الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا عَمْدًا، وَأَدَّى قِيمَتَهُ ضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً، وَحَبْسُ الْقَاتِلِ خَطَأً فِيهِ قَوْلَانِ.
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَبِحَبْسِهِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَسَبَبُهُ التُّهْمَةُ فَقَدْ يَكُونُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قِيلَ لِسَحْنُونٍ: حَدِيثُ مُعَاذٍ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ سِجْنٌ فَمِنْ أَيْنَ أُخِذَ السِّجْنُ؟ قَالَ مُعَاذٌ رحمه الله لَمْ يُتَّهَمْ.
وَذَكَرَ هَذَا عَنْ سَحْنُونٍ أَيْضًا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي الْمُقَرَّبِ، وَحَبْسُ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِحَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ وَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ مِقْدَارُ مَا يَرَى الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ مِنْ تَأْجِيلِ الْمُدَّعِي لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ.
وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ عَلَيْهِ، شَاهِدَانِ وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي عَدَالَتِهِمَا، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ بِقَدْرِ مَا يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِي فِي تَأْجِيلِهِ، وَحَبْسُ السَّارِقِ قَدْرُ مَا يَكْشِفُ عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَكَذَلِكَ حَبْسُ الْمُتَّهَمِينَ بِالْجِنَايَاتِ بِقَدْرِ مَا يُكْشَفُ عَنْ حَالِهِمْ، وَبِقَدْرِ مَا نُسِبَ إلَيْهِمْ مِنْ الْجُرْأَةِ وَالشَّرِّ وَاسْتِحْلَالِ مَا لَا يَجُوزُ، وَحَبْسُ الزَّوْجِ إذَا قَامَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ وَحَبْسُ الْمِدْيَانِ تَقَدَّمَ تَقْدِيرُ مُدَّتِهِمَا.
[الْفَصْلُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الضَّمِينِ]
وَمِنْ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ: الْقَضَاءُ بِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَشِبْهِهِمْ، وَالصُّنَّاعُ ضَامِنُونَ لِمَا اسْتَصْنَعُوا فِيهِ إذَا نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِذَلِكَ، سَوَاءٌ عَمِلُوا ذَلِكَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ، إذَا عَمِلُوا فِي حَوَانِيتِهِمْ أَوْ دُورِهِمْ هَذَا إنْ عَمِلُوا ذَلِكَ فِي غَيْبَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَمِلُوا مَعَ حُضُورِهِ.
فَرْعٌ: وَمَنْ أَعْطَى الصَّانِعَ أَوْ صَاحِبَ رَحَى شَيْئًا، وَقَالَ: لَا تَعْمَلُهُ حَتَّى أَحْضُرَ، فَتَلِفَ فَالضَّمَانُ عَلَى الصَّانِعِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بِتَلَفِهِ بَيِّنَةٌ.
فَرْعٌ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْصِبَ نَفْسَهُ مِنْ الصُّنَّاعِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا اشْتَرَطَ الصَّانِعُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْفَعْهُ شَرْطُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ضَيَاعِ الثَّوْبِ بَعْدَ كَمَالِ الْعَمَلِ فِيهِ، سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الصَّانِعِ وَلَا أَجْرَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَنْفَعُ الصَّانِعَ إذَا احْتَرَقَ حَانُوتُهُ أَوْ سُوقُهُ أَوْ سُرِقَ مَنْزِلُهُ دَعْوَاهُ، أَنَّ الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ كَانَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَقَعَ لِابْنِ أَيْمَنَ غَيْرُ هَذَا.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا رَدَّ الصَّانِعُ الثَّوْبَ وَفِيهِ قَرْضُ فَأْرٍ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا ضَمِنَهُ إلَّا أَنْ تَقْطَعَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَرْضُ فَأْرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ قَرْضٌ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا قَطَعَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ بِمَحْضَرِ رَبِّهِ وَقَبَضَهُ لِيَخِيطَهُ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ، فَقِيلَ: يَضْمَنُهُ صَحِيحًا، وَقِيلَ: مَقْطُوعًا، قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَهُوَ أَحْسَنُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا دَعَا الصَّانِعُ رَبَّ الثَّوْبِ إلَى أَخْذِهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ كَمُلَ، فَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ ذَلِكَ ضَمَانَهُ إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ كَانَ الْعَمَلُ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي حَانُوتِهِ.
فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: وَلَوْ دَفَعَ الرَّجُلُ لِلصَّانِعِ أُجْرَتَهُ، وَقَامَ الصَّانِعُ لِيُخْرِجَ إلَيْهِ ثَوْبَهُ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: دَعْهُ السَّاعَةَ، ثُمَّ ادَّعَى الصَّانِعُ تَلَفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَصْبَغُ بْنُ خَلِيلٍ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ دَعْهُ فَكَأَنَّهُ صَدَّقَهُ أَنَّهُ فِي الْحَانُوتِ وَتَرَكَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةً.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمَذْهَبِ إذَا أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ الْقَمِيصَ فِي قَطْعِهِ فَسَادًا يَسِيرًا، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: بَعْدَ رَفْوِ الثَّوْبِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ كَانَ فَسَادًا كَثِيرًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ كُلَّ يَوْمِ الْقَبْضِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ جَعَلَ وُجُوهَ الثَّوْبِ الدَّاخِلَةَ. قَالَ سَحْنُونٌ: عَلَيْهِ فَتْقُهُ، فَإِنْ كَانَ يَنْقُصُهُ ذَلِكَ خُيِّرَ رَبُّهُ فِي تَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ وَفِي فَتْقِهِ وَخِيَاطَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا سَأَلْت خَيَّاطًا قِيَاسَ ثَوْبٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ يَكْفِيك فَابْتَعْته بِقَوْلِهِ: فَلَمْ يَكْفِك لَزِمَك وَلَا شَيْءَ عَلَى الْخَيَّاطِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ
الصَّيْرَفِيُّ يَقُولُ فِي الدَّرَاهِمِ جِيَادٌ فَتُوجَدُ رَدِيئَةً، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُعَاقَبُ هُوَ وَالْخَيَّاطُ إنْ غَرَّا، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إذَا غَرَّهُ بِجَهْلِهِ، فَقَالَ مَرَّةً: لَا يَضْمَنُ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَقَالَ مَرَّةً: يَضْمَنُ يُرِيدُ وَلَهُ الْأَجْرُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا جَفَّفَ الْقَصَّارُ ثَوْبًا عَلَى حَبْلٍ مَرْبُوطٍ فِي الطَّرِيقِ فَمَرَّ بِهِ حَطَّابٌ فَحَرَقَهُ ضَمِنَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَصَّارِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ عَلَّقَهُ بِمَكَانٍ لَمْ يَكُنْ يُعَلَّقُ فِيهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِمُرُورِ الْحَطَبِ ضَمِنَ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: كُلَّمَا كَانَ ضَيَاعُهُ عِنْدَ الصَّانِعِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ احْتِرَاقٍ بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا سُرِقَ بَيْتُهُ وَقَالَ ذَهَبَ الْمَتَاعُ فِيمَا ذَهَبَ لَمْ أُصَدِّقْ، وَكَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَ بَيْتُهُ وَرُئِيَ ثَوْبُهُ فِي النَّارِ يَحْتَرِقُ فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ النَّارَ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ أَوْ يَأْخُذُهُ سَيْلٌ أَوْ يَنْهَدِمُ عَلَيْهِ الْبَيْتُ فَهَذَا وَشَبَهُهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ.
مَسْأَلَةٌ: وَمَا لَا صَنْعَةَ فِيهِ لِلصَّانِعِ وَهُوَ مِمَّا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَالْكِتَابِ لِلنَّسْخِ مِنْهُ، وَمِثَالُ الَّذِي يَعْمَلُ عَلَيْهِ، وَجَفَّتْ السَّيْفُ الَّذِي يُصَاغُ عَلَى نَصْلِهِ إذَا كَانَ لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ جَفْنٍ فَسَدَ، وَمِثْلُ ظَرْفِ الْقَمْحِ وَقَصْعَةِ الْعَجِينِ، فَفِي تَضْمِينِ الصَّانِعِ لَهُ قَوْلَانِ لِمُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا دَفَعَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إلَى قَصَّارٍ آخَرَ ثُمًّ هَرَبَ وَقَدْ قَبَضَ أُجْرَتَهُ بِبَيِّنَةٍ، فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِلَا غُرْمٍ وَيَتْبَعُ الثَّانِيَ الْأَوَّلَ بِحَقِّهِ، قَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ: فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلِفَ الثَّانِي مَا قَبَضَ وَأَخَذَ وَالْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَتِهِ وَإِجَارَةِ الْأَوَّلِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ إذَا أَفْسَدَ الْحَائِكُ الثَّوْبَ وَكَانَ الْغَزْلُ يُوجَدُ مِثْلُهُ وَيَنْسِجُهُ ثَانِيَةً بِالْأُجْرَةِ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ يُنْسَجُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: بِأَخْذِ قِيمَتِهِ وَيَأْتِيهِ بِمِثْلِهِ فَيَعْمَلُهُ لَهُ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ.
فَرْعٌ: وَفِي مَعِينِ الْحُكَّامِ وَلَا يَضْمَنُ الْفَرَّانُ وَمُبَيِّضُ الْغَزْلِ مَا احْتَرَقَ عِنْدَهُمَا قَالَهُ مَالِكٌ، زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مَحْرُوقًا يَعْرِفُ مَا لَمْ يَغُرَّ أَوْ يُفَرِّطَ وَأَمَّا مَا سُرِقَ مِنْهُمَا فَيَضْمَنَاهُ.
فَرْعٌ: وَاخْتُلِفَ، فِيمَا يَضْمَنُ الطَّحَّانُ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَ الْقَمْحِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دَقِيقًا عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ الرَّفِيعِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ قَمْحًا يُرِيدَانِ لَمْ يَطْحَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: إذَا أَمَرَ رَبُّ الثَّوْبِ الْقَصَّارَ أَنْ يَدْفَعَهُ بَعْدَ كَمَالِ عَمَلِهِ لِلْكَمَّادِ فَادَّعَى ذَلِكَ وَأَكْذَبَهُ الْكَمَّادُ أَوْ ادَّعَى الْكَمَّادُ الضَّيَاعَ فَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَصَّارِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ.
فَرْعٌ: إذَا كَانَ حَارِسُ الثِّيَابِ يَأْخُذُ عَلَى ذَلِكَ يَعْلَمُ مِمَّنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ فَقَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَمَا سِوَاهُ خَطَأٌ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ ضَامِنٌ كَالرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مُنِعَ حَمْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَوْلَ مَالِكٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَمَّامَاتِ ضَامِنُونَ ثِيَابَ النَّاسِ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِمَنْ يَحْرُسُهَا، إنَّمَا ذَلِكَ إذَا أَهْمَلُوهَا وَلَمْ يَجْعَلُوا مَنْ يَحْرُسُهَا، إذْ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهَا إلَّا أَنْ يَحْتَالَ عَلَى سَرِقَتِهَا مِنْ خَارِجِ الْحَمَّامِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَنْ يَحْرُسُهَا سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: قَدْ أَمَرْت صَاحِبَ السُّوقِ أَنْ يَضْمَنَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ ثِيَابَ النَّاسِ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمْرُ الْحِفْظِ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَجْهٌ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ كَالْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تُسْرِعُ الْأَيْدِي إلَيْهِ، وَكَصَاحِبِ الْحَمَّامِ وَهُوَ الْمَالِكُ لِأَمْرِهِ، وَالْمُسْتَعْمِلُ لَهُ يَضْمَنُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِخِيَاطَتِهِ لَهُ وَهِيَ ثِيَابُ النَّاسِ، وَمَغِيبُهُ عَنْهَا إلَى دَاخِلِ الْحَمَّامِ يُوجِبُ تَضْمِينَهُ، وَأَمَّا الْحَافِظُ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَمَلِ فَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ إلَّا فِي التَّعَدِّي.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الطُّرَرِ وَفِي الْمَذْهَبِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي حَارِسٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِرَاسَةِ بَيْتٍ فَنَامَ فَسُرِقَ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ حَارِسُ النَّخْلِ وَلَهُ أَجْرُهُ كَامِلًا، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْحُرَّاسِ وَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ الْخِيَانَةُ