذلك لكثرة ظلمه واستهتاره وأخذه مياه الناس لزروعه وطرحه القنود والسكر على المسلمين وارتكابه تقديم الفرنج على المسلمين وغير ذلك من المصالح ما اشتهر عنه، فدعا الناس النائب لذلك.
ويوم الجمعة خامس عشريه أخبر قاضي القضاة أن خان ..... بالقرب من قبة الشحم فيه خمور كثيرة ويباع فيه الخمر جهارًا فلما حضر الخانقاه توجه نحوه في طائفة يسيرة فوجد الأمير كما قيل، وهرب من في الخان إلا قليلًا، فكان الخاني ذهب إلى بعض كبار الأمراء ونقل أنه كان يحمي الخان بمال كان يأخذه، وقيل له جاء فقهاء ينكرون فأرسل نقباء وجماعة يأخذونهم فلما وصلوا وهم لا يعرفون القاضي همّوا بالفقهاء وتفرّق
(1) * * * *
العوام وكان قاضي القضاة في مكان آخر فأُخبر فجاء وقد قبضوا على جماعة الأمير ووضعوا في أعناقهم الزناجير (1) التي كانت معهم وقتلهم العوام لولا ما خلصهم القاضي، وأرسل قاضي القضاة إلى النائب فأرسل مماليكه ورأس نوبة المماليك فاقتلعوا الخوابي (2) وكانت مدفونة تحت الأرض وهي مملوءة خمرًا فحملت إلى دار السعادة وضرب النائب أصحاب الخان ضربًا مبرحًا وطيف بهم، ثم إن الحاجب وكانت النقباء من عنده أرسل اليهم فضربهم أيضًا.
ويوم الجمعة خامس عشريه أيضًا توفي بهاء الدين (3) أبو بكر بن أحمد بن أبي بكر ابن غانم الموقع بالصالحية وكان إليه نظر النورية ببعلبك ففوضه إلى عز الدين بن علاء الدين بن بهاء الدين وأخذ منه مالًا وأثبتوا التفويض عندي وليس له التفويض على مقتضى شرط الواقف إنما التفويض للأول فقط وهو أبو سعد بن أبي عصرون، ثم بعد وفاة المذكور فوض النظر قاضي القضاة لكاتب السر وحكم بصحته الحنبلي وأبطلوا تفويض ابن علاء الدين بن شمس الدين بحكم الموت بعدما كان الحنبلي حكم له بلزومه وإن ناب المفوض ظنًا منه أن التفويض شرط الواقف.
وفيه توفيت أسن (4) بنت الشماع.
فصل الشتاء، وليلة الثلاثاء في الساعة التاسعة تاسع عشريه نقلت الشمس إلى برج الجدي رابع عشر كانون الأول، ووقع في هذه الأيام مطر بدمشق وظاهرها وجاءت زيادة في نهر بردى وتغيرت المياه وكانت رياح كثيرة في هذه الأيام وجرت الميازيب بدمشق ليلة الثلاثاء هذه.
وفي أواخره توفي وزير مصر الأمير ناصر (5) الدين بن رجب وهو
(1) الزناجير -بمعنى السلاسل وهي كلمة فارسية- تركية.
(2)
الخوابي - جمع خابية وهي أنية لحفظ الخمر وغيره من السوائل.
(3)
* * * *
(4)
الدرر الكامنة 1/ 388 (989).
(5)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 600 إنباء الغمر 3/ 308، النجوم الزاهرة 12/ 152.
قرابة بن كَلْفَتَ وكان شابًا حسنًا، كان مشد الدواوين كحاله في أيام منطاش بدمشق ثم صار عند خروج السلطان من القاهرة في النوبة الثانية وزيرًا وأُعطي تقدمة وعظم شأنه.