الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي الْجِنَايَاتِ] [
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي الْقَتْلِ]
وَهِيَ: الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْعَقْلِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْمَالِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى النَّسَبِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْعِرْضِ، وَجِنَايَةُ الْمُحَارَبِينَ، وَالْجِنَايَةُ فِي الْأَدْيَانِ، وَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ: حُكْمُ الْخَوَارِجِ وَالرِّدَّةِ، وَحُكْمُ الزِّنْدِيقِ، وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى وَالْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالصَّحَابَةَ، وَحُكْمُ السَّاحِرِ، وَحُكْمُ الْعَائِنِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ: فِي الْقَتْلِ
الثَّانِي: فِي الْجِرَاحِ وَالْأَطْرَافِ
الثَّالِثُ: فِي الْقَتْلِ وَهُوَ ضَرْبَانِ: عَمْدٌ وَخَطَأٌ الْأَوَّلُ فِي الْعَمْدِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ قَتْلَ النَّفْسِ حَرَامٌ، وَقَدْ شُرِعَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] ، ثُمَّ الْقِصَاصُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ وَالشَّرْطِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، فَالسَّبَبُ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ الْمَحْضُ فَالْعَمْدُ يُخْرِجُ الْخَطَأَ، وَالْعُدْوَانُ يُخْرِجُ الِاسْتِيفَاءَ وَيُخْرِجُ مَنْ كَانَ غَرِيقًا ثُمَّ أَلْقَاهُ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَبِالْمَحْضِ يَخْرُجُ شِبْهُ الْعَمْدِ وَهُوَ خَاصٌّ لِلْآبَاءِ مَعَ الْأَبْنَاءِ، وَالسَّبَبُ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ، كَمَنْعِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَكَإِلْقَاءِ السُّمِّ فِي طَعَامِهِ، وَكَسِحْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الشَّرْطُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُلْتَزِمًا لِأَحْكَامِنَا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُحَارَبِ مِنْ الْكُفَّارِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ لَمْ يَأْذَنْ لِقَاتِلِهِ فِي الْقَتْلِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْقَتِيلُ مَعْصُومَ الدَّمِ.
وَأَمَّا الْمَوَانِعُ فَخَمْسَةَ عَشَرَ: الْأَوَّلُ: شَرَفُ الدِّينِ: فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
الثَّانِي: الْأُبُوَّةُ: فَلَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِوَلَدِهِ إلَّا أَنْ يُضْجِعَهُ وَيَذْبَحَهُ، وَكَذَلِكَ الْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ.
الثَّالِثُ: شَرَفُ الْحُرِّيَّةِ: فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ.
الرَّابِعُ: تَعَذُّرُ إظْهَارِ الْقَاتِلِ مِثْلُ أَنْ تَشْهَدَ جَمَاعَةٌ عَلَى الرَّجُلِ فَيَدْخُلَ فِي جَمَاعَةٍ فَلَمْ يُعْرَفْ، فَيَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ يَغْرَمُونَ الدِّيَةَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ، قَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ لِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ.
الْخَامِسُ: دَعْوَى الْوَلِيِّ خِلَافَ مَا قَالَهُ الْمَقْتُولُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.
السَّادِسُ: أَنْ يَظْهَرَ اللَّوْثُ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ دُونَ وَصْفِهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً، فَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً مَانِعٌ مِنْ الْقَتْلِ.
السَّابِعُ: إقَامَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا حِينَ الْقَتْلِ.
الثَّامِنُ: نُكُولُ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ الْقَسَامَةِ.
التَّاسِعُ: رُجُوعُ الْمُدْمِي عَنْ التَّدْمِيَةِ.
الْعَاشِرُ: اخْتِيَارُ الْأَوْلِيَاءِ الْوَاحِدَ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ مُسْقِطٌ الْقَتْلَ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: عَفْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَ عَشَرَ: صِحَّةُ الْمُدْمَى صِحَّةُ بَيِّنَةٍ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: عَفْوُ بَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلدَّمِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ: مِيرَاثُ الْقَاتِلِ بَعْضَ دَمِهِ، كَرَجُلٍ قَتَلَ أَبَاهُ فَاسْتَحَقَّ دَمَهُ إخْوَتُهُ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ.
الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ ابْنًا، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَخْلُفَهُ فَكَيْفَ يَقْتُلُهُ؟ الضَّرْبُ الثَّانِي فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَهُوَ الْفِعْلُ بِغَيْرِ قَصْدٍ، إمَّا مُبَاشَرَةٌ كَسُقُوطِهِ عَلَيْهِ، أَوْ تَقَلُّبِ الْمَرْأَةِ عَلَى وَلَدِهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَإِمَّا تَسَبُّبًا كَإِهْمَالِ الصَّئُولِ وَإِهْمَالِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.