الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفر
أوله الأربعاء رابع عشري تشرين الأول وتاسع العقرب.
ويوم الخميس ثانيه ظهرت ولاية نظار الشامية وهو ابن الشهاب محمود قبل تفويضه النظر لصلاح الدين وبقية رفقته في أوائل ذي الحجة تدريس المدرسة المذكورة لابن الأخنائي وعزل ابني الزهري وذلك بإشارة المالكي، وبلغني أنهم كانوا أثبتوها على نائبه وذلك من مدة، فعلم ابنا الزهري بذلك يومئذ فطلبوا النظار إليّ وادعيا عليهم فأجابوا بأنهما معزولان، فآل الأمر أن حكم قاضي القضاة بإلغاء ولايتهم وعزلهم ومنعهم من العزل والولاية والتصرف واشتهرت القضية واستغربت ثم اصطلح ابن الأخنائي معهما على مال أخذه منهما وهو ثلاثة آلاف وخمسمائة وكانت هذه القضية والحكم سببًا لسعي ابن الأخنائي على ابن أبي البقاء فانقضى أمره بعد ثلاثة أشهر.
ويوم السبت رابعه وصلت العساكر الشامية من بلاد الروم بعد غيبة مائة يوم وفي هذه الأيام وصلت الأخبار بالقبض على أميرين كبيرين بالديار المصرية أحدهما الأمير كمشبغا والآخر بكلمش ثم قبض على خاصكي يقال له شيخ بعدما خرج إلى نيابة غزة ثم أُرسل إلى القدس، وأما الآخران فأُرسلا إلى الإسكندرية وأُعطي إقطاع بكلمش لنوروز الحافظي رأس نوبة وأما إقطاع كمشبغا ففرق على كبار الأمراء وغيرهم.
ويوم الأحد خامسه أول هتور ويوم الخميس تاسعه أول تشرين الثاني.
ويوم الأربعاء ثامنه شرع القاضي في حضور الدروس.
وعشية الجمعة أول ليلة السبت عاشره توفي الصدر شمس الدين (1) محمد بن الصدر تاج الدين عبد الله بن مشكور ناظر الجيش المنصور بدمشق كان، وصُلي عليه يوم السبت بالجامع ودفن.
وكان بلغ بضعًا وأربعين سنة ولديه خبرة بوظيفته وليها بعد أبيه ثم عزل منها غير مرة ويعاد، وكان قد قرأ القرآن في صغره وقرأ في التنبيه في حياة والده، وكان عنده أدب وحشمة.
وعزل في أوائل العام الماضي من الوظيفة واستمر معزولًا واعتراه مرض استمر به إلى أن توفي، وبالجملة فلم يكن أحد أخبر منه بهذه الوظيفة.
وفي صفر فيما بلغني توفي محب الدين إبراهيم (2) ابن تقي الدين أبي الفتح محمد بن محمد بن همام المعروف بابن الإمام، وكان من تجار الحجاز ولم يكن بالرضي يقال كان لا يبالي بما اشترى ومن أي المال اكتسب.
وسمع من أبيه كتابه سلاح المؤمن وجاوز الستين أو السبعين، رأيته بمصر وسمع بقراءتي وكان عنده بعض صمم.
وكان أبوه إمام جامع الصالح ابن رزيك وكذلك جده وأبو جده ولهذا عرفوا ببني الإمام، وكان أبو جده خطيبًا به أيضًا وتوفي والده فجأة في نصف ربيع الأول سنة خمس وأربعين يوم الثلاثاء بشاطئ النيل قريبًا من الميدان.
وليلة الاثنين ثالث عشره توجه تمربغا المنجكي إلى القاهرة على البريد وكان جاء بسبب العسكر وتوجه معهم.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 684، إنباء الغمر 3/ 413.
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 669، إنباء الغمر 3/ 401، الدرر الكامنة 1/ 67 (178).
وفي هذه الأيام اشتد ضعف موسى بن الرمثاوي فنزل لأخيه بدر الدين وهو أكبر منه وأفضل عن تدريس مدرسة أم الصالح وسائر وظائفه خلا مشيخة القصاعين والمجاهدية فنزل عنها لمحمد بن الغزي على أن يلتزم بصداق أخته وهو ثلثمائة دينار وأمضى القاضي ذلك كله وسعى البهنسي القاضي في القصاعين لأنها كانت بيده وأخذت منه، ثم نزل عنها الذي أخذها منه لموسى بن الرمثاوي، وبلغني أنه جاء برسالة الحاجب.
وجرى في هذه الأيام أمر آخر وهو أن ابن إمام النائب جاءه توقيع سلطاني بخطابة المصلى وإمامة مسجد حسان، وكان وليها لما مات الصائن بن حسان خطيب المصلى ولاه النائب والقاضي، ثم سعى الباعوني لابنه إبراهيم في الخطابة وكان النائب في الغور فساعده كاتب السر وأخذ له توقيعًا فباشر الخطابة، ثم ولى النائب إمامة المسجد للشيخ شمس الدين الأذرعي وكان قدم دمشق عقيب مجيء النائب من القاهرة عام أول وجعل له تصديرًا بالجامع كل شهر ..... زائدًا فسعى إمام النائب في توقيع سلطاني بالحمل على ما بيده من الولاية الشرعية ووقف النائب فرسم له وباشر الخطابة يوم الجمعة عاشره.
ثم بلغني أن ابن الباعوني خطب الجمعة المستقبلة سابع عشره.
وليلة الثلاثاء رابع عشره توفي عز الدين علي (1) الطرابلسي المقري أحد صوفيه خانقاه الطاحون والشهود بمركز باب الفرج وكان له اشتغال بالعلم.
ويوم السبت ثامن عشره وصل نائب حلب بجماعته كلهم فنزل القصر فأقاموا ستة أيام كاملة ثم توجهوا بكرة الخميس.
ويوم الأحد تاسع عشره وهو الحادي عشر من تشرين الثاني وقع مطر كثير جدًا وهو أول مطر الوسمي (2) الواقع في هذا الفصل ولم يقع قبله مطر
(1) * * *
(2)
المطر الوسمي -مطر الربيع الأول- المعجم الوسيط 2/ 1033.
إلا مرتين في ليلتي تاسوعاء وعاشوراء، وقع ما بين أول النهار والزوال في دفعات ثم وقع بين الظهر والعصر وبعد العصر في دفعات كثيرة جدًا جرت منه الميازيب جريانًا غزيرًا وجاء في الليل زيادة في النهر كثيرة ولله الحمد، ووقع بعد عصر الغد أيضًا ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء كثيرًا جدًا جرى منه الميزاب عند الزوال.
وجاءت الأخبار من بلاد حوران بوقوع الأمطار الكثيرة وجريان بعض الوديان، وبلغني أن جبل بنى هلال وقع الثلج عليه ثم وقع المطر في يومين آخرين وشرع الناس في الزراعة.
ويوم الاثنين سابع عشريه وصل والي الولاة وهو دوادار سودون نفسه فسجن بالعذراوية وهو متوجه إلى الديار المصرية مقيدًا مطلوبًا وهو وابن البانياسي شكى عليهم إلى السلطان ابن الحلاوي أحد شيوخ (1) العشران، وولوا ولاية الولاة للأمير خليل أخي الزينكي.
وفي الساعة الخامسة من ليلة الأربعاء ثاني عشريه ورابع عشر تشرين وبكرة الخميس توجه نائب حلب وجماعته إلى مصر.
ويوم الاثنين سابع عشريه نزل نظار الشامية عن ربع النظر للقاضي جمال الدين الزهري، وصار النظر بينهم أرباعًا وتكاتبوا على ذلك.
ويوم الثلاثاء والأربعاء تاسع عشريه اشتد البرد وجمد بعض المياه ووقعت على الأرض، ووقع الثلج في هذه الأيام على الجبل وكان جبل الثلج عاريًا عنه منذ شهر أو نحوه، ودخل دمشق الثلج يوم هذا الثلاثاء، وكان الفقاع يسقى بلا ثلج من نحو شهر، يباع كل ثلاث كيزان بثمن، وحَصل خير كثير.
(1) شيوخ العشران - هم شيوخ العشائر العربية والتركمانية وكان لهم مكانة عند السلاطين المماليك.
وبلغني أن السبب في انقطاع الثلج عن البلد هذه المدة، إنما هو ابن العلائي الاستاددار ختم على ما بقي من الثلج ومنع من نقله لاحتمال أن لا يقع في هذا العام ثلج أو ثلج قليل، فيكون هذا مدخرًا للسلطان فإن كان هذا صحيحًا فلا بارك الله فيه.