الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
-
حرف الألف
-
224-
أحمد بْن جَعْفَر بْن أحمد بن الخصيب [1] .
أبو العبّاس القيسيّ، القرطبيّ، المقرئ، المعروف بالقيشطاليّ. وقد تُبدَّل الشّين جيمًا [2] .
أخذ القراءات عَنْ أَبِي القاسم بْن النّحّاس، وحدَّث عن أبي محمد بن عَتّاب. وأقرأ القرآن والعربيَّة [3] .
روى عنه: أبو الحَسَن بن ربيع، وأبو عبد الله بن العويص، وأبو العبّاس بن مَضَاء [4] ، وغيرهم.
225-
أحمد بن سعد بن عليّ بْن الحسن بن القاسم بن عنان [5] .
[1] انظر عن (أحمد بن جعفر) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 46، 47، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 1/ 82- 84 رقم 94، وبغية الوعاة 1/ 129، 130.
[2]
في الذيل والتكملة 1/ 83: «القيجاطي» .
[3]
قال المراكشي: وكان مقرئا، مجوّدا، متقدّما في حسن الأداء وإتقان الضبط، متحقّقا بالعربية، ماهرا فيها، ذا حظّ وافر من رواية الحديث، وقرض الشعر، والإحسان فيه. ومن شعره:
ليس الخمول بعار
…
على امرئ ذي جلال
فليلة القدر تخفى
…
وتلك خير الليالي
[4]
قال المراكشي: ووقع في شيوخ أبي جعفر ابن مضاء: أحمد بن عبد الرحمن بن خصيب وهو المذكور بعد في موضعه من هذا المجموع فجعلهما أبو عبد الله ابن الأبّار واحدا، ووهّم في ذلك أبا جعفر ابن مضاء، وكذلك فعل أبو جعفر ابن الزبير، وذكر أن وفاته سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ووهما في ذلك، وهما رجلان، وابن جعفر أشهرهما فيما استقريت من آثارهما، ولعلّ أحدهما قريب الآخر، والله أعلم. (الذيل والتكملة 1/ 83، 84) .
[5]
انظر عن (أحمد بن سعد) في: الأنساب 8/ 401، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ورقة 6 أ،
أبو عليّ العِجْليّ، الهَمَذانيّ، المعروف بالبديع.
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين. وسمّعه أبوه، ثمّ رحل هو بنفسه إلى أصبهان، وبغداد، والكوفة، والرَّيّ.
سمع: بكر بن حَيد صاحب أبي الحسين القنْطريّ، وأبا إسحاق الشّيرازيّ، ويوسف بن محمد الهَمَذانيّ الخطيب، وأبا الفَرَج بن عبد الحميد، وأبا طاهر بن الزّاهد، وعامَّة هَمَذَانّيين، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الرئيس بأصبهان، وأبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، وابن البَطِر، وجماعة ببغداد، ومكّيّ بن علّان بالكرج.
روى كتاب «المُتَحابّين» لابن لال، سماعًا عن أبي الفَرَج عليّ بن محمد بن عبد الحميد، عنه.
روى عنه: ابن عساكر [1] ، وابن السّمعانيّ، وابن الْجَوْزيّ، وطائفة.
قال ابن السّمعانيّ [2] : شيخ، إمام، فاضل، ثقة، كبير، جليل القدْر، واسع الرّواية، حسن المعاشرة. وله نظم جيّد.
وقد ذكره شيروَيْه في «الصّفات» ، فقال: صَدوق، فاضل. يرجع إلى نصيب من كلّ العلوم أدبا، وفقها، وحديثًا، وتذكيرًا. وكان يراعي النّاس ويُداريهم، ويقوم بحقوقهم، مقبولًا بين الخاصّ والعامّ.
وقال غيره: تُوُفّي سنة ستٍّ وثلاثين في رجب، وقبره يُزار، رحمه الله.
226-
أحمد بن محمد بن أحمد بن [3] هالة [4] .
[ () ] وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 340، 341 رقم 102، وسير أعلام النبلاء 10/ 95، 96 رقم 56، و 144، 145 رقم 56، وتذكرة الحفاظ 4/ 1281، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 17، 18، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 247، والوافي بالوفيات 6/ 384، 385، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 115 ب.
[1]
مشيخة ابن عساكر 6 أ.
[2]
انظر: الأنساب 8/ 401.
[3]
انظر عن (أحمد بن محمد بن أحمد) في: الأنساب 6/ 168، 169.
[4]
في الأصل: «ضالة» .
أبو العباس الرُّنانيّ [1] ، ورنّان، من قرى أصبهان.
كان من أعيان القرّاء.
قرأ على: أبي عليّ الحدّاد، وبواسط على أبي العِزّ القَلانسيّ.
وسمع من غانم البرجيّ فمَنْ بعده.
وببغداد من طائفة بعد العشرين وخمسمائة.
ونسخ الكثير، وخرَّج للشّيوخ، وختم خلْقًا.
وتُوُفّي بالحلَّة السَّيْفية، مرجعه من الحجّ، فجأةً في صَفَر.
وقد خرَّجَ الحافظ إسماعيل بن محمد التَّيْميّ عشرة أجزاء له.
227-
إسماعيل بن أبي القاسم بن عبد الواحد [2] .
الإمام، أبو سعيد الخَرْجِرْدِيّ [3] ، وهى بُلَيْدة من أعمال بوسنج.
فاضل عالم عابد، نزل هَرَاة، وحدَّث عن: أبي صالح المؤذّن، وأبي عَمْرو المَحْمِيّ، وابن خَلَف الشّيرازيّ.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
قلت: هو الآتي في سنة ستّ.
228-
إسماعيل بْن محمد بْن الفضل بْن عليّ بْن أحمد بن طاهر [4] .
[1] الرناني: بضم الراء وفتح النون ونون أخرى بعد الألف. هذه النسبة إلى رنان وهي إحدى قرى أصبهان.
[2]
انظر ترجمته ومصادرها في وفيات السنة التالية، برقم (273)، وهو هناك:«إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد البوشنجي» .
[3]
الخرجردي: ضبطها في الأصل بضم الجيم، وقال ابن السمعاني: بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر الجيم وسكون الراء الأخرى وكسر الدال المهملة. وهي بلدة من بلاد فوشنج هراة. (الأنساب 5/ 77) .
[4]
انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: الأنساب 3/ 368، والمنتظم 10/ 90 رقم 18 (18/ 10 رقم 4066) ، والتقييد لابن نقطة 210، 211 رقم 247، والكامل في التاريخ 11/ 80، واللباب 1/ 309، 310، وتذكرة الحفاظ 4/ 1277، وسير أعلام النبلاء 20/ 80، والإعلام بوفيات الأعلام 219، والعبر 4/ 94، ودول الإسلام 2/ 55، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 177، وعيون التواريخ 12/ 363، 364، و 365، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 359- 361، والوافي بالوفيات 9/ 211، ومرآة الجنان 3/ 263، والبداية والنهاية 12/ 217، وطبقات المفسّرين للسيوطي 8، وتاريخ الخلفاء، له 442، وطبقات الحفاظ 463، والنجوم الزاهرة
الحافظ الكبير، أبو القاسم التَّيْميّ، الطَّلْحيّ [1] ، الأصبهانيّ، المعروف بالحُوزيّ [2] ، الملقب بقوام السُّنة.
وُلِد سنة سبع [3] وخمسين وأربعمائة في تاسع شوّال. وسمع من: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ، وعائشة بنت الحَسَن الوَرْكانيَّة، وإبراهيم بن محمد الطَيّان، وأبي الخير بن رَرَا، وأبي منصور بن شكرُوَية، وابن ماجة الأَبْهَريّ، وأبي عيسى بن عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وطائفة من أصحاب ابن خُرَّشِيذ قُولَه.
ورحل إلى بغداد، فأدرك أبا نصر الزَّيْنبيّ، وهو أكبر شيخٍ له، فسمع منه، ومن: عاصم الأديب، ومالك البانياسيّ، والموجودين.
ورحل إلى نَيْسابور فسمع: أبا نصر محمد بن سهل السّرّاج، وعثمان بْن محمد المَحْمِيّ، وأبا بَكْر بْن خَلَف، وجماعة من أصحاب ابن مَحْمِش.
وسمع بعدَّة بلاد، وجاور بمكَّة سنة، وصنَّف التّصانيف، وأملى، وتكلّم في الجرْح والتّعديل.
روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، ويحيى بن محمود الثّقفيّ، وعبد الله بن محمد بن حمْد الخبّاز، والقاضي أبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكويّ، وأبو نَجِيح فضل الله بن عثمان، وأبو المجد زاهر بن أحمد، والمؤيَّد ابن الأخوة، وآخرون.
قال أبو موسى في «مُعْجمه» : أبو القاسم إسماعيل ابن الشَيخ، الصّالح حقيقة، أبي جعفر محمد بن الفضل الحافظ، إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقُدْوة أهل السُّنَّة في زمانه، حدَّثنا عنه غيرُ واحدٍ من مشايخنا في حال حياته بمكّة، وبغداد، وأصبهان. وأصمت في صفر سنة أربع وثلاثين، ثمّ فلج
[5] / 267، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 114، وشذرات الذهب 4/ 105، 106، وكشف الظنون 123، 211، 400، وهدية العارفين 1/ 211، والرسالة المستطرفة 57، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 39، 40، وديوان الإسلام 2/ 32 رقم 607، والأعلام 1/ 323، ومعجم المؤلفين 2/ 293.
[1]
في مرآة الجنان تحرّفت إلى: «الطليحي» .
[2]
هكذا في الأصل. وفي عيون التواريخ: «جوجي» وهو العصفور بلسان أصبهان.
[3]
في الكامل في التاريخ 11/ 80: «تسع» ، ومثله في المنتظم 10/ 90 (18/ 10) .
بعد مدّة، وتوفّي بكْرَة يوم الأضحى، وصلى عليه أخوه أبو المَرْضيّ، واجتمع في جنازته جمْعٌ لم نَرَ مثلهم كثرةً، رحمه الله.
قلت: وقد أفرد أبو موسى له ترجمة في جزء كبر مبوَّب، فافتتحه بتعظيم والده أبي جعفر محمد بن الفضل، ووصفه بالصّلاح، والزُّهد، والأمانة، والورع. ثمّ روى عن أبي زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ أنّه قال: أبو جعفر عفيف، ديّن، لم نَرَ مثله في الدّيانة والأمانة في وقتنا، قرأ القرآن على أبي المظفَّر بن شبيب، وسمع من سعيد العيّار، ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.
قال أبو موسى: ووالدته من أولاد طلحة رضي الله عنه، وهي بنت محمد بن مُصْعَب. فقال أبو القاسم في بعض أماليه عقيب حديثٍ رواه عن شيخٍ له، عن أبي بكر محمد بن عليّ بن إبراهيم بن مصعب: كان أبو بكر عمّ والدي، وهو من أوائل أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة في البلد.
قال أبو موسى: قال أبو القاسم إسماعيل: سعت من عائشة الوَرْكانيَّة وأنا ابن أربع سِنين.
وقد سمع إسماعيل أيضًا من أبي القاسم عليّ بْن عبد الرحمن بْن عُلَيَّك القادم أصبهان في سنة إحدى وستّين، ولا أعلم أحدًا عابَ عليه قولًا ولا فعلًا، ولا عانده أحدٌ في شيءٍ إلّا وقد نصره الله. وكان نزه النَّفس عن المطامع، لَا يدخل على السّلاطين، ولا على المتّصلين بهم. قد خلّى [1] دارًا من ملْكه لأهل العِلم، مع خفَّة يده، ولو أعطاه الرجل الدّنيا بأسرها لم يرتفع ذلك عنده، ويكون هو وغيره ممّن لم يُعطه شيئًا سواء. يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون.
بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المُسْنِدُون، والأئمة، والحُفّاظ. ما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المُمْلُون، بل كان يأخذ معه آجُرَّ، فَيُملي مِنها على البديهة.
أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ الحافظ إذْنًا في كتاب «الطّبقات» :
[1] في سير أعلام النبلاء 20/ 82: «أخلى» .
إسماعيل بن محمد الحافظ أبو القاسم، حَسَن الاعتقاد، جميل الطّريقة، مقبول القول، قليل الكلام، ليس في وقته مثله.
وقال أبو مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون:
ما رحل إلى بغداد بعد أحمد بن حنبل أفضل وأحفظ من الشَيخ الإمام إسماعيل.
قال أبو موسى: إن الدّليل على أنّه إمام المائة الخامسة الّذي أحيا الله به الدّين.
قال: لَا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل هذا الحديث إلّا هذا الإمام.
قلت: تكلف أبو موسى في هذا الكتاب تكلفًا زائدًا، وجعل أبا القاسم على رأس الخمسمائة، وإنّما كان اشتهاره من العشرين وخمسمائة ونحوها، وإلي أنّ مات. هذا إذا سُلِّم له أنّه أجلّ هل زمانه في العلم.
وقال أيضًا: فإن اعترض معترضٌ بقول أحمد: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ في الحديث «برجلٍ من أهل بيتي» . قيل لَهُ: لم يُرَد أنّ يكون من بني هاشم أو بني المطَّلِب.
قلت: لم يقُلْ أحدٌ هذا أصلًا، ولا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالاعتراض باطل.
ثمّ إنّه أخذ يتكلف عن هذا، وقال: كتبتُ أنّه صلى الله عليه وسلم أراد من قريش. وهذا الإمام الّذي تأولته على الحديث من قريش من أولاد طلحة بن عُبَيْد الله من جهة الأمّ.
ثمّ شرع ينتصر بأنّ ابن أخت القوم [منهم][1] . وهذا يدلّ على أنّ إمامنا قُرَشيّ.
وعن أبي القاسم إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدا يحفظ حفظي.
[1] في الأصل بياض.
قال أبو موسى: وكان رحمه الله يحفظ مع المسانيد الآثار والحكايات.
سمعته يقول يومًا: ليس في «الشّهاب» للقُضاعيّ من الأحاديث إلّا قدْر خمسين حديثًا، أو نحو ذلك.
قال أبو موسى: وقد قرأ عدَّة ختمات بقراءات على جماعة، وأمّا علم التّفسير، والمعنى، والإعراب، فقد صنَّف فيه كتابًا بالعربية وبالفارسية، وأمّا علم الفقه فقد شهر فتاويه في البلد والرّساتيق، بحيث لم ينكر أحدٌ شيئًا من فتاويه في المذهب، وأصول الدِّين، والسُّنَّة.
وكان يُجِيد النَّحْو. وله في النَّحْو يد بيضاء. صنف كتاب «إعراب القرآن» . ثمّ قال: أنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد، نا أبو المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العَلَويّ بهَمَذَان: ثنا الإمام الكبير، بديع وقته، وقريع دهره، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، فذكر حديثًا.
سألتُ أبا القاسم إسماعيل بن محمد يومًا، وقلت له: أليس قد رُوي عن ابن عباس في قوله تعالى: اسْتَوى 2: 29 قعد؟ قال: نعم.
قلت له: يقول إسحاق بن راهَوَيْه: إنّما يوصف بالقعود من عمل القيام.
فقال: لَا أدري إيش يقول إسحاق.
وسمعته يقول: أخطأ ابن خُزَيْمة في حديث الصّورة، ولا يُطعن عليه بذلك، بل لَا يؤخذ عنه هذا فحسب.
قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنّه قلّ من إمام إلّا وله زلَّة فإذا تُرِك ذلك الإمام لأجل زلّته تُرِكَ كثير من الأئمَّة، وهذا لَا ينبغي أنّ يُفْعل.
وكان من شدة تمسُّكه بالسُّنة، وتعظيمه للحديث، وتحرُّزه من العدول عنه، ما تكلَّم فيه من حديث نُعَيم بن حمّاد الّذي رواه بإسناد في النّزول بالذّات. وكان من اعتقاد الإمام إسماعيل أنّ نزول الله تعالى بالذّات. وهو مشهور من مذهبه، قد كتبه في فتاوى عدَّة، وأملى فيه أمالي، إلّا أنّه كان يقول:
وعلى بعض رُواته مطعن.
سمعت محمد بن مَحْمِش: سمعت الإمام أبا مسعود يقول: ربّما كنا
نمضي مع الإمام أبي القاسم إلى بعض المشاهد المعروفة، فكلّما استيقظنا من اللّيل رأيناه قائمًا يصلّي. وسمعت من يحكي عنه في اليوم الّذي قدِم بولده ميّتًا، وجلس للتّعزية، جدَّد الوضوء في ذلك اليوم قريبًا من ثلاثين مرَّة. كلّ ذلك يصلّي ركعتين.
وسمعت غير واحدٍ من أصحابه أنّه كان يُمْلي «شرح مسلم» عند قبر ولده أبي عبد الله، فلمّا كان ختم يوم الكتاب عمل مأدُبةً وحلاوة كثيرة، وحُمِلت إلى المقبرة. وكان أبو عبد الله محمد قد وُلِد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلّها، حتّى ما كان يتقدمه كبيرُ أحدٍ في وقته في الفصاحة، والبيان، والذّكاء، والفهم. وكان أبوه يفضله على نفسه في اللُّغة، وجَريان اللّسان.
وقد شرح في «الصّحيحين» فأملى في شرح كلّ واحدٍ منهما صدرًا صالحًا. وله تصانيف كثيرة مع صِغَر سِنّه، ثمّ اخترمَتْه المَنِيَّة بهَمَذَان في سنة ستٍّ وعشرين.
وكان والده يروي عنه إجازةً، وكان شديد الفقد عليه.
سمعت أبا الفتح أحمد بن الحَسَن يقول: كنّا نمشي مع أبي القاسم يومًا، فوقف والتفت إلى الشَيخ أبي مسعود الحافظ وقال: أطال الله عُمرك، فإنّك تعيش طويلًا، ولا ترى مثلك. وهذا من كراماته.
قال أبو موسى: صنَّف أبو القاسم التّفسير في ثلاثين مجلَّدة كبارًا، وسماه «الجامع» . وله كتاب «الإيضاح في التّفسير» أربع مجلّدات، وكتاب «الموضح في التّفسير» ثلاث مجلَّدات، وكتاب «المعتمد في التّفسير» عشر مجلَّدات، وكتاب «التّفسير» بالأصبهانيّ عدَّة مجلَّدات، وكتاب «السُّنَّة» مجلَّدة، وكتاب «التّرغيب والتّرهيب» ، وكتاب «سير السّلف» مجلّدة ضخمة، و «شرح صحيح مسلم» ، كان قد صنّفه ابنه فأتمّهما، وكتاب «دلائل النُّبُوَّة» مجلَّدة، وكتاب «المغازي» مجلَّدة، وكتاب صغير في السُّنَّة، وكتاب في الحكايات، مجلّدة ضخمة، وكتاب «الخلفاء» في جزء، وتفسير كتاب «الشّهاب» باللّسان الأصبهانيّ، وكتاب «التّذكرة» نحو ثلاثين جزءًا. وقد تقدَّمت أماليه.
قال الحافظ ابن ناصر: حدَّثني أبو جعفر محمد بن الحسين بن محمد ابن أخي الحافظ إسماعيل قال: حدَّثني أحمد الأسواريّ الذّي تولّى غسل عمّي،
وكان ثقة، أنّه أراد أن ينحّي عن سوأته الخِرْقة لأجل الغسْل، فجبذها إسماعيل من يده، وغطّى بها فَرْجه، فقال الغاسل: أحياة بعد موت [1] ؟! وقال ابن السّمعانيّ: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر:
وهو إمام في التّفسير، والحديث، واللّغة، والأدب، عارف بالمُتُون والأسانيد، وكنت إذا سألته عن الغوامض والمُشْكِلات أجاب في الحال بجوابٍ شافٍ.
وسمع الكثير ونسخ، ووهب أكثر أصوله في آخر عمره. وأملى بجامع أصبهان قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس [2] . وسمعته يقول: والدك ما كان يترك مجلس إملائي.
وكان والدي يقول: ما رأيت بالعراق ممّن يعرف الحديث أو يفهمه غير اثنين: إسماعيل الحوزيّ بأصبهان، والمؤتمن السّاجيّ ببغداد.
قال أبو سعد: استفدت منه الكثير، وتتلمذت له. وسألته عن أحوال جماعة.
وسمعتُ أَبَا القَاسِم الحافظ بدمشق يُثني عليه، وقال: رأيته وقد ضعُف وساء حِفْظُه.
وأثني عليه أبو زكريّا ابن مَنْدَهْ في «تاريخ أصبهان» .
وذكره محمد بن عبد الواحد الدّقّاق فقال: عديم النّظير، لَا مثيل له في وقته. كان والده ممّن يُضرب به المَثَل في الصّلاح والرّشاد.
قال السِّلَفيّ [3] : كان فاضلًا في العربيَّة ومعرفة الرّجال.
سمعت أبا عامر العَبْدَريّ يقول: ما رأيت شابًا ولا شيخًا قطّ مثل إسماعيل. ذاكَرْتُه فرأيته حافظًا للحديث، عارفًا بكلّ عِلْم، متقنّنًا. استعجل علينا بالخروج.
وسمعت أبا الحسين بن الطُّيُوريّ يقول غير مرَّة: ما قدِم علينا من خُراسان مثل إسماعيل بن محمد، رحمه الله.
[1] المنتظم 10/ 90 (18/ 10) .
[2]
قاله ابن الجوزي في المنتظم.
[3]
في معجم السفر (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 1.