الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ إحْدَاثُ الْمِيزَابِ لِمَاءِ الْمَطَرِ يَصُبُّ فِي دَارِ الْجَارِ]
فَصْلٌ: وَأَمَّا إحْدَاثُ الْمِيزَابِ لِمَاءِ الْمَطَرِ يَصُبُّ فِي دَارِ الْجَارِ فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ، سَوَاءٌ أَضَرَّ بِجَارِهِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَإِنْ مَنَعَهُ جَارُهُ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَ جِدَارَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ إلَى دَاخِلِ دَارِهِ، وَيَجْعَلَ مَوْضِعَ الْجِدَارِ مَجْرَى الْمَاءِ مِنْ سَطْحِهِ فِي أَرْضِهِ، قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ، وَقَالَ عِيسَى لَهُ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ إحْدَاثُ الْبَابِ قِبَلَ بَابِ الْجَارِ]
فَصْلٌ: وَأَمَّا إحْدَاثُ الْبَابِ قِبَلَ بَابِ الْجَارِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِي، سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَابًا يُقَابِلُ بَابَ دَارِك أَوْ يُقَارِبُهُ، وَلَا تُحَوِّلُ بَابًا هُنَاكَ إذَا مَنَعَك، لِأَنَّهُ يَقُولُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَفْتَحَ فِيهِ مُرَافِقٌ، افْتَحْ بَابِي وَأَنَا فِي سُتْرَةٍ فَلَا أَدَعُك أَنْ تَفْتَحَ قُبَالَةَ بَابِي أَوْ قُرْبِهِ، فَتَتَّخِذُ عَلَيَّ فِيهِ الْمَجَالِسَ وَشِبْهُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ مَا، وَأَمَّا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ فَلَكَ أَنْ تَفْتَحَ مَا شِئْت، أَوْ تُحَوِّلُ بَابَك حَيْثُ شِئْت.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِهِ قُبَالَةَ بَابِ جَارِهِ، وَيُنْكَبُ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنْ يُزَالَ بِهِ الضَّرَرُ عَنْ الَّذِي قُبَالَتَهُ، وَأَمَّا غَيْرُ النَّافِذَةِ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِأَرْبَابِ الدُّورِ الَّتِي فِيهَا، فَلَا يَجُوزُ إشْرَاعٌ إلَيْهَا وَلَا فَتْحُ بَابٍ جَدِيدٍ فِيهَا إلَّا بِرِضَا الْجَمِيعِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَعْضُ فَإِنْ كَانَ الَّذِينَ أَذِنُوا فِي ذَلِكَ دَاخِلَ الزُّقَاقِ وَمَمَرُّهُمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ عَلَى الْمَوَاضِعِ الْمُحْدَثَةِ فَإِذْنُهُمْ جَائِزٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فَتْحُ بَابٍ فِيهَا إلَّا عَنْ رِضًا مِنْ أَهْلِ الزُّقَاقِ، وَهِيَ كَالْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، إلَّا أَنْ يَسُدَّ بَابَهُ الْقَدِيمَ وَيَفْتَحَ غَيْرَهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَضُرُّ بِجَارِهِ فِي مِرْبَطِ دَابَّتِهِ أَوْ إنْزَالِ أَحْمَالِهِ، فَإِنْ أَضَرَّ بِهِ مُنِعَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَظَاهِرُ هَذِهِ النُّقُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَالصَّحِيحُ مُرَاعَاةُ الضَّرَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ مَا يَضُرُّهُ فَاعْتُبِرَ الضَّرَرُ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: إنْ كَانَ الزُّقَاقُ غَيْرَ نَافِذٍ وَلِرَجُلٍ فِيهِ بَابُ دَارٍ فَسَدَّهُ وَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ غَيْرَهُ، إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ مِنْ بَابِ جَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى قُرْبٍ وَأَثْبَتَ صَاحِبُهُ الضَّرَرَ مُنِعَ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا كَانَتْ دَارُهُ دَاخِلُهَا لِقَوْمٍ وَخَارِجُهَا لِقَوْمٍ، وَلِلدَّاخِلَةِ الْمَمَرُّ فِي الْخَارِجَةِ تَحْوِيلُ بَابِهَا إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الدَّاخِلِينَ، فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِ مَوْضِعِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا دَارٌ تُلَاصِقُهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا يَدْخُلُ مِنْهُ إلَى دَارِهٍ فَلِلشَّرِيكِ مَنْعُهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ فَتَحَ فِي حَائِطِ دَارِ نَفْسِهِ لِيَدْخُلَ مِنْهُ إلَى دَارِ الشَّرِكَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ لَهُ أُخْرَى إلَى دَارِهِ الَّتِي فِي الزَّنْقَةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ لِيَتَرَفَّقَ بِهِ، لَا يَجْعَلُهُ كَالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ لِلنَّاسِ يَدْخُلُونَ مِنْ بَابٍ وَيَخْرُجُونَ مِنْ بَابٍ جَازَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا كَانَ حَائِطٌ لِرَجُلٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، وَبَابُهُ فِي سِكَّةٍ وَلَيْسَ لَهُ فِي السِّكَّةِ الَّتِي لَا تَنْفُذُ بَابٌ لِدَارِهِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ فَتَحَ قُبَالَةَ بَابِهِ أَحَدٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْتَحُ مَا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُشَاعٌ بَيْنَ أَصْحَابِ الْأَبْوَابِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي فِيهَا، فَهُوَ إذَا فَتَحَ بَابَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ صَارَ شَرِيكُهُمْ فِي السِّكَّةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقِيلَ لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً وَلَمْ يُقَابِلْ بَابَ أَحَدٍ.
تَنْبِيهٌ: وَالْوَاسِعَةُ مَا كَانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ، وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ السَّبْعَةُ: حَدُّ السِّعَةِ وَمَا يَنْقُصُ مِنْهَا فَذَلِكَ حَدُّ الضِّيقِ، قَالَ: وَحَضَرْت الْقَضَاءَ فِي السَّبْعَةِ الْأَذْرُعِ بِغَيْرِ ذَرْعِ سَاحَةِ الْأَرْضِ، وَكَانَ الْقَاضِي بِذَلِكَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ أَبُو بَكْرِ بْنُ زَرْبٍ، فَأَلْفَى فِي الْحُجَّةِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ فَأَوْجَبَ فِيهَا فَتْحَ حَانُوتٍ، وَقَضَى بِذَلِكَ فَفَتَحَ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ.
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَحَكَى ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي نَوَادِرِهِ: الطَّرِيقُ الْوَاسِعَةُ ثَمَانِيَةُ أَشْبَارٍ، وَقِيلَ سَبْعَةُ أَشْبَارٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ الَّتِي لَا تَنْفُذُ فِيهَا أَبْوَابٌ لِقَوْمٍ شَتَّى، أَوْ بَابٌ وَاحِدٌ لِرَجُلٍ وَكَانَ فِي جَانِبِي الدَّاخِلَةِ عَلَى طُولِهَا حِيطَانٌ لِرَجُلٍ، فَذَهَبَ إلَى أَنْ يَحْصُلَ حِيطَانُهُ وَدُورَهُ بِأَنْ يَجْعَلَ لَهَا بَابًا فَمَنَعَهُ أَهْلُ السِّكَّةِ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي مَنْعِهِ أَنْ يَقُولُوا: إنَّا نَدْخُلُ
إلَى دُورِنَا مَتَى شِئْنَا بِلَا إذْنِ أَحَدٍ وَلَا مَشُورَتِهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَإِذَا صَرَفْتنَا إلَى بَابٍ احْتَجْنَا إلَى الِاسْتِئْذَانِ وَرُبَّمَا لَمْ تُفْتَحْ لَنَا أَوْ تُطَوِّلْ عَلَيْنَا فِي الْفَتْحِ، فَصِرْنَا فِي شِقَاقٍ وَنَحْنُ فِي غَنِيَّةٍ عَنْهُ فَذَلِكَ لَهُمْ، فَلَا يُجْعَلُ لَهَا بَابًا إلَّا بِإِذْنِ جَمِيعِ مَا فِيهَا وَإِنْ أَجَازَ لَهُ الْجَمِيعُ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَمِنْ حَقِّهِ مَنْعُهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ دَارٌ عَلَى الِانْفِرَادِ إلَى جَنْبِهَا دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لِدَارِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ بَابًا إلَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا شُرَكَائِهِ جَمِيعًا، فَإِنْ اقْتَسَمُوا الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ وَصَحْنَهَا وَبَقِيَ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي اُقْتُسِمَتْ عَلَى حَالِهِ لِدُخُولِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ، فَوَقَعَ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْمُنْفَرِدَةِ قِطْعَةٌ مِنْ الصَّحْنِ مِمَّا يَلِي الدَّارَ الَّتِي لَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ، فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ لِدَارِهِ الَّتِي بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ بَابًا إلَى الصَّحْنِ، يَدْخُلُ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُ عَلَى بَابِ الدَّارِ الْمَقْسُومَةِ الَّذِي بَقِيَ لِدُخُولِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْقَضَاءُ مِنْ وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ رحمه الله.
مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذُ عَلَى بَابِ دَارِهِ مَجْلِسًا يَجْلِسُ فِيهِ قُبَالَةَ بَابِ دَارٍ جَارِهِ، فَقَالَ سَحْنُونٌ: يُؤْمَرُ أَنْ يُنَكِّبَ عَنْ ذَلِكَ قَلِيلًا فَإِنْ أَبَى مُنِعَ مِنْهُ وَهَذَا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ.
بَيَانٌ: وَيَتَحَصَّلُ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ، إذَا أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَفْتَحَ مَجْلِسًا أَوْ حَانُوتًا قُبَالَةَ بَابِ دَارِ جَارِهِ، أَوْ يُخْرِجَ عَسْكَرًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْجُنَاحِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ.
الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ بَيْنَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّ ذَلِكَ لَهُ فِي السِّكَّةِ الْوَاسِعَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَيَتَحَصَّلُ فِي السِّكَّةِ غَيْرُ النَّافِذَةِ فِي فَتْحِ الرَّجُلِ لِلْبَابِ وَتَحْوِيلِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ إلَى الزُّقَاقِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: