الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحرم
أوله الأربعاء ثالث أيلول خامس توت (18) السنبلة، وكان نور الهلال ليلة الثلاثاء نحو الأصبع لأنه كان ثلاثين وربع وكان بعده ثلاثة عشر درجة وثلث إلا أنه كان قليل المكث، كان مكثه ست درج وسدس فلم يُر، فرؤي ليلة الأربعاء عالياً نيراً فظن الناس أنه ابن ليلتين.
في مستهله توفيت بنت القاضي شهاب الدين الزهري زوجة شرف الدين بن رجب ودفنت بقبر جدها البعلبكي بالصوفية وكانت دينة، قال ابن نقيب الأشراف أنها ناهزت الخمسين.
ويوم الأربعاء ثامنه رجع الحاجب الكبير من سفره وكان النائب وجهه إلى البلاد القبلية بدلاً عنه ليدور البلاد فنعم عليه بذلك فغاب أربعة وعشرين يوماً ولم يتجاوز أرض حوران، وأخذ أموالاً من الناس ظلماً فيما قيل على وجه منكر وبلغني أنه ضرب قاضي أذرعات لكونه لم يعطه ما وعده على إحضار توقيعه ولم يسأله في ذلك وكان أمره مقضياً بدونه.
ويومئذ أخبرني قاضي القضاة شمس الدين أنه وصل في هذه الأيام إلى دمشق توقيع ابن السائح قاضي الرملة بخطابة القدس الشريف عوضاً عن ابن غانم الذي كان قاضياً بنابلس غرم على ذلك فيما بلغني ثمانين ألفاً فلا بارك الله فيه فو الله لا يصلح لقضاء ولا خطابة وابن غانم المسكين كان كتب خطه فيما بلغني بخمسين ألفاً وزن منها عشرين ولم يكن بيده ولاية إلا دون تسعة أشهر، قيل لي أنه يُرد عليه عشرة آلاف فأداروا
الخطابة على نمط القضاء الذي أداروه في الزمان الفاسد بالرشا والمال الكثير فالله المستعان.
ويوم الأحد ثاني عشره سعر الخبز كل رطل بدرهم بأمر النائب.
فصل الخريف ويوم الاثنين ثالث عشره نقلت الشمس إلى برج الميزان في الساعة الرابعة.
ويومئذ قدم مملوك النائب سونج بغا وكان وجهه في العام الماضي كما تقدم من نحو بضعة وعشرين يوماً فجاء معه تفويض أمور الشام إليه وأن يطلق من شاء من المسجونين ويترك من شاء.
ويوم الثلاثاء رابع عشره وقع مطر بل الأرض وثار هواء بارد.
ويوم الأربعاء نصفه وصلت كتب الحجاج الحلبيين وبكرة الغد يوم الخميس وصلت كتب الشاميين، وجاء الخبر في كتب الحجاج بوفاة المحدث الصالح زين (1) الدين عمر بن يوسف بن البالسي المؤذن بوادي بنى سالم محرماً في سادس أو سابع ذي القعدة وكان في عشر الستين، قرأ كثيراً من الحديث وسمع على الشيوخ وتفقه ونزل بالمدارس وكان يؤذن الأذان الأول بالمنارة الغربية زماناً وهو رجل جيد خير فقير يسكن بالمدرسة الصلاحية بدمشق عند المارستان.
وليلة الجمعة سابع عشره في أواخر الساعة الخامسة جاءت زلزلة وكنت نائماً فما أيقظني إلا اهتزاز السقف وتصويته وكانت لحظة وفطن لها جماعة غيري.
وآخر نهار الجمعة أطلق النائب أميرين من الذين أخرجهم من سجن الصبيبة وكان أرسل يكاتب فيهم وهما الجنبغا وخضر ثم أطلق اللكاش.
ويوم الأحد تاسع عشره توفي شهاب (2) الدين ابن زريق وهو أحمد بن
(1) * * * *
(2)
إنباء الغمر 4/ 153، الضوء اللامع 2/ 74، شذرات الذهب 9/ 29، السحب الوابلة 90.
محمد بن شرف الدين أحمد بن قاضي القضاة تقي الدين بن سليمان بن حمزة.
ويوم الاثنين العشرين منه هاجت ريح الدبور فأزعجت وأثارت شعثاً كثيراً وأفسدت شيئاً كثيراً ودامت طوال النهار وطائفة من ليلة الثلاثاء وكانت عامة في كل جهة.
ويوم الثلاثاء حادي عشريه قدم من ناحية الشمال تاجر السلطان ومعه مماليك كثير فنزل القصر.
ويومئذ نزل السلطان إلى تربة والده وفي خدمته الأمراء كلهم قراءته في كتاب.
وليلة الجمعة رابع عشريه أُطلق الأمير جلبان من القلعة أطلقه النائب.
ويوم الجمعة رابع عشريه وصل الحجاج الحلبيون ومن معهم، وصل أولهم بكرة في الغلس فنزلوا الميدان وِتواصل الحجاج الشاميون فدخلوا معهم واستمروا إلى الغد.
ويوم السبت خامس عشريه دخل المحمل وبقية الحاج وقدم من المجاورين علاء الدين مدرس البادرائية وتقي الدين أبو بكر الحواري عامل القيمرية.
وأخبرنا الحجاج بما شاهدوه من الموت بين الحرمين في المشاة وغيرهم من غير سبب بوادي النار ورابغ وغيرهما كان الرجل يمشي وقد أكل وشرب واستراح فيرتعش ويسقط فمات خلق كثير كذلك.
وليلة الأحد سادس عشريه توفي الشيخ (1) علاء الدين علي بن شمس الدين محمد بن بدر الدين محمد بن شرف الدين محمد بن بدر الدين عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير الطائي المعروف بابن
(1) * * * *
القواس وقد وقف وقفاً على ذريته سنة ثلاث وستين اتصل بي، وجده بدر الدين توفي سنة أربع عشرة عن ستين سنة ونحو ثلاثة أشهر، ووالد جده توفي سنة اثنين وثمانين عن نحو ثمانين سنة، وهو أخو ناصر الدين عمر الذي تأخر إلى سنة ثمان وتسعين، وأسند عن ابن الحرستاني حضوراً وأجازه الكندي.
ويوم الاثنين سابع عشره أول بابه.
ويومئذ توفي تقي (1) الدين أبو بكر بن شيخنا بدر الدين محمد بن فليح العلائي بمنزله بالخضراء ضحى النهار انقطع تسعة أيام وشهد الجمعة الماضية محمولاً وصلى عليه وكان في عشر الخمسين أظن مولده في حدود سنة خمس وخمسين سمع معي على بعض أصحاب الفخر وغيرهم وكان رجلاً جيداً قرأ القرآن وكان أحد المؤذنين بمأذنة العروس وولي بعد وفاة أخيه عماد الدين العصرونية ودار الحديث الأشرفية وفقاهة الركنية وغيرها، وهو ابن زينب بنت الشيخ صلاح الدين العلائي ولم يخلف ولداً لكن قيل أن امرأته حامل وليس له عصبة سوى ابن عم أبيه شهاب الدين ابن الشيخ صلاح الدين.
ويوم الأربعاء ثامنه توفي الشيخ الإمام (2) العالم المفتي برهان الدين أبو اسحاق إبراهيم بن موسى بن أيوب الأبناسي الشافعي أحد علماء الديار المصرية راجعاً من الحج بمكان يقال له كفافة وحمل إلى المويلحة قفل فيه وصلى عليه يوم تاسوعاء في عيون القصب فدفن هناك يوم عاشوراء وبلغني أنه كان أوصى أن يدفن بالقاهرة فأصابوا فيما فعلوا وكان يعد من الأخيار كثير الإحسان إلى الطلبة يعطيهم ويرتب لهم ويلوذون به وأخلاقه رضية، كان من جماعة الشيخ ولي الدين المنفلوطي وعنده تصوف وتواضع وهو رجل فاضل في الفقه وغيره وولي مشيخة خانقاه سعيد السعداء ثم تركها في
(1) * * * *
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 107، إنباء الغمر 4/ 144 الضوء اللامع 1/ 172، بهجة الناظرين 159 المنهل الصافي 1/ 178.
جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ودرس بعد وفاة شيخه ولي الدين بمدرسة الناصر حسن نيابة عن ولده إلى أن نزل عنها الولد، مات وقد بلغ ستاً وسبعين سنة تقريباً أو جاوزها، سمع من الوادي آشي الموطأ برواية يحيى بن يحيى والتيسير للداني بفوت في أحدهما شملته الإجازة وسمع من أبي نعيم بن الأسعردي والميدومي وآخرين بطلبه وحدث.
ويوم الأربعاء تاسع عشريه أول تشرين الأول سنة ألف وسبعمئة وإحدى عشرة للإسكندر.
وفي أواخره أو أوائل صفر توفي الشيخ (1) موسى الكتاني المالكي القيم بالشرابيشية بالمارستان وكان قد أُضر وكان من الأخيار.
وفي أواخره سعى البهنسي في نظر الصدقات لأن ابن جماعة كان فوضه إليه أيام ولايته وشكى فقراً شديداً وتوصل ببعض الأمراء حتى سعى له عند النائب فأمر بكتابة توقيعه به وشبهته في ذلك ان ابن جماعة كان فوضه إليه حين ورد الشام ولكن انتزعه منه القضاة بعده إلى هذا التاريخ وسعى فيه قبل ذلك في أيام هذا القاضي بالحاجب العثماني فلم يقدر له الوصول إليه، وقام القاضي هذه الأيام في دفعه فعجز على ما قيل وهو مع ذلك يرواغه ولا يمكنه من المباشرة مع تعليمه على توقيعه ولكنه يسمح له بنيابته بمعلوم يقرره له.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 138.