الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ: اُخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ بِهَا هَلْ يَكُونُ لِوَاحِدٍ أَوْ لِاثْنَيْنِ؟ نَقَلَ الصُّرَدِيُّ فِي كِتَابِهِ نِهَايَةِ الرَّائِضِ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ، قَالَ مَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّهُ يَكُونُ لِلرَّجُلِ أَبَوَانِ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ كَانَ بِسَبِيلِهِ، وَكَانَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَغُرِّمَ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ انْتَهَى
فَإِنْ أَشْرَكَهُمَا الْقَافَةُ فِيهِ كَانَ ابْنًا لَهُمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَيَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَجَمِيعِ مَئُونَتِهِ، فَإِذَا بَلَغَ وَالَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَيَكُونُ ابْنًا لَهُ خَاصَّةً، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَائِفِ فِي الْإِشْرَاكِ، وَيُدْعَى غَيْرُهُ حَتَّى يُلْحِقَهُ شَبَهًا.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ مَا نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ فِي الْفَرْقِ الثَّامِنِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْمِائَتَيْنِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا مَوْلُودًا فَاخْتَصَمَا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَاسْتَدْعَى لَهُمَا الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوهُ بِهِمَا فَعَلَاهُمَا بِالدِّرَّةِ، وَاسْتَدْعَى عَجَائِزَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقُلْنَ: خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْأَوَّلِ وَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ فَاسْتَحْشَفَ الْحَمْلُ، فَلَمَّا وَطِئَهَا الثَّانِي انْتَعَشَ بِمَائِهِ فَأَخَذَ شَبَهًا بِهِمَا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ.
[مَسْأَلَةٌ وَلَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ إلَّا عَلَى أَبٍ مَوْجُودٍ بِالْحَيَاةِ]
ِ قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ، قِيلَ: وَيَعْتَمِدُ عَلَى الْعَصَبَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُحْكَمُ بِقَوْلِ الْقَائِفِ إلَّا فِي أَوْلَادِ الْإِمَاءِ إلَّا وَطْءَ السَّيِّدَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ دُونَ أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ فِي أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ.
قَالَ: إنَّمَا خَصَّتْ الْقَافَةُ الْإِمَاءَ، لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ تَكُونُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَيَطَئُونَهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَقَدْ تُسَاوَوْا فِي الْمِلْكِ وَالْوَطْءِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَقْوَى مِنْ الْآخَرِ فَالْفِرَاشَانِ مُسْتَوِيَانِ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا ابْتَاعَهَا رَجُلٌ وَقَدْ وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَوَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ، لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْمِلْكِ، وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ زَوْجًا لِرَجُلَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا يَصِحُّ فِيهَا فِرَاشَانِ مُسْتَوِيَانِ، وَأَيْضًا فَوَلَدُ الْحُرَّةِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، وَوَلَدُ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ، وَالنَّفْيُ بِالْقَافَةِ إنَّمَا هُوَ ضَرْبٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ، فَلَا يُنْقَلُ وَلَدُ الْحُرَّةِ مِنْ الْيَقِينِ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمَّا جَازَ نَفْيُ وَلَدِ الْأَمَةِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى جَازَ نَفْيُهُ بِالْقَافَةِ.
مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا وَقَعَ رَجُلَانِ حُرَّانِ أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ مُسْلِمَانِ أَوْ كَافِرَانِ، أَوْ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ عَلَى أَمَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا دُعِيَ لِلْوَلَدِ الْقَافَةُ، فَمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ كَانَ ابْنًا لَهُ وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ وَطْءُ السَّيِّدَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فَجَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، قَالَ صَاحِبُ الْإِمْلَاءِ عَلَى الْجَلَّابِ الْمُقَيَّدُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَزْنَاسِيِّ: إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ إذَا أَتَتْ بِهِ لِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَنَّهُ لِلثَّانِي إذْ لَا يَشْتَرِكُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي إلَّا مِنْ سِتَّةٍ إلَى تِسْعَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لِلثَّانِي، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا حَمَلَتْ تَضَعُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ نَادِرٌ، وَذَلِكَ لَا حُكْمَ لَهُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلثَّانِي.
فَرْعٌ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِهِمَا حَتَّى يَبْلُغَ فَيُوَالِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، لَوْ قَالَ الْوَلَدُ لَا أُوَالِي أَحَدًا مِنْهُمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنًا لَهُمَا جَمِيعًا يَرِثَانِهِ بِنِصْفِ أُبُوَّةٍ، وَيَرِثُهُمَا بِنِصْفِ بُنُوَّةٍ.
وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ لَا يُوَالِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَا يَزُولُ النَّسَبُ بِشَهْوَةِ الْوَلَدِ، وَيَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَةٍ.
مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئَانِ حُرَّيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِالْمُسْلِمِ لَحِقَ بِهِ وَكَانَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَغُرِّمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْكَافِرِ فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْكَافِرِ لَحِقَهُ وَكَانَ عَلَى دِينِهِ وَنُسِبَ إلَيْهِ وَكَانَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَغُرِّمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْمُسْلِمِ، فَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً أُقِرَّتْ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً عَتَقَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا جَمِيعًا كَانَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، وَعَتَقَتْ السَّاعَةَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَالْوَلَدُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُوَالِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ وَالَى الْمُسْلِمَ فَهُوَ وَلَدُهُ عَلَى دِينِهِ، وَإِنْ وَالَى الْكَافِرَ كَانَ وَلَدَهُ وَيُحْكَمُ بِالْإِسْلَامِ لِلشَّكِّ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ.
مَسْأَلَةٌ: فَلَوْ ادَّعَاهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ.