الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ عَمَلِ فُقَهَاءِ الطَّوَائِفِ الْأَرْبَعَةِ بِالْحُكْمِ وَالْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ]
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يَلْحَظَ الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ إذَا تَعَارَضَتْ فَمَا تَرَجَّحَ مِنْهَا قَضَى بِجَانِبِ التَّرْجِيحِ وَهُوَ قُوَّةُ التُّهْمَةِ وَلَا خِلَافَ فِي الْحُكْمِ بِهَا وَقَدْ جَاءَ الْعَمَلُ فِي مَسَائِلَ اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الطَّوَائِفُ الْأَرْبَعَةُ، وَبَعْضُهَا قَالَ بِهَا الْمَالِكِيَّةُ خَاصَّةً. الْأُولَى: أَنَّ الْفُقَهَاءَ كُلَّهُمْ يَقُولُونَ بِجَوَازِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ إذَا أُهْدِيَتْ إلَيْهِ لَيْلَةَ الزِّفَافِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَهُ عَدْلَانِ مِنْ الرِّجَالِ أَنَّ هَذِهِ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الَّتِي عَقَدْت عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَنْطِقْ النِّسَاءُ أَنَّ هَذِهِ امْرَأَتُهُ اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ النَّاسَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا لَمْ يَزَالُوا يَعْتَمِدُونَ عَلَى الصَّبِيَّانِ وَالْإِمَاءِ الْمُرْسَلِ مَعَهُمْ الْهَدَايَا وَأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ إلَيْهِمْ، فَيَقْبَلُوا أَقْوَالَهُمْ وَيَأْكُلُوا الطَّعَامَ الْمُرْسَلَ بِهِ، وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ خَبَرَ الْكَافِرِ فِي ذَلِكَ كَافٍ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ إذْنَ الصِّبْيَانِ فِي الدُّخُولِ إلَى الْمَنْزِلِ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّ الضَّيْفَ يَشْرَبُ مِنْ كُوزِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَيَتَّكِئُ عَلَى وِسَادَتِهِ وَيَقْضِي حَاجَتَهُ فِي مِرْحَاضِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وَلَا يُعَدُّ فِي ذَلِكَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. .
الْخَامِسَةُ: جَوَازُ أَخْذِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ صَاحِبُهُ مِمَّا لَا يُتْبِعُهُ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ كَالْفَلْسِ وَالتَّمْرَةِ وَالْعَصَا التَّافِهِ الثَّمَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
السَّادِسَةُ: جَوَازُ أَخْذِ مَا يَبْقَى فِي الْحَوَائِطِ وَالْأَقْرِحَةِ مِنْ الثِّمَارِ وَالْحَبِّ بَعْدَ انْتِقَالِ أَهْلِهِ عَنْهُ وَتَخْلِيَتِهِ وَتَسْيِيبِهِ.
السَّابِعَةُ: جَوَازُ أَخْذِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْحَبِّ عِنْدَ الْحَصَادِ مِمَّا لَا يَعْتَنِي صَاحِبُ الزَّرْعِ بِلَقْطِهِ.
الثَّامِنَةُ: جَوَازُ أَخْذِ مَا نَبَذَهُ النَّاسُ رَغْبَةً عَنْهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالْخِرَقِ وَالْخَزَفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
التَّاسِعَةُ: أَنَّ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ إذَا قَدَّمَ الطَّعَامَ لِلضَّيْفِ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْأَكْلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَفْظًا إذَا عُلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ قَدَّمَهُ لَهُ خَاصَّةً، وَلَيْسَ ثَمَّ غَائِبٌ يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ وَاسْتَمَرَّ بِدَلَالَةِ الْحَالِ الْجَارِيَةِ مَجْرَى الْقَطْعِ.
الْعَاشِرَةُ: إذْنُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْمَارِّ بِثَمَرِ الْغَيْرِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهِ وَلَا يَحْمِلُ مِنْهُ شَيْئًا، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْمَحُوطِ وَمَا لَيْسَ لَهُ حَارِسٌ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: جَوَازُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي الْأَقْرِحَةِ وَالْمَزَارِعِ الَّتِي فِيهَا الطُّرُقَاتُ الْعِظَامُ بِحَيْثُ لَا تَنْقَطِعُ الْمَارَّةُ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ غَصْبًا لَهَا وَلَا تَصَرُّفًا مَمْنُوعًا.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: الشُّرْبُ مِنْ الْمَصَانِعِ الْمَصْنُوعَةِ عَلَى الطُّرُقَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّارِبُ إذْنَ أَرْبَابِهَا فِي ذَلِكَ لَفْظًا اعْتِمَادًا عَلَى دَلَالَةِ الْحَالِ لَكِنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا، لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَقْتَضِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ شَاهِدُ حَالٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ حِينَئِذٍ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: جَوَازُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا مَحْضًا وَهُوَ لَمْ يَقُلْ قَتَلَهُ عَمْدًا، وَالْعَمْدِيَّةُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْقَلْبِ، فَجَازَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُمْ فِي الرِّكَازِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ سُمِّيَ كَنْزًا وَهُوَ كَاللُّقَطَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ شَكْلُ الصَّلِيبِ أَوْ الصُّوَرِ أَوْ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الرُّومِ فَهُوَ رِكَازٌ، فَهَذَا عَمَلٌ بِالْعَلَامَاتِ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً جَازَ لَهُ ضَرْبَهَا إذَا حَرَنَتْ فِي السَّيْرِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مَالِكَهَا. وَكَذَلِكَ رُكُوبُهَا بِالْمَهَامِيزِ.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: جَوَازُ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلدَّارِ لِأَضْيَافِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي الدُّخُولِ وَالْمَبِيتِ وَإِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: جَازَ غَسْلُ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّوْبَ الْمُسْتَأْجَرَ إذَا اتَّسَخَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْمُؤَجِّرَ فِي ذَلِكَ.
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ عَلَى بَيْعِ السِّلْعَةِ قَبْضُ ثَمَنِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَفْظًا اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةِ الْحَالِ.
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا وَجَدْنَا هَدْيًا مُشْعَرًا مَنْحُورًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ جَازَ الْأَكْلُ مِنْهُ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ.
الْعِشْرُونَ: لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ خَشَبًا فِي دَارِ رَجُلٍ، فَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ دَارِهِ مِنْ بَابِ الدَّوَابَّ وَالرِّجَالَ مَنْ يُحَوِّلُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمَالِكُ.
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ وَاعْتِبَارُهُ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا رُجُوعًا إلَى مُجَرَّدِ الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ، فَقُدِّمَتْ عَلَى أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: جَوَازُ دَفْعِ اللُّقَطَةِ لِوَاصِفِ عِفَاصِهَا وَوِكَاءَهَا اعْتِمَادًا عَلَى مُجَرَّدِ الْقَرِينَةِ، قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْوَدِيعَةِ وَالسَّرِقَةِ وَشِبْهِهَا إذَا جُهِلَ صَاحِبُهَا، هَلْ تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ الصِّفَةُ كَاللُّقَطَةِ أَمْ لَا؟ .
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا تَنَازَعَا جِدَارًا حُكِمَ بِهِ لِصَاحِبِ الْوَجْهِ وَمُعَاقِدِ الْقُمُطِ وَالطَّاقَاتِ وَالْجُذُوعِ وَذَلِكَ حُكْمٌ بِالْأَمَارَاتِ.
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، فَإِنَّ لِلرَّجُلِ مَا يُعْرَفُ لِلرِّجَالِ وَلِلْمَرْأَةِ مَا يُعْرَفُ لِلنِّسَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِهِ.
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: النَّظَرُ فِي أَمْرِ الْخُنْثَى وَالِاعْتِمَادُ فِيهِ عَلَى الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ وَالْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى إحْدَى حَالَتَيْهِ.
السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْبِكْرِ بِصِمَاتِهَا اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ.
السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: اعْتِبَارُ اللَّوْثِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْقَسَامَةِ وَالْأَخْذِ بِالْقَوَدِ.
الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: إرْخَاءُ السِّتْرِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ الْخَلْوَةُ بِهَا، قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ وَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَ وَقَالَ: لَمْ أُصِبْهَا، وَقَالَتْ: قَدْ وَطِئَنِي صُدِّقَتْ، وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُهَا يَمِينٌ أَمْ لَا؟ .
التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا وُجِدَتْ وَثِيقَةُ الدَّيْنِ بِيَدِ الْمَطْلُوبِ مَمْحُوَّةً وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ مَا فِيهَا، وَسَلَّمَهَا رَبُّ الدَّيْنِ إلَيْهِ، وَرَبُّ الدَّيْنِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَيَدَّعِي عَلَى سُقُوطِهَا، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْوَثِيقَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.
الثَّلَاثُونَ: دَعْوَى الْمَرْأَةِ الِاسْتِكْرَاهَ فِي الزِّنَا وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ بِهَا أَثَرٌ أَوْ أَمَارَةٌ كَالصِّيَاحِ وَشَبَهِ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ يُدْرَأُ عَنْهَا الْحَدُّ لِأَجْلِهَا.
الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ فِي الصَّحْوِ فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَرَهُ غَيْرُهُمَا، قَالَ سَحْنُونٌ: هُمَا شَاهِدَا سُوءٍ، فَإِذَا قُبِلَا فَعُدَّ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ. قَالَ مَالِكٌ هُمَا شَاهِدَا سُوءٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي كَذِبِهِمَا.
الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: اسْتِلْحَاقُ مَنْ يُكَذِّبُهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِ الْمُسْتَلْحَقِ أَوْ الشَّرْعُ لِشُهْرَةِ نَسَبِهِ أَوْ تُكَذِّبُهُ الْعَادَةُ، كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّاسِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ.
الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ: إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثٍ أَوْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ لَا يُقْبَلُ لِقِيَامِ قَرِينَةٍ فِي قَصْدِهِ نَفْعَهُمْ أَوْ اتِّصَالِ ذَلِكَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ عَلَى يَدِ صَدِيقِهِ.
الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: بَيْعُ الْمَضْغُوطِ وَإِقْرَارُهُ لَا يَجُوزُ لِقِيَامِ قَرِينَةِ الْإِكْرَاهِ.
الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: وُجُوبُ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ مُعْتَرِفٌ أَنَّهُ وَطِئَهَا
السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ أَوْ قَاءَهَا.
السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَكُنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ وَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى كَذِبِهَا.
الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ: انْعِقَادُ التَّبَايُعِ بِالْمُعَاطَاةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ اكْتِفَاءً بِالْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا: وَقَالَ بِهَذِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَقَالَ بِهَا الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُحَقَّرَاتِ وَخَالَفَهُمْ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي ذَلِكَ.
التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ رحمهم الله مَنَعُوا سَمَاعَ الدَّعْوَى الَّتِي لَا تُشْبِهُ الصِّدْقَ عُرْفًا، بَلْ الْعُرْفُ يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهَا كَدَعْوَى رَجُلٍ لِدَارٍ بِيَدِ حَائِزٍ يَتَصَرَّفُ بِالْهَدْمِ وَالْعِمَارَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً نَحْوَ عَشْرِ سِنِينَ، وَالْمُدَّعِي مُشَاهَدٌ سَاكِتٌ، وَلَا ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ خَوْفٍ وَلَا قَرَابَةٍ وَلَا صِهْرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى كَذِبِ الدَّعْوَى، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ مَتَاعَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُتَّهَمُ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِقِيَامِ شَاهِدِ الْحَالِ عَلَى كَذِبِهِ وَقَصْدِهِ الْأَذَى، وَيُؤَدَّبُ الْمُدَّعِي عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ.
الْأَرْبَعُونَ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا رَأَيْنَا رَجُلًا مَذْبُوحًا فِي دَارٍ وَالدَّمُ يَجْرِي، وَلَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَرَأَيْنَا رَجُلًا قَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فِي حَالَةٍ مُنْكَرَةٍ، عَلِمْنَا أَنَّهُ الَّذِي قَتَلَهُ، وَكَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَالْقَوَدَ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ.
الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُلَاعِنَ امْرَأَتَهُ وَيَشْهَدَ عَلَيْهَا بِالزِّنَا مُؤَكِّدًا لِذَلِكَ بِأَيْمَانِ اللِّعَانِ إذَا اعْتَقَدَ وُقُوعَ الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَآهَا تَزْنِي، كَمَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى عَلَى الْمَشْهُورِ فِي لِعَانِهِ اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ.
الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ مَالِكًا رحمه الله يَجْعَلُ الرَّهْنَ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ إلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ الرَّهْنِ.
الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا وَجَدَ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ بِخَطِّ أَبِيهِ أَنَّ لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ كَذَا جَازَ لَهُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ، فَإِنْ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى
الْحَلِفِ، اعْتِمَادًا عَلَى صِحَّةِ مَا كَتَبَهُ أَبُوهُ لِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ صِدْقِهِ وَتَثَبُّتِهِ فِيمَا يَضَعُ بِهِ خَطَّهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي الدَّعَاوَى.
الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا صَادَ بَازِيًا فِي رِجْلَيْهِ سَبَّاقَانِ، أَوْ ظَبْيًا فِي أُذُنَيْهِ قُرْطَانِ أَوْ فِي عُنُقِهِ سِلْكُ جَوْهَرٍ، فَلَيْسَ لِوَاجِدِهِ فِيهِ شَيْءٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهُ كَاللُّقَطَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ.
الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: لَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا جَوْهَرَةً مَثْقُوبَةً فَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْلَاكَ لَمْ تُدَاوِلْهَا، فَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: هِيَ لِلْبَائِعِ.
وَقَالَ الْأَبْيَانِيُّ: هِيَ لِلْمُشْتَرِي، كَمَنْ بَاعَ حَجَرًا لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ؟ فَإِذَا هُوَ جَوْهَرَةٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الذَّهَبِ لِابْنِ رَاشِدٍ.
السَّادِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: لَوْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ فِي حَيَاتِهَا، ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ، وَقَالَ: نَوَيْت مَا كَانَتْ فِي عِصْمَتِي، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ لِلْقَرِينَةِ الَّتِي تُصَدِّقُهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
السَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: لَوْ مَرَّ رَجُلٌ بِعَبْدٍ عَلَى الْعَشَّارِ فَمَسَكَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَقَالَ سَيِّدُهُ: هُوَ حُرٌّ، فَذَلِكَ لَهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ الْعَشَّارِ.
الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُشْرِكِينَ فَوُجِدَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ: كَالْمُصْحَفِ أَوْ الْفَرَسِ مَوْسُومٌ عَلَى فَخِذِهِ حَبْسٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ عُرِفَ رَبُّهُ دُفِعَ لَهُ بِلَا ثَمَنٍ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْجِهَادِ.
التَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ الْجَيْشِ فِي الْجِهَادِ، وَقَدْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ وَأَرَادُوا مَنْعَهُ مِنْ نَصِيبِهِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتٌ تَدُلُّ عَلَى تَخَلُّفِهِ أَوْ عَدَمِ تَخَلُّفِهِ، عُمِلَ عَلَى ذَلِكَ وَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا دُيِّنَ.
الْخَمْسُونَ: نَحْكُمُ بِكُفْرِ مَنْ تَرَدَّدَ إلَى الْكَنِيسَةِ أَوْ لَبِسَ الزُّنَّارَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ أَلْقَى الْمُصْحَفَ فِي الْقَاذُورَاتِ أَوْ لَطَّخَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الْكُفْرِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِهَا كُفْرًا، نَقَلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.