الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَكِتَابَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَعَفْوِهِ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ السُّلْطَانَ.
فَرْعٌ: قَالَ أَصْبَغُ: وَلَوْ حَلَفَ الْمَقْذُوفُ أَنْ لَا يَدَعَ حَقَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا عَلَيْهِ كَانَ حَانِثًا.
[فَصْلٌ فِي الرَّجُلِ يُقْذَفُ وَهُوَ غَائِبٌ وَيَقُومُ رَجُلٌ بِحَدِّهِ]
فَصْلٌ: قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: فِي الرَّجُلِ يُقْذَفُ وَهُوَ غَائِبٌ، وَيَقُومُ رَجُلٌ بِحَدِّهِ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرَابَتِهِ إلَّا الْوَلَدَ فِي أَبِيهِ أَوْ فِي أُمِّهِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي سَمِعَهُ مَعَ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ حُدَّ هُوَ وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَائِبًا.
[فَصْلٌ فِي إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَانِيَةً]
فَصْلٌ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ حَبِيبٍ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَانِيَةً وَغَيْرَ سِرٍّ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَالْعَمَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ بِالسَّوْطِ، وَأَنْ يَضْرِبَ الضَّرْبَ الْوَجِيعَ وَلَا يَضْرِبُ إلَّا الظَّهْرَ فَقَطْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا.
وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِذَا جَهِلَ السُّلْطَانُ فَضَرَبَ الْمَحْدُودَ عَلَى غَيْرِ الظَّهْرِ فَلَا يُجْزِئُ مِنْ الْحَدِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى السُّلْطَانِ فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّهُ مِمَّا لَا عَقْلَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالضَّرْبُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا سَوَاءٌ فِي الْإِيجَاعِ، إلَّا أَنَّ الضَّرْبَ فِي الْخَمْرِ أَشَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ إبْرَاهِيمَ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا جُلِدَ أَبُو بَكْرَةَ أَمَرَتْ أُمُّهُ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ، ثُمَّ جَعَلَتْ جِلْدَهَا عَلَى ظَهْرِهِ، قَالَ إبْرَاهِيمُ: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ مَا ذَاكَ إلَّا مِنْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ، قَالَ وَكَانَ أَبِي يَرَى أَنَّ ضَرْبَ الْحَدِّ شَدِيدٌ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: النِّسَاءُ يُضْرَبْنَ ضَرْبًا دُونَ ضَرْبِ الرِّجَالِ بِسَوْطٍ دُونَ سَوْطِ الرِّجَالِ، وَلَا يُحَدَّدْنَ وَلَا يُمْدَدْنَ وَتُتَّقَى وُجُوهُهُنَّ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النِّسَاءَ يُضْرَبْنَ قُعُودًا وَالرِّجَالَ قِيَامًا. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْحُدُودُ كُلُّهَا بِسَوْطٍ وَضَرْبٍ مُعْتَدِلَيْنِ قَاعِدًا غَيْرَ مَرْبُوطٍ عَلَى الْيَدَيْنِ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَيُجَرَّدُ الرِّجَالُ وَيُتْرَكُ عَلَى الْمَرْأَةِ مَا يَقِيهَا، وَاسْتُحْسِنَ أَنْ تُجْعَلَ الْمَرْأَةُ فِي قُفَّةٍ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ آخَرَ.
قَالَ أَصْبَغُ: وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا ضَرَبَ النَّاسَ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا أَنْ يَضْرِبَهُمْ قُعُودًا، وَيَأْمُرُ الْجَلَّادَ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ بِالسَّوْطِ جِدًّا وَلَا يُخَفِّفُهَا جِدًّا وَلَكِنْ وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ، وَضَرْبُ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا سَوَاءٌ فِي الْإِيجَاعِ، وَإِذَا اُقْتُصَّ لِلنَّاسِ فِي جِرَاحَاتِهِمْ دُعِيَ بِطَبِيبٍ رَفِيقٍ يَقْتَصُّ لَهُمْ وَأُجْرَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَخْتَارَ رَجُلًا عَدْلًا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى أَهْلِهَا، عَارِفًا بِوُجُوهِ ذَلِكَ لِمَا لِلَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ حَقٍّ، ذَكَرَهُ الزَّنَاتِيُّ، فَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُقِيمُ الْحُدُودَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي خِلَافَتِهِمَا، وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ إلَّا بِالسَّوْطِ، وَلَا تَكُونُ بِالدِّرَّةِ.
وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ: وَلَا يُجْزِئُ فِيهَا الْقَضِيبُ وَلَا الدِّرَّةُ وَلَا الشِّرَاكُ مَكَانَ السَّوْطِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنَّمَا كَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ رضي الله عنه لِلْأَدَبِ، فَإِذَا حَضَرَتْ الْحُدُودُ قَرَّبَ السَّوْطَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ: إنَّهُ إنْ ضَرَبَهُ فِي الزِّنَا بِالدِّرَّةِ فِي ظَهْرِهِ أَجْزَاهُ، قَالَ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ، قَالَ: وَلَا يُعَادُ الْحَدُّ بِالسَّوْطِ إذَا أُقِيمَ بِالدِّرَّةِ، فَقَدْ يَكُونُ مِنْ الدُّرَرِ مَا هُوَ أَوْجَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ السِّيَاطِ، فَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ حَدَّانِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الدِّرَّةُ لَطِيفَةً لَا تُؤْلِمُ وَلَا تُوجِعُ، فَيُعَادُ الْحَدُّ بِالسَّوْطِ.
قَالَ الزَّنَاتِيُّ وَلَا يَعْتَمِدُ بِضَرْبَةٍ مَكَانَ ضَرْبَةٍ قَبْلَهَا بَلْ يُفَرِّقُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ، إذْ فِي ذَلِكَ رَاحَةٌ لَهُ، قَالَ: وَقِيلَ: يُفَرِّقُ عَلَى سَائِرِ أَعْضَائِهِ إلَّا الْوَجْهَ وَالْفَرْجَ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَدَّمْنَاهُ، قَالَ: وَلَا يُشْطَطُ بِالْأَيْدِي وَبِالْأَرْجُلِ وَلَا يُمَدُّ بِحَالٍ وَلَا تُرْبَطُ يَدَاهُ بَلْ تُتْرَكُ لَهُ يَدْفَعُ بِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ، هَذَا فِي الْحُدُودِ.
وَأَمَّا الْعُقُوبَاتُ وَالتَّعْزِيرَاتُ فَمَا عَظُمَ مِنْهَا، فَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ مَا خَفَّ مِنْهَا ضُرِبَ صَاحِبُهُ عَلَى ثِيَابِهِ وَفَوْقَ رَأْسِهِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ بِحَبْسٍ دُونَ ضَرْبٍ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَكُونُ السَّوْطُ الَّذِي يُجْلَدُ بِهِ مُتَوَسِّطًا لَا جَدِيدًا وَلَا خَلَقًا وَيَكُونُ قَدْ قُطِعَتْ ثَمَرَتُهُ، وَثَمَرَةُ السَّوْطِ عُقْدَةٌ فِي طَرَفِهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.