الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [الحجرات: 6] الْآيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: شَهَادَةُ الشُّهُودِ غَيْرِ الْعُدُولِ فِي اسْتِحْقَاقِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، تُوجِبُ تَوْقِيفَهُ عِنْدَ أَصْبَغَ وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ، قَالَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ: وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَدَارَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَرَدِّهَا عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّ الصِّدْقِ وَعَدَمِهِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّ الْعَدَالَةَ تَتَبَعَّضُ فَيَكُونُ الرَّجُلُ عَدْلًا فِي شَيْءٍ فَاسِقًا فِي شَيْءٍ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لِلْحَاكِمِ فِيمَا شَهِدَ بِهِ قَبِلَ شَهَادَتَهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ فِسْقُهُ فِي غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَمَذْهَبُ أَصْحَابِنَا خِلَافُ هَذَا، فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الشَّهَادَةَ وَلَا يَحْكُمُ بِهَا.
[الْفَصْلُ الثَّانِي مَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ اعْتِمَادُهُ فِي أَمْر الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ اعْتِمَادُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ فِي أَمْرِهِمْ اعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ شَهَادَتِهِمْ إنَّمَا حَيْثُ يَكُونُونَ مَقْهُورِينَ، وَكَلِمَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ تَنْفُذُ فِي شَرِيفِهِمْ وَوَضِيعِهِمْ نُفُوذًا تَامًّا فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ، لَا يُتَّقَى فِي ذَلِكَ دَرَكٌ وَلَا يَخْشَى فِيهِ عَاقِبَةً، فَأَمَّا هَذِهِ الطَّائِفَةُ فَقَهْرُهُمْ نَاشِئٌ عَنْ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ لِلتَّقِيَّةِ فَهُمْ بِهِ مَقْهُورُونَ لَا بِالْقُضَاةِ، وَلِذَلِكَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَ بِهَا إلَّا شُهُودٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَا لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِتَابَتِهِمْ، وَرُبَّمَا ثَارَتْ الْفِتْنَةُ فِي الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ مِرَارًا مِنْ الْأَشْرَافِ بِسَبَبِ الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ فِي إنْكَارِ بَعْضِ بِدْعَتِهِمْ، فَمَا يُخْمِدُهَا إلَّا احْتِرَامُ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ وَخَشْيَةُ الْعَاقِبَةِ مِنْهُ لِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ إعْلَاءِ السُّنَّةِ وَقَمْعِ الْبِدْعَةِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ مَا وَقَعَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ، فَفِي التَّهْذِيبِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ يُسْتَنَابُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِثْلُ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: قَوْلُهُ وَيُسْتَتَابُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مَقْهُورُونَ، قَالَ الْبَاجِيُّ أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا حُكْمُهُمْ إذَا كَانُوا بِدَارِهِمْ وَدَعَوْا إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا تَعَرُّضَ لَهُمْ، وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَقَالَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ سَوَاءٌ كَانُوا بِدَارِهِمْ وَدَعَوْا إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مَقْهُورِينَ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، كَانَ لَهُمْ حُكْمٌ آخَرُ، لِأَنَّ عَدَمَ التَّمَكُّنِ يَسْتَلْزِمُ التَّقِيَّةَ، فَحَيْثُ تَحْصُلُ التَّقِيَّةُ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ،
فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يُؤَدِّي تَعَاطِيهِ إلَى فِتْنَةٍ وَوُقُوعِ شَرٍّ لَا يُؤْمَنُ عَاقِبَتُهُ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ أَنْ يَجْتَنِبَ سَمَاعَ الدَّعْوَى فِي حُكُومَاتِهِمْ الَّتِي يُقْضَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمَالِكِيَّةِ كَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ وَابْنِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ، لَا يُجِيزُونَ الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مَعَ اتِّصَافِ الشَّاهِدِ بِالْعَدَالَةِ، فَالْمَنْعُ مَعَ الِاتِّصَافِ بِالْفِسْقِ أَحْرَى.
وَقَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ، وَمَنْ صَحَّ نَظَرُهُ فِي أَحْوَالِ النَّاسِ الْيَوْمَ وَالْمَعْرِفَةِ بِاخْتِلَافِ الشَّهَادَاتِ، لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِالْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ إلَّا مَعَ شَاهِدٍ مُبْرَزٍ فِي الْعَدَالَةِ وَالنَّبَاهَةِ.
وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ قُضَاةُ بَلَدِنَا مُنْذُ دَخَلَتْهُ الْعَرَبُ: أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ وَلَا يَقْضُونَ بِهِ، وَإِنِّي لَمُتَوَقِّفٌ عَنْ الِاخْتِيَارِ فِي هَذَا لِمَا ظَهَرَ مِنْ فَسَادِ النَّاسِ وَقِلَّةِ الْمُرَاعَاةِ فِي الشَّهَادَاتِ، وَيُحْكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ إلَّا حُكْمًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ حَسْبَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ، أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَلِكَ الدَّعْوَى فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَوَارِثُهُ صَغِيرٌ، أَوْ دَعْوَى عَلَى غَائِبٍ يُبَاعُ لِأَجْلِهَا مَالُهُ وَعَقَارُهُ، وَيُسْتَحَقُّ مِلْكُهُ أَوْ إثْبَاتِ وَصِيَّةِ مَيِّتٍ أَوْ وَكَالَةٍ عَنْ غَائِبٍ، فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَمَا أَشْبَهَهَا تَكْثِيرُ التُّهْمَةِ فِيهَا مَعَ كَثْرَةِ تَسَاهُلِهِمْ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْ الْقَاضِي ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ حَلَّفَ شُهُودَ تَرِكَةٍ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْحُكْمِ بِالسِّيَاسَةِ، وَكَذَلِكَ شُهُودُ التَّزْكِيَةِ وَالتَّجْرِيحِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شُهُودَهُمَا لَيْسُوا كَسَائِرِ الشُّهُودِ فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ عَلَى الْخَطِّ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ السَّبْعُ الْمَسَائِلُ الَّتِي اُشْتُرِطَ فِيهَا التَّبْرِيزُ فِي الْعَدَالَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي صِفَاتِ الشَّاهِدِ، وَأَمَّا الْحُكُومَاتُ الَّتِي يُمْكِنُ فَصْلُهَا بِالْإِقْرَارِ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ أَوْ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِالْحُكْمِ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ الدُّخُولُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِالْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ، وَقَدْ يَعْرِضُ هَذَا فِي زَمَنِ الْحَجِّ عِنْدَ سَفَرِ الْحُكَّامِ لِلْحَجِّ وَالْحُكُومَاتُ الَّتِي تُرْفَعُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: مَا يُقْصَدُ فِيهِ إنْشَاءُ حُكْمٍ مِثْلُ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ، وَتَقْدِيرُ النَّفَقَاتِ وَإِثْبَاتُ عُقُودِ الْبِيَاعَاتِ وَالرُّهُونِ وَالْوَكَالَاتِ وَالْأَحْبَاسِ، وَالشَّهَادَةِ
عَلَى الشَّهَادَةِ مِنْ ذِي عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ فِي ذَلِكَ مِنْ شُهُودِ أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ يَرْضَاهُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ يَرْضَاهُ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى شُهُودِهِمْ.
الثَّانِي: مَا يُرْفَعُ إلَيْهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَحْضُرُهُ غَيْرُهُمْ وَلَا يَشْهَدُ فِيهِ سِوَاهُمْ، مِثْلُ الْإِقْرَارَاتِ وَالْقَذْفِ وَالشَّتْمِ وَالْجِرَاحِ وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ، وَالشَّهَادَةِ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْأَيْمَانِ عَلَيْهِ وَالتَّعْلِيقَاتِ فِيهِ، وَالْعِتْقِ وَأَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ انْفِرَادِهِمْ فِي سُكْنَى مِنْ نَوَاحِي الْبَلَدِ، كَذَلِكَ سُكَّانُ ضَوَاحِيهَا وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ مَسَائِلُ الْمَذْهَبِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ، أَنَّ سَمَاعَ شَهَادَتِهِمْ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ جَائِزَةٌ لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ تُهْدَرُ الدِّمَاءُ وَتَتَعَطَّلُ الْحُدُودُ وَتَضِيعُ الْحُقُوقُ، وَقَدْ أَجَازُوا شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْجِرَاحِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمْ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَحْضُرُهَا الرِّجَالُ مِثْلَ الْعُرْسِ وَالْمَأْتَمِ وَالْحَمَّامِ وَالْقَتْلِ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَأَجَازُوا شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمْ صِيَانَةً لِلدِّمَاءِ، وَأَجَازُوا إشْهَادَ الرُّفْقَةِ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْمُعَامَلَاتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّوَسُّمِ، وَأَجَازُوا تَعْرِيفَ غَيْرِ الْعَدْلِ بِالْمَرْأَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا لِلضَّرُورَةِ، وَأَجَازُوا تَرْجَمَةَ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَالْمَسُوطِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُدُولِ، وَأَجَازُوا قَوْلَ الطَّبِيبِ النَّصْرَانِيِّ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ فِي مَقَادِيرِ الشِّجَاجِ وَالْجِرَاحِ وَتَسْمِيَتِهَا، وَفِي ذَلِكَ شَهَادَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِ الْجَارِحِ، أَنَّ الْجُرْحَ مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْعُيُوبِ، وَأَجَازُوا قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِي قِيَاسِ الْجِرَاحِ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، وَأَجَازُوا شَهَادَةَ غَيْرِ الْعَدْلِ فِي الْقَتْلِ، وَجَعَلُوهُ لَوْثًا يُقْسِمُ مَعَهُ الْأَوْلِيَاءُ وَفِي الْمَذْهَبِ لِابْنِ رَاشِدٍ.
وَفِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ عُدُولٌ قُبِلَ مِنْهُمْ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ لِلضَّرُورَةِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا قَالَهُ، ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَبْلَ هَذَا فِيمَا نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ، أَنَّهُ إذَا لَمْ نَجِدْ فِي جِهَةٍ إلَّا غَيْرَ الْعُدُولِ أَقَمْنَا أَصْلَحَهُمْ وَأَقَلَّهُمْ فُجُورًا لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ.
وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالُوا قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَإِذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى سَمَاعِ شَهَادَتِهِمْ، فَهَلْ يُكْتَفَى مِنْهُمْ بِالنِّصَابِ الْمَحْدُودِ فِي الشَّهَادَاتِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْكَثْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ؟ هَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَيَحْسُنُ