الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعبان
أوله الخميس حادي عشرين برمهات سابع عشر آذار وخامس الحمل وطعن في السادس واستهل الشهر وقد أباح تمرلنك دمشق ونهب ما بقي فيها وحرقها فهي تنهب أطلقت النار في أرجائها وأسروا من قدروا عليه إلا من احتمى ببعض كبرائهم فإنا لله وإنا إليه راجعون (*).
ويوم الجمعة ثانيه جاء جراد كثير جدًا ودام أيامًا متعددة، ومات في هذه الأيام جماعة منهم من احترق في حريق البلد عجز عن الهرب ومنهم من كان مرميًا على الطريق مما ناله من العذاب والحريق وغير ذلك ومنهم من كان ضعيفًا فماتوا، ومات جماعة آخرون عقيب خروجهم من البلد وانفصالهم عن دمشق وتوجههم إلى بلادهم.
وكان توجه هذا الملعون في يوم السبت ثالثه وتلاحق به العسكر، ومنهم من بقي إلى الغد تأخروا لبعض مصالحهم فأدركه، ولقد أخبرني غير واحد أن الواحد منهم والاثنين في يوم الأحد والسبت يمر بالجمع الكثير فيأخذ ما أراد من النساء وغير ذلك فلم يقدر أحدٌ منهم على دفعه مما حصل عندهم من الخوف والجبن والضعف الحسي والمعنوي.
ولما توجه وأطلق من أطلق لم يجدوا ما يأكلونه وعزّ القمح حتى أبيع المدُ بأربعين درهمًا وأزيد فأخذ الناس في أكل الجراد وصارت تباع وربما
(*) جاء في حاشة الورقة (122 ب): الشيخ لم يذكر في شهري جمادى ورجب إلا السيرة فلا يوجد أحوال الوقعة وتفاصيلها من كلامه.
خلط معها شيء من الحشيش وانتفع الناس بالجراد فأكلوا منه أكلًا كثيرًا وكان يباع الوقية بنصف وبنصف وربع.
وممن مات فيه الشيخ زين (1) الدين عمر البعلبكي أحد شهود الحنبلي القدماء وحسين (2) معتوق الكركي بدر الدين بواب النجيبية الخانقاه وكان يمشي في طلب الحديث مع المحدثين ولا بأس به خرج بعد انفصال التتار إلى الكرك فمرض هناك فمات.
يوم الاثنين خامسه توفي الشمس محمد (3) بن جمال الدين عبد الله بن سلام أخو الفقيه علاء الدين عوقب في المصادرة فلما انفصلوا أقام أيامًا ومات عند الخاتونية.
شمس الدين محمد (4) بن الشيخ تقي الدين حسن بن أبي بكر منصور الفارقي السلاوي صار له ترجمةٌ عند تمر بانتمائه إلى زوج أمه شمس الدين العطار السمرقندي فلما دخل التتار الشقطة البلد وتسلموا الناس فأخذ وعوقب فمات بعد انفصال تمر عن البلد.
وزين الدين ..... (5) ابن الشيخ علاء الدين ابن الشاطر مستوفي الأوقاف ضعف عن النهوض لما أخذوا البلد لما نال من العقوبة فمات هناك.
والشيخ زين (6) الدين عمران بن إدريس بن معمر الجلجولي المقرئ قيل أنه عجز بعد العقوبة عن الحركة فمات في الحريق وهو من أبناء الستين
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 231.
(2)
* * * *
(3)
إنباء الغمر 4/ 325، الضوء اللامع 8/ 90 (187).
(4)
إنباء الغمر 4/ 323، الضوء اللامع 7/ 221 (547).
(5)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 231.
(6)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 232، إنباء الغمر 4/ 306، الضوء اللامع 6/ 63 (215)، شذرات الذهب 9/ 54 ذيل تذكرة الحفاظ 5/ 192.
بل جاوزها قرأ بالروايات على الشيخين ابن السلار وابن اللبان وكان يقرأ حسنًا ثم حصل له ثقل في لسانه قديمًا وكان لا يكاد يفصح إلا أنه إذا قرأ قرأ جيدًا، واشتغل في الفقه وكان يشهد بمركز العصرونية وربما أفتى، وولي قضاء الركن الشامي من سنة ثلاث وسبعين إلى حين وفاته مرارًا عديدة وكان مكدودًا فقير النفس لا يزال يظهر الفاقة ويلبس الدلق ويرخي عذبة عن يساره وله نظم ركيك.
والشيخ عماد (1) الدين إسماعيل المالكي كان بقية فقهاء المالكية له حلقة بالجامع يشتغل فيها في العلم ويفتي وناب في الحكم مدة وضعف بصره وأظنه بلغ السبعين.
والفقيه زين (2) الدين عبد السلام المالكي أحد عدول الحكم وكان لا بأس به.
والفقيه محمد (3) البصروي الضرير الصوفي بالسميساطية عوقب وجاء الحريق وهو بآخر رمق وكان يقرأ بالروايات ويشتغل في الفقه.
وشمس الدين (4) محمد بن ..... الصناديقي.
وشهاب (5) الدين أحمد بن يوسف البانياسي المقرئ في حدود أول الشهر عند الحريق وكان رجلًا جيدًا يقرئ بالروايات عند مسجد القصب وسمع معي حديثًا كثيرًا في حدود سنة سبعين وبعدها وهو من أبناء الستين أو جاوزها.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 209، إنباء الغمر 4/ 265، الضوء اللامع 2/ 301 (930)، شذرات الذهب 9/ 45، ذيل تذكرة الحفاظ 5/ 190.
(2)
* * * *
(3)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 248، إنباء الغمر 4/ 342، الضوء اللامع 10/ 41 (132)، شذرات الذهب 9/ 63.
(4)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 248.
(5)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 206، إنباء الغمر 4/ 262 الضوء اللامع 2/ 252 (703)، ذيل تذكرة الحفاظ 5/ 190.
وشهاب (1) الدين أحمد بن ..... المعروف بابن ربيعة المقرئ وكانت انتهت إليه مشيخة القراءة بالروايات ويستحضرها وعللها، أخذ عن ابن اللبان وكان يقرئ الصبيان بمسجد عند سوق القمح، مات بعد انفصال تمر عن البلد وجاوز الستين لكنه كان خاملًا ويعاني ضرب المنادل.
وفي العشر الأول شهاب (2) الدين أحمد بن صاحبنا مولده تاسع ربيع الأول سنة (746) كذا وجدت بخطه.
و ..... رفيقنا وصاحبنا الشيخ الإمام العالم الفقيه المحدث الحافظ شمس الدين محمد (3) بن خليل بن محمد بن طوغان المنصفي الحريري الحنبلي عوقب ولما انفصل التتار بقي متألمًا إلى أن مات وهو في عشر الستين، سمع معنا كثيرًا من أصحاب ابن البخاري وابن القواس والشرف بن عساكر وهذه الطبقة وسمع أيضًا من ابن الجوخي وابن خلف وغيرهما وقرأ الكتب وكتب وضبط وحرر وأتقن وألف وجمع وكان له معرفة تامة ولازم الحافظ ابن المحب وتفقه أولًا وسمع وصحب الإمام زين الدين ابن رجب وأخذ عنه ثم نافره وانفصل عنه، وكان يفتي ويعتني بفتوى مسائل الطلاق على اختيار ابن تيمية فامتحن بسبب ذلك وأوذي وهو لا يرجع، وكان متقشفًا ساكنًا منجمعًا عن الناس وعن الاختلاط بأرباب الدنيا، كان له حانوت يعمل فيه الأبزار حين كان يطلب معنا ودام مدة ثم ترك ذلك وأمّ بالضيائية ولم تكن الحنابلة ينصفونه.
وجمال (4) الدين عبد الله بن سالم بن سليمان بن عزي البصروي الأصل الدمشقي أخو زين الدين كاتب الحكم مولده في حدود الأربعين أو قبل
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 206، إنباء الغمر 4/ 254، الضوء اللامع 1/ 300، شذرات الذهب 9/ 42.
(2)
إنباء الغمر 4/ 255، الضوء اللامع 1/ 372، رفع الأصر عن قضاة مصر 57 (18) كفاية المحتاج 56 (45)، شذرات الذهب 9/ 43.
(3)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 237، إنباء الغمر 4/ 323، شذرات الذهب 9/ 58، السحب الوابلة 378، المقصد الأرشد 2/ 409.
(4)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 215، إنباء الغمر 4/ 281، الضوء اللامع 5/ 19 (66).
ذلك وله حضور وسماع وسلك في شبيبته طريق الفقر وتزهد يسيرًا ولازم الشيخ علي السطوحي وغيره، واشتغل في الفقه يسيرًا ثم تزوج وجاءه الأولاد فاحتاج إلى الكد والسعي عليهم وكان فقيهًا بالمدارس وكتب خطًا جيدًا.
ويوم الخميس نصفه أول نيسان.
ويوم الخميس ثاني عشريه خميس النصارى وصادف ذلك ثامن نيسان.
وليلة نصفه توفي الشيخ تقي (1) الدين أبو بكر ابن الجندي الساعاتي الحيسوب.
وممن توفي فيه ابن مناير (2) مؤذن السلطان وأطيب مؤذني الديار المصرية صوتًا مات في حدود أوله بالجامع بعد ما عوقب.
وممن توفي بعد انفصال شقطية عن البلد الشمس محمد (3) الزيلعي الكاتب المجود الأشقر كان بارعًا في الخط وكان فاضلًا في معرفة الأعشاب مقدمًا على المعروفين بمعرفة ذلك أخذ ذلك عن ابن القماح، أخبرت عنه أنه قال: أخذ عني اثنان وصارا أفضل مني فيما أخذاه عني ابن الجندي في علم الهيئة وابن الزيلعي في الأعشاب، والعجيب موت الثلاثة في هذا الوقت ولم يبق اليوم من يشار إليه بمعرفة الأعشاب إلا الشيخ إبراهيم بن رفاعة بغزة والشيخ محمد البغدادي الضرير بالصالحية وهو من الأعاجيب.
ويوم الخميس تاسع عشريه ولي القاضي ناصر الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن الصالحي قضاء الشافعية بالديار المصرية لما تحقق استصحاب قاضي القضاة صدر الدين مأسورًا مع العسكر وتمرلنك وخلع عليه ونزل إلى المدرسة الصالحية ومعه القضاة وأمير المؤمنين والدوادار وجماعة من الأمراء
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 200، إنباء الغمر 4/ 270.
(2)
مرت ترجمته ص 485.
(3)
إنباء الغمر 4/ 342، الضوء اللامع 10/ 111 (410) ذيل طبقات الحفاظ 5/ 194.