الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويوم الثلاثاء تاسع عشريه وصل إلى دمشق ولد قاضي القضاة كمال الدين المعري على خيل البريد ورأيناه ونحن نلاقي قاضي القضاة بالقرب من خان حطان ونحن راجعون فأدركنا بعد أن فارقنا الخان وهو متولي قضاء حماة عوضًا عن علاء الدين على الذي أرخنا أنه هرب من الترسيم بالعذراوية على قاعدته فيما استجده من وظائف ابن البارزي ووصل مع متسفره توقيع قاضي القضاة علاء الدين ابن أبي البقاء بالخطابة.
* * *
وممن توفي فيه
شرف الدين عيسى (1) بن غانم وكان سيئ السيرة وكان ينتمي إلى محمود استاددار السلطان فساعده وأكل مال الأوقاف والناس وشكى أهل القدس عليه مرارًا وكتبوا فيه محاضرًا بسوء، وأخذه بعض نواب الشام في مباشرته حين مَر مِنْ القاهرة متوليًا فشكاه أهل القدس ثم بعد ذلك رجع فلما ولي قاضي القضاة سري الدين شكوا عليه ورفعوا فيه القصص فأرسل إليه يهدده وكان أصابه قولنج فأصبح ميتًا وفرح الناس بموته، وعُدّ ذلك من كرامات قاضي القضاة فلما كان اليوم من موته جاء كتاب السلطان بالكشف عليه وضربه بالمقارع بالحرم فستره الله بالموت.
الشيخ الإمام (2) القدوة الزاهد العابد العالم العامل الخاشع الناسك الرباني بقية مشايخ علماء الصوفية، جنيد الوقت أبو بكر علي بن عبد الله بن محمد الموصلي الشافعي، كان في ابتداء أمره حين قدم من الموصل وهو شاب يعاني الحياكة وأقام بالقبيبات (3) عند منزله المعروف زمانًا طويلًا على
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 565 إنباء الغمر 3/ 269.
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 559 الدرر الكامنة 1/ 449 (1201) إنباء الغمر 3/ 259 الذيل على دول الإسلام 383 شذرات الذهب 8/ 594.
(3)
القبيبات - قال ياقوت -محلة جليلة بظاهر دمشق- معجم البلدان 4/ 350 (9427).
هذا الحال وفي أثناء ذلك يشتغل بالعلم ويسلك طريق الصوفية والنظر في كلامهم ولازم الشيخ قطب الدين مدة واجتمع بغيره، وكان يطالع أيضًا كتب الحديث ويحفظ جملة من الأحاديث ويعزوها إلى رواتها وله إلمام جيد بالفقه وكلام الفقهاء واشتهر أمره وصار له أتباع وكان شعاره إرخاء عذبة خلف الظهر ولم يزل يعمل بيده إلى آخر الوقت ثم علا ذكره وبَعُد صيته وصار يتردد إليه نواب الشام وكبار الأمراء ويمتثلون أوامره وسافر إلى مصر بآخره مستخفيًا وحج غير مرة، ثم عظم قدره عند هذا السلطان وكان يكاتبه ويأمره بما فيه نفع للمسلمين ثم إن السلطان عام أولى اجتمع به وصعد السلطان إلى منزله ورقى السلم وأعطاه مالًا فأبى أن يقبله، وكان إذ ذاك بالقدس الشريف وكان من سنوات قد توجه زائرًا واشترى هناك كرمًا فكان يذهب إلى هناك ثم يرجع إلى دمشق، وقد اجتمعت به مرة وهو شاب في حدود السبعين وسبعمئة قبل اشتهاره، توفي ليلة الاثنين عند المغرب حادي عشريه بالقدس الشريف، وكان قد عزم على الرجوع إلى دمشق ودفن من الغد بمقبرة ماملا عند العصر بعدما صُلي عليه بالمسجد الأقصى عقيب صلاة الظهر وحضر جنازته أُممٌ لا يحصون كثرة ورفعوا نعشه على الأصابع وأظنه جاوز الستين، وصلى عليه صلاة الغائب بجامع دمشق يوم الجمعة ثاني ذي القعدة.
وفيه، وقال لي قاضي نابلس، توفي يوم توفي الشيخ أبو بكر، توفي الشيخ الإمام العالم بقية شيوخ الحنابلة شمس الدين محمد (1) بن عبد القادر بن ..... الجعفري الحنبلي النابلسي بها، وكان من الفضلاء يذكر لقضاء دمشق ثم وليه ابنه شرف الدين عبد القادر وكان من الفضلاء فلما توفي بدمشق وبلغ والده في أواخر سنة ثلاث وتسعين حزن عليه حزنًا أوجب تغيره ولم يزل إلى أن توفي، وكان له إلمام بالحديث وكتابته.
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 568 الدرر الكامنة 4/ 20 (53) إنباء الغمر 4/ 20 الذيل على دول الإسلام 382 السحب الوابلة 388 الجوهر المنضد 148.