الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شوال
أوله الاثنين سابع عشر حزيران ثالث عشري بونة وكان نور الهلال ليلة الأحد نصف وخمس أصبع وبعده نحو عشر درج ومكثه ثماني درج ونصف وكان لا يرى عاليًا.
ويوم العيد جاءت أخبار من ناحية الشرق والشمال فمنها موت سولي (1) بن دل غادر كبير التركمان وكان من العصاة على هذا السلطان فتوجه مملوك نائب حلب يومئذ بعد وصوله إلى السلطان بخبر موته.
ومنها أن ابن تمر قصد بغداد وأراد ان يبعث أهلها كما فعل أبوه فخرجوا إليه فقاتلوه فكسروه كسرة فظيعة.
ومنها رجع الرسول الذي أرسله نائب الشامع التجار الذين أخذ نعير بضائعهم بأسفل عقبة الصوان كما تقدم، وأرسل النائب معهم كتابًا إليه يستعطفه عليهم فرجع الرسول بالجواب أنه أعطاهم نصف البضاعة واشتروا منه النصف الآخر برخص وفرحوا بذلك، وأرسل إليه يسأله استعطاف السلطان عليه ورضاه عنه، فكتب النائب إلى السلطان بذلك وأرسله مع دوادار الصغير فارس فأرسل من الغد.
واستهل شوال والموت بالطاعون كثير مستمر على ما كان عليه في رمضان، هذا وهو في الديوان لا يتجاوز العد بخمسين إلا قليلًا، تجاوزه
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 676 الدرر الكامنة 2/ 179 (1911) إنباء الغمر 3/ 420.
يوم الأربعاء ثالثه ولكن خارج عمن يموت بالقبيبات والصالحية والمارستان والحاصل أنه يتجاوز المائة وربما يصل إلى المائة والخمسين سوى من يموت بالغوطة (1) والمرج وهم كثير نحو هذا العدد والله أعلم.
ويوم الجمعة خامسه وصل ركب الحجاج الحلبيين فنزلوا الميدان على العادة وهم قليلون وليس معهم محمل بل جاءوا على العادة القديمة وكانوا في هذه السنوات الثلاث يجيئون بمحمل وليس مع أميرهم طبلخاناة وكذلك الحجاج من جهة الروم قليلون.
ويوم السبت سادسه انتقل القاضي علاء الدين من العذراوية إلى بيته ليمرض فيه استؤذن النائب في ذلك فأذن له، وابن الجواشني أيضًا ضعيف انتقل إلى أعلا المدرسة ليمرض وبلغني أنهم أطلقوا ابن قاضي أذرعات وكان أمره وقع بالتبعية.
ويوم الاثنين ثامنه سار بقية التجار والمتوجهون معهم إلى الحجاز على درب غزة.
ويوم الثلاثاء تاسعه أول أبيب ..... زيادة النيل، ويومئذ سعر الخبز كل رطل بدرهم والمعروك عشر أواق وذلك لأن القمح سعره الغرارة مائة وخمسين تقريبًا.
ويوم الخميس حادي عشره خرج المحمل السلطاني من القلعة للتوجه إلى الحجاز وتقدموا بذلك على العادة المتأخرة وأمير الحاج حاجب الحجاب طنبغا العثماني وقاضيه عمران ومن الحجاج المعروفين الشيخ شهاب الدين ابن الجباب والشيخ عبد الملك شيخ خانقاه خاتون ومعه عبد السلام من صوفيتها وطلبة العلم وشهاب الدين النابلسي والقاضي بدر الدين القدسي الحنفي، وتوجه بقية الحلبيين وأميرهم صبيحة يوم السبت.
(1) الغوطة - قال ياقوت - هي الكورة التي منها دمشق تحيط بها الجبال العالية من جميع جهاتها وبها الأنهار الجارية وهي بالإجماع أنزه بلاد الله وأحسنها منظراً - معجم البلدان 4/ 248 (8948).
وصبح يوم الجمعة ثاني عشره توفي ابن أختي تاج الدين أبو الفتح (1) محمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن سليم ابن كامل الجداوي ببيت والده بأعلا المدرسة الأسدية ظاهر دمشق مطعوناً انقطع ستة أيام وصلى عليه عقيب صلاة الجمعة بجامع تنكز ودفن بطرف مقبرة الصوفية الغربي غربي قبر جده والدي وابن الصلاح، وسنه ستة عشر سنة إلا ثلاثة وخمسين يوماً لأن مولده في خامس ذي الحجة سنة أربع وثمانين، أحضرته صحيح البخاري عن ابن عوض وأسمعته على ابن خطيب المزة وجماعة وحفظ القرآن والتحبير للزنكلوني وهو التنبيه مصححاً، وكان ذكياً فهماً أُصيب به والداه جبر الله مصيبتهما.
ويوم الأحد أو الاثنين نصفه سعر الخبز كل رطل وثلث بدرهم والمعروك كل رطل بدرهم وذلك لنقصان سعر الغلة مع أن القمح الجديد لم يجيء منه إلا القليل من حول البلد وفرح الناس بذلك واطمأنت خواطرهم لكن حصل لهم نكد بالطاعون وموت الأقارب والإخوان.
وبعد مضي نصف ليلة الاثنين نصفه وهو أول تموز توفي أخي (2) بهاء الدين أبو البقاء محمد بإيوان المدرسة الأسدية ظاهر دمشق مطعونًا انقطع ستة أيام ومات في السابع وصلى عليه بعد صلاة الظهر بجامع تنكز ودفن بطرف مقبرة الصوفية غربي قبر والده جوار قبر تاج الدين المقدم ذكره من القبلة وشيّعه جماعة كخيرون من القضاة والفقهاء والأمراء والعوام وبكوا عليه وترحموا وتزاحموا على حمل نعشه وكان الناس يحبونه لحسن قراءته وعشرته، مولده في ربيع الأول أظنه في ثامنه سنة ثلاث وستين بأعلا المدرسة الأسدية المذكورة، وكمل سبعة وثلاثين سنة وسبعة أشهر ونحو سبعة أيام، حفظ القرآن العظيم وصلى التراويح بالناس وكان الناس يقصدون سماع قراءته لحسن صوته ولينه وآدابه وطيب نغمه ولما صلى وهو صبي
(1) * * * *
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 682، إنباء الغمر 3/ 411.
كان الناس يأتونه أفواجًا ليسمعوا قراءته حتى المعروفون بالأصوات والأنغام كالفاخوري ونحوه، وخطب يوم الجمعة خطبة فاق بها كل أبناء جنسه حضرها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء وبالغ في شكره وروى بسنده حديثًا بحضرته من المسند، ولاه وظائف وباشر عدة وظائف ثم تركها ودرس عني بالظُبْيَانية، ثم كان في آخر أمره صوفيًا بخانقاه عمر شاه وفقيهًا بالركنية واستدعاه ابن تنكز ليؤم الناس في التراويح بجامع جده في هذا العام فكان الناس يأتون أفواجًا لسماع قراءته وكان يقرأ صحيح البخاري ومسلم قراءة جيدة وفهمه في العلم جيد وله مشاركة في فنون وألف كتابًا في الدعاء حذو "سلاح المؤمن" سماه "جنة المتقي" وألف مولدين ورثاه الشيخ سلمان القابوني الصوفي بخانقاه خاتون وغيره وقرئت المراثي بالمقبرة وبكى الناس.
وليلة الأحد حادي عشريه كان الحريق العظيم قبلي الجامع الأموي وقع في أثناء الليل، خرج من موضع بالقرب من المدرسة الجوزية فاحترق الجانبان وأخذ قبله إلى البزوريين وانتهى إلى حمام نور الدين وما يقابله من الجانب الآخر وأخذ غربًا إلى الحويرة إلى قيسارية السلاح وشمالًا إلى جدران النحاسين فاحترقت القيسارية البهنسية والصاغة وحوانيت الزيادة وبعض الأبنية واستمر الحريق عمالًا إلى آخر نهار الاثنين، وكانوا قد قطعوا عنهم يوم الأحد عن البهنسية وعن عمارات الأمينية ثم تركوه آخر النهار تهاونًا فلم يشعروا إلا وقد عملت النار في الجانبين إلى أن انتهت إلى ما انتهت فالحكم لله العلي الكبير.
ويوم الاثنين ثاني عشريه ولي القطب النحاس الحسبة وخلع عليه بذلك وعزل ابن منصور ورسم عليه بالعذراوية، شكى عليه السمانون والطحانون يقال أنه أحدث على الطحانين معلومًا مقررًا والله أعلم.
ويوم الثلاثاء ثالث عشريه توفي الصدر تاج الدين محمد (1) بن القاضي الفاضل صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي الموقع مطعونًا وصلى عليه من
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 683.
الغد بالجامع ودفن بالصوفية وكان في عشر الخمسين، وكان أسرع إليه الشيب وولى توقيع الحاجب مرتين وكان تركي العينين ثم توفي ولداه وانقرضوا آخرهما موتًا في العشرين من ذي القعدة.
ويوم الأربعاء رابع عشريه توفي نجم الدين أحمد (1) بن علاء الدين علي البراذعي سبط القاضي شهاب الدين الزهري مطعونًا انقطع دون ثلاثة أيام وله بضح وعشرون سنةً بالحمصية تجاه الشامية البرانية ودفن على والده باب الصغير وكان ذكيًا فهمًا درس بالمدرسة المذكورة وكان له بستان وقف عليه انتقل بموته إلى ديوان الصدقات لأنه لم يخلف إلا بنتًا وهو وقف على الذكور وكان هو آخر الذكور من الذرية.
ويوم الخميس خامس عشريه وصل توقيع القاضي محيي الدين محمود بن قاضي القضاة نجم الديلات الحنفي بقضاء الحنفية عوضًا عن القاضي تقي الدين ابن الكفري ولبس الخلعة من الغد من جامع تنكز وقرئ تقليده بالجامع على العادة ودرس بالنورية واستناب القاضي بدر الدين ابن الرضي ثم بعد أيام استناب ابن الخباز.
ويوم السبت سابع عشريه غيّمت السماء وحصل في آخر النهار رعد وبرق شرقي جبل الصالحية على جبل الخالوص ووقع مطر يسير على البلد قبل المغرب وبعده ووقع كثير في بعض القرى وذلك في ثالث عشر تموز في التاسع والعشرين من برج السرطان ومن الغد يوم الأحد ثامن عشريه قبل العصر وقع مطر كثير جدًا وفيه رعد جرت منه الميازيب كأفواه القرب ودام نحو ثلث ساعة قبل العصر وبعده وكان وقتًا عجيبًا وصارت الأرض موحلة ثم وقع من الغد يوم الاثنين كمثل الوقت المذكور قبيل العصر ابتلت منه الأرض.
وفي الساعة التاسعة من ليلة الاثنين بعد الفجر تاسع عشريه تنقل الشمس إلى برج الأسد في خاص عشر تموز ولم تخل في هذه السنة برج
(1) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 671.
من بروج الشمس من الميزان إلى الأسد من وقوع مطر سوى الجوزاء.
ويومئذ أُعيد ابن السري إلى ولاية البلد وانفصل ابن الحزامي، وكان وقع في الحريق وانقطع ضعيفًا ببيته.
وفيه توفي شمس الدين محمد الأموي الحواري (1) أحد فقهاء الشامية والعادلية الصغرى بالمارستان بمرض ...... طال به وكان زوج أخت ابن خطيب الحديثة وهو والد زوجة الشيخ بدر الدين ..... قبل موته (*).
(1) * * * *
(*) جاء في حاشية الورقة (71 ب): وفيه توفي الشيخ إبراهيم بن العماد أحمد بن عبد الهادي آخر من بقي من أخوته وقد روى عن ..... وله ترجمة في إنباء الغمر (3/ 398).