الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ شُمَّ مِنْهُ رَائِحَةٌ يُنْكِرُهَا أَوْ أَنْكَرَهَا بِحَضْرَتِهِ مَنْ يُنْكِرُهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: فَعِنْدِي أَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ اسْتِنْكَاهُهُ وَتَحَقُّقُ حَالِهِ، لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةٌ يُنْكَرُ بِهَا حَالُهُ وَيُسْتَرَابُ بِهَا، وَيَقْوَى بِهَا الظَّنُّ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ بِذَلِكَ اخْتِبَارُهُ وَتَحَقُّقُ حَالِهِ كَالتَّخْلِيطِ فِي الْكَلَامِ وَالْمَشْيِ.
مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ يُرِيدُ التَّخْلِيطَ فِي الْقَوْلِ وَالْمَشْيِ لَمْ يُسْتَنْكَهْ، رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ، قَالَ: وَلَا يُتَجَسَّسُ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَرَ مِنْهُ رِيبَةً وَلَا خُرُوجًا عَنْ أَحْوَالِ النَّاسِ الْمُعْتَادَةِ، فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَى النَّاسِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ الثَّانِي فِيمَنْ يَثْبُتُ ذَلِكَ بِشَهَادَتِهِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: فَأَمَّا مَنْ يَثْبُتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ، فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ صِفَتِهِمْ وَعَدَدِهِمْ.
فَأَمَّا صِفَتُهُمْ، فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِهِ: إنَّ صِفَةَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الرَّائِحَةِ أَنْ يَكُونَا مِمَّنْ خَبَرَ شُرْبَهَا فِي وَقْتٍ مَا، إمَّا فِي حَالِ كُفْرِهِمَا أَوْ شَرِبَاهَا فِي إسْلَامِهِمَا، فَجُلِدَا ثُمَّ تَابَا حَتَّى يَكُونَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْخَمْرَ بِرِيحِهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه: وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مَعْدُومٌ قَلِيلٌ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ الرَّائِحَةُ إلَّا بِشَهَادَةِ مَنْ هِيَ صِفَتُهُ لَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ بِهَا فِي الْأَغْلَبِ، وَقَدْ يَكُونُ مَنْ لَمْ يَشْرَبْهَا قَطُّ يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا مَعْرِفَةً صَحِيحَةً، بِأَنْ يُخْبِرَهُ عَنْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ مَنْ قَدْ شَرِبَهَا، أَنَّهَا هِيَ رَائِحَةُ الْخَمْرِ حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ كَمَا يَعْرِفُهَا الَّذِي قَدْ شَرِبَهَا.
[مَسْأَلَةٌ الْحَاكِم أَمَرَ الشُّهُودَ بِالِاسْتِنْكَاهِ]
مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا الْعِدَّةُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ أَمَرَ الشُّهُودَ بِالِاسْتِنْكَاهِ، أَوْ فَعَلُوا هُمْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْمُرَ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ وَجَبَ بِهِ الْحَدُّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الشُّهُودُ فَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ، فَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشُّرْبِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْحَاكِمِ إلَّا وَاحِدٌ فَلْيَرْفَعْهُ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رحمه الله وَمَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، فَلِذَلِكَ جَازَ عِنْدَهُ عِلْمُ مَنْ اسْتَنَابَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ أَنْ لَا يَجِدَّ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ فِيهِ شَاهِدَانِ.