الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ: وَصِيغَةُ الْإِقْرَارِ تَكُونُ بِاللَّفْظِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ إشَارَاتٍ وَالْكِتَابَةِ وَالسُّكُوتِ، فَالْإِشَارَةُ تَكُونُ مِنْ الْأَبْكَمِ وَمِنْ الْمَرِيضِ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: لِفُلَانٍ عِنْدَك كَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ فَهُوَ إقْرَارٌ، وَلَوْ كَتَبَ رِسَالَةً لِرَجُلٍ بِأُمُورٍ أَنْفَذَ مَا فِيهَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ خَطُّهُ وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا، وَيُؤْخَذُ بِالْمَالِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ خَلَا الْحُدُودَ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا إذْ يُؤْخَذُ بِغُرْمِ السَّرِقَةِ وَلَا يُقْطَعُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ كَثِيرٌ مِنْ هَذَا، وَذَكَرْنَا حُكْمَ الْكِتَابَةِ وَالسُّكُوتِ، وَإِقْرَارُ الرَّشِيدِ الْبَالِغِ الطَّائِعِ لَازِمٌ، وَإِقْرَارُ الْمُكْرَهِ لَا يَلْزَمُهُ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرِ، وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي السَّرِقَةِ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَكَذَلِكَ فِي الزِّنَا، وَأَمَّا مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ ثُمَّ عَقَّبَ الْإِقْرَارَ بِمَا يُبْطِلُهُ وَيَرْفَعُ حُكْمَهُ بَطَلَ، إلَّا أَنْ يُخَالِفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: عِنْدِي أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ بَلْ هِيَ مِنْ ثَمَنِ بُرٍّ، فَتَلْزَمُ الْمُقِرَّ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ بَاطِلًا وَزُورًا، فَقَالَ الطَّالِبُ كِذْبٌ قَوْلُهُ بَاطِلًا وَزُورًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خِنْزِيرٍ ثُمَّ بَيَّنَهُ أَنَّهُ مِنْ مُعَامَلَةِ رِبَوِيٍّ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْأَلْفِ كَذَّبَ كُلَّ بَيِّنَةٍ تَقُومُ لَهُ فَيَلْزَمُ الْمَالَ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُرَدُّ إلَى رَأْسِ مَالِهِ، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ مَذْكُورٌ فِي مَحِلِّهِ، وَكَذَلِكَ الْأَقَارِيرُ الْمُتَّهَمُ فِيهَا بِالتَّوْلِيجِ لِوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ.
[فَصْلٌ وَمِمَّا وَقَعَ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ]
مَسْأَلَةٌ: الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ هُوَ مِنْ بَابِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ، وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَشْفَعِ فِيهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: إذَا كَتَمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يُشْبِهُ وَإِلَّا فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِ الشِّقْصِ وَلَا يَدْفَعُ شَيْئًا حَتَّى يَثْبُتَ الثَّمَنُ، فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ سُجِنَ، وَفِيهَا مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالسِّيَاسَةِ إذَا أَظْهَرَا ثَمَنًا وَأَخْفَيَا غَيْرَهُ، وَاحْتَالَ الْمُشْتَرِي بِحِيلَةٍ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ وَمِمَّا وَقَعَ فِي بَابِ الْقِرَاضِ]
ِ، إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْعَامِلِ وَيُغَرَّمُ ثَمَنَهُ وَحِصَّتَهُ مِنْ رِبْحِ الْمَالِ إنْ كَانَ لَهُ رِبْحٌ، وَوَلَاؤُهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنَّمَا أُغْرِمَ ذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ.
[فَصْلٌ وَمِمَّا يَقَعُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ]
مَسْأَلَةٌ: فِي مُسْتَأْجَرِ الدَّارِ يُطَّلَعُ مِنْهُ عَلَى سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ فِسْقٍ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنْ الْجِيرَانِ وَعَنْ رَبِّ الدَّارِ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُخْرِجَهُ أَخْرَجَهُ وَأَكْرَاهَا عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَلِكَ إذَا أَظْهَرَ الطَّنَابِيرَ وَالزَّمْرَ وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَبَيْعِهَا فَيَمْنَعُهُ وَيُعَاقِبُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَخْرَجَهُ وَأَكْرَاهَا عَلَيْهِ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ وَقَالَهُ مَالِكٌ، وَالْفَاسِقُ يُعْلِنُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي دَارِ نَفْسِهِ أَنَّهُ يُعَاقِبُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ بَاعَ عَلَيْهِ الدَّارَ ابْنُ شَاسٍ، وَإِذَا رَأَى أَنْ يُكْرِيَهَا عَلَيْهِ فَعَلَ ثُمَّ لَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى حُضُورِ مَنْ يُكْرِيهَا، بَلْ يُخْرِجُهُ وَيُؤَدِّي الْأُجْرَةَ وَيَنْتَظِرُ حُضُورَ الرَّاغِبِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَوَجَدَهُ سَارِقًا فَلَهُ الرَّدُّ بِخِلَافِ الْمُسَاقِي يُوجَدُ سَارِقًا.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سَنَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ غَصَبَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ رَبِّهَا وَلَا كِرَاءَ لَهُ فِيمَا بَقِيَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَوَاءٌ غَصَبَ الدَّارَ مِنْ أَصْلِهَا أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا وَسَكَّنَهَا لَا يُرِيدُ إلَّا السُّكْنَى حَتَّى يَرْتَحِلَ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحَوَانِيتُ يَأْمُرُ السُّلْطَانُ أَنْ يُغَلِّقَهَا وَقِيلَ: الْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُكْتَرِي، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَغْصِبَ أَصْلَ الدَّارِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ رَبِّهَا، وَإِنْ غَصَبَ السُّكْنَى فَمِنْ الْمُكْتَرَى، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَارِثٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: فِي أَجِيرِ الْفِرَاءِ يَبِيعُ الْفَرْوَ مُدَّعِيًا أَنَّهُ لَهُ مِمَّا عَمِلَ لِنَفْسِهِ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجَرُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ وَيَبِيعُ وَهُوَ أَجِيرٌ كَمَا هُوَ فَالثَّمَنُ لَهُ كَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنَّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَجِيرُ لَيْسَ كَمَا ادَّعَى.
مَسْأَلَةٌ: حَارِسُ الْأَنْدَرِ وَالدُّورِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سَرَقَ إلَّا أَنْ تُلْجِئَ قَوْمًا ضَرُورَةٌ إلَى مَنْ يُخَافُ عَلَى الطَّعَامِ مِنْهُ فَيَسْتَأْجِرُوهُ لِشَرِّهِ أَوْ لِيَدْفَعَ شَرَّ قَوْمٍ آخَرِينَ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ، أَوْ تُعْلَمُ مِنْهُ الْخِيَانَةُ فَيَضْمَنُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِذَا عُثِرَ عَلَى إجَارَةِ مِثْلَ، الْمِزْمَارِ وَالْعُودِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ الْأُجْرَةَ فَقِيلَ تُرَدُّ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَقِيلَ تُؤْخَذُ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْثَرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى فَاتَتْ الْأُجْرَةُ بِالْعَمَلِ فَيُؤَدَّبَانِ جَمِيعًا، وَيُتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قُبِضَتْ أَوْ لَمْ تُقْبَضْ أَدَبًا لَهُمَا.