الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ: وَاعْلَمْ أَنَّ لَبَنَ الْخَيْلِ إذَا كَانَ قَارِصًا قَدْ يُغَطِّي عَلَى الْعَقْلِ حَرُمَ، وَإِنْ شُرِبَ لِغَيْرِ ذَلِكَ بَقِيَ عَلَى حُكْمِ الْإِبَاحَةِ، وَيَمْتَنِعُ مِنْهُ الْقَدْرُ الَّذِي يُغَطِّي الْعَقْلَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، وَهَذَا الْكَلَامُ جَارٍ فِي الْمُرَقِّدَاتِ.
فَرْعٌ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ مَا سُقِيَ مِنْ الْمُرَقِّدِ لِقَطْعِ عُضْوٍ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُرَقِّدِ مَأْمُونٌ وَضَرَرَ الْعُضْوِ غَيْرُ مَأْمُونٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَسْقُطُ الْحُدُودُ بِالتَّوْبَةِ وَلَا بِطُولِ الزَّمَانِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ الشُّرْبُ مِنْهُ مِرَارًا وَأُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ تَدَاخَلَتْ فِيهِ الْحُدُودُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَكَذَلِكَ فِي الزِّنَا وَالْقَذْفِ.
[فَصْلٌ فِي السَّرِقَةِ وَالسَّارِقِ]
ِ وَهُوَ كُلُّ بَالِغٍ عَاقِلٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْمَالِ، فَيَنْدَرِجُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ، وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ إنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ فَسَرَقَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقْطَعُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُقْطَعُ، وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ: الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْأَبُ وَالسَّيِّدُ وَالشَّرِيكُ إذَا سَرَقَ قَدْرَ حَقِّهِ، وَالْغَرِيمُ إذَا سَرَقَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ، وَفِي السَّارِقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَمِنْ الْمَغْنَمِ قَدْرَ مَا يَسْتَحِقُّهُ قَوْلَانِ، وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا السَّارِقُ لِجُوعٍ أَصَابَهُ، وَفِي خُرُوجِ الْجَدِّ لِلْأَبِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَفِي خُرُوجِ الْعَبْدِ أَيْضًا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَأَبِي مُصْعَبٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ سَرَقَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ شَيْئًا مِمَّا شَوَّرَهَا بِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهَا جَرَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ لَا.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَسْرُوقِ]
وَفِي اخْتِصَاصِ الْقَطْعِ بِمَا يُتَمَلَّكُ قَوْلَانِ، وَفَائِدَتُهُ هَلْ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى سَارِقِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ مِنْ حِرْزٍ مِثْلِهِ؟ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقْطَعُ.
فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَالِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا قَطْعَ فِي آلَةِ لَهْوٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قِيمَتُهَا بَعْدَ الْكَسْرِ نِصَابًا.
وَفِي جَلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ خِلَافٌ.
وَفِي الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ قَوْلَانِ.
مَسْأَلَةٌ: وَيُقْطَعُ سَارِقُ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، سَوَاءٌ سَرَقَهَا مِنْ رَبِّهَا أَوْ مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ، قَالَهُ أَشْهَبُ، وَقِيلَ: إنْ سَرَقَ مِنْ رَبِّهَا فَلَا قَطْعَ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نِصَابًا وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا يَقُومُ الْعَرْضُ بِالدَّرَاهِمِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تَبْلُغُ رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ.
فَرْعٌ: وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ الْحِرْزِ نِصَابًا لَكِنْ فِي مَرَّاتٍ، فَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَهُ فِي مَرَّةٍ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ قُطِعَ وَهَذِهِ حِيلَةٌ.
فَرْعٌ: وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ.
فَرْعٌ: وَلَوْ سَرَقَ نِصَابًا مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ قُطِعَ وَحْدَهُ، وَلَوْ سَرَقَ مَعَ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ فِي الْمَالِ أَوْ فِي الدُّخُولِ كَالْعَبْدِ وَالْأَبِ لَمْ يُقْطَعْ.
فَرْعٌ: وَيُقَوَّمُ الْحَمَامُ الْمُرَادُ لِحَمْلِ الْكُتُبِ لَا لِلَّعِبِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا حَمَامٌ عُرِفَ بِالسَّبْقِ، أَوْ طَائِرٌ عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ، فَإِنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ بِخِلَافِ الْبُزَاةِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: بَلْ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهَا.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، وَلَا قَطْعَ فِيمَا سُرِقَ مِنْ غَيْرِ الْحِرْزِ، وَكُلُّ شَيْءٍ مَعَ حَافِظٍ فَحَافِظُهُ حِرْزُهُ، وَأَفْنِيَةُ الْحَوَانِيتِ حِرْزٌ لِمَا وُضِعَ فِيهَا لِلْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَانُوتٌ كَانَ مَعَهُ صَاحِبُهُ أَمْ لَا، وَمَرْبِطُ الدَّابَّةِ حِرْزٌ لَهَا إذَا كَانَ مُتَّخَذًا لِذَلِكَ، كَفِنَائِهِ وَبَابِ دَارِهِ وَمَوْقِفُ الشَّاةِ فِي السُّوقِ حِرْزٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَرْبُوطَةً، وَظَهْرُ الدَّابَّةِ وَالرَّحْلُ
حِرْزٌ لِمَا عَلَيْهِ، وَالسَّفِينَةُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا وَالْمَسْجِدُ حِرْزٌ لِبَابِهِ وَسَقْفِهِ، وَفِي قَنَادِيلِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ حِرْزٌ لَهَا.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ بِحِرْزٍ، وَقِيلَ: حِرْزٌ إنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ.
وَفِي الْحُصُرِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَرْبِطَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ أَوْ لَا.
فَرْعٌ: وَالْحَمَامُ لَيْسَ بِحِرْزٍ لِلثِّيَابِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ حَارِسٌ أَوْ يُنَقَّبُ أَوْ يُتَسَوَّرُ.
فَرْعٌ: وَالثَّوْبُ الْمَنْشُورُ عَلَى الزُّقَاقِ لَيْسَ فِي حِرْزٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حِرْزٌ، وَاضْطَرَبَتْ الرِّوَايَةُ فِي حَبْلِ الصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ، وَلَا قَطْعَ فِي الثِّيَابِ الْمَبْسُوطَةِ عَلَى شَاطِئِ الْوَادِي، وَلَا فِي الْخِفَافِ فِي الْوَلَائِمِ وَالْجَمَاعَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ حَارِسٌ فَيُقْطَعُ.
فَرْعٌ: وَالدَّارَاتُ الْبُيُوتُ وَالْفُنْدُقُ الْمَأْذُونُ فِي سَاحَتِهِ، إذَا أَخْرَجَ السَّارِقُ مِنْ بُيُوتِهَا شَيْئًا إلَى السَّاحَةِ قُطِعَ مُطْلَقًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: إنْ كَانَ مِنْ مَكَانِهَا قُطِعَ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ بَابِهَا، وَاتَّفَقَا أَنَّ السَّاكِنَ إذَا أَخْرَجَ شَيْئًا مِمَّا فِي السَّاحَةِ مِنْ بَابِهَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ قُطِعَ.
فَرْعٌ: وَلَوْ سَرَقَ ثَمَرًا مِنْ رَأْسِ نَخْلَةٍ وَالْحَائِطُ لَا غَلْقَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ فَإِنْ عَمِلَهُ رَبُّهُ فِي الْمِرْبَدِ فَسَرَقَ مِنْهُ قُطِعَ.
فَرْعٌ: وَلَوْ سَرَقَ مِنْ زَرْعٍ قَائِمٍ لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ حَصَدَ وَرَبَطَ قَتًّا وَتُرِكَ فِي الْحَائِطِ لِيُنْقَلَ إلَى الْجَرِينِ فَرِوَايَتَانِ.
فَرْعٌ: وَلَا يُقْطَعُ الضَّيْفُ وَلَا مَنْ أَدْخَلَهُ رَبُّ الْحَانُوتِ لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ الْمَتَاعَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ.
فَرْعٌ: وَالْكُمُّ وَالْجَيْبُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِمَا.