الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ الْمُحْبَسِ فِي خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ: إذَا أَحْدَثَ فَسَادًا أَوْ إبَاقًا لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَيَكُونُ مَكَانَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ فِي مَنْزِلٍ حُبِسَ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ فَجَهِلَ فَبَاعَهُ وَفَرَّقَ ثَمَنَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ غَيْرِهِ بَعْدَهُ، أَرَى أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَنْزِلَ حَبْسًا وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَلَّةِ الْحَبْسِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاضِي، لِأَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ فِي الْأُصُولِ عَلَى الِاجْتِهَادِ هَدَرٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ كَسَرَ خَشَبًا مِنْ خَشَبِ الْحَبْسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْبُنْيَانَ وَالْخَشَبَ كَمَا كَانَ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ خَوْفًا مِنْ أَنْ تُؤْخَذَ الْقِيمَةُ فَلَا يُرَدُّ عَلَى حَالِهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَغْيِيرِ هَيْئَةِ الْحَبْسِ عَنْ الْأَوَّلِ، مِنْ ابْنِ سَهْلٍ فِي مَسْأَلَةِ وَكِيلٍ بَاءَ عَلَى يَتِيمٍ أَمْوَالَهُ.
[فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ فِي بَابِ الْعِتْقِ]
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا مَثَّلَ الرَّجُلُ رَقِيقَهُ عَمْدًا مُثْلَةً تَشِينُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ رحمه الله: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَعْتَقَ أَمَةً ضَرَبَتْهَا سَيِّدَتُهَا بِنَارٍ فَأَصَابَتْهَا، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَضَرَبَ عُمَرُ سَيِّدَتَهَا، وَأَعْتَقَ عُمَرُ أَيْضًا أَمَةَ رَجُلٍ أَحْمَى رَضْفًا وَأَقْعَدَهَا عَلَيْهِ فَأَحْرَقَ فَرْجَهَا، وَجَاءَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ بِالْمُثْلَةِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُثْلَةَ إنْ كَانَتْ بِإِبَانَةِ عُضْوٍ وَإِفْسَادِهِ، أَوْ أَنْزَلَ بِهِ مَا شَوَّهَ خِلْقَتَهُ وَسَاءَ مَنْظَرُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَزُولُ وَلَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ فَهُوَ شَيْنٌ يُوجِبُ الْعِتْقَ إذَا فَعَلَهُ عَمْدًا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْعَمْدِ قَصْدُهُ إلَى الضَّرْبِ.
وَقَالَ عِيسَى فِي شَرْحِ ابْنِ مُزَيْنٍ: وَلَا يَكُونُ مُثْلَةً بِرَمْيِهِ أَوْ ضَرْبِهِ وَإِنْ عَامِدًا لِذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامِدًا لِلْمُثْلَةِ مِثْلَ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيُمَثِّلُ بِهِ وَصَحَّحَهُ اللَّخْمِيُّ.
فَرْعٌ: قَالَ سَحْنُونٌ: إذْ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَنَزَلَ الْمَاءُ فِي عَيْنَيْهِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَلَوْ حَذَفَهُ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ فَأَبَانَ بِذَلِكَ مِنْهُ عُضْوًا لَمْ يُعْتَقْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِمِثْلِ مَا يُسْتَقَادُ لِلِابْنِ مِنْ
أَبِيهِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ الْإِنْسَانِ الشَّفَقَةُ عَلَى مَالِهِ، وَقَدْ يُرِيدُ تَهْدِيدَهُ بِذَلِكَ، وَلَا يُرِيدُ خُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ، وَقَدْ يُرِيدُ الْمُثْلَةَ الْخَفِيفَةَ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الشَّيْنُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَلَكِنَّهُ يَعُودُ لِهَيْئَةٍ فَلَا عِتْقَ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: وَإِذَا وَقَعَتْ الْمُثْلَةُ خَطَأً فَلَا عِتْقَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْعَمْدِ، فَإِنْ احْتَمَلَ فِعْلُهُ الْأَمْرَيْنِ أُحْلِفَ مَا أَرَادَ ذَلِكَ وَتُرِكَ.
مَسْأَلَةٌ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُمَثَّلِ بِعَبْدِهِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا رَشِيدًا مُسْلِمًا لَا دَيْنَ عَلَيْهِ.
وَفِي مُثْلَةِ السَّفِيه قَوْلَانِ وَفِي مُثْلَةِ الذِّمِّيِّ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ قَوْلَانِ.
فَرْعٌ: وَقَطْعُ الْأُذُنِ وَشِقِّهَا وَقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ وَالظُّفْرِ وَوَسْمِ وَجْهِهِ بِالنَّارِ شَيْنٌ وَوَسْمُ ذِرَاعِهِ بِالنَّارِ لَيْسَ بِشَيْنٍ.
وَفِي وَسْمِ وَجْهِهِ بِغَيْرِ نَارٍ قَوْلَانِ، وَقَلْعِ الْأَسْنَانِ وَسَحْلِهَا بِالْمِبْرَدِ شَيْنٌ، وَفِي السِّنِّ الْوَاحِدَةِ قَوْلَانِ، وَحَلْقُ رَأْسِ الْأَمَةِ وَلِحْيَةِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِشَيْنٍ إلَّا فِي التَّاجِرِ الْمُحْتَرَمِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ.
فَرْعٌ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ فِي قَلْعِ الْأَسْنَانِ لَا يَجْرِي فِي الرَّحَا، فَلَوْ قَلَعَ رَحًا أَوْ أَثْنَتَيْنِ فَلَا يُعْتَقُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ شَيْنَ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُعْتَقُ بِالْمُثْلَةِ إلَّا بِالْحُكْمِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يُعْتَقُ بِالْمُثْلَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُثْلَةُ الْمَشْهُورَةُ لَا تَفْتَقِرُ إلَى الْحُكْمِ، وَأَمَّا مَا يُشَكُّ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ هَلْ مِمَّا يُوجِبُ الْعِتْقَ أَمْ لَا؟ .
مَسْأَلَةٌ: وَوَقَعَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ فِيمَنْ فَرَّ عَبْدُهُ إلَى الْعَدُوِّ فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْبَلْدَةَ فَرَآهُ سَيِّدُهُ فِي جَيْشِ الْعَدُوِّ فَقَالَ سَيِّدُهُ لِشُهُودٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَهُ إلَى الْخُرُوجِ وَالرُّجُوعِ مَعِي عَلَى أَنْ أُعْتِقَهُ، وَأَنَا غَيْرُ مُلْتَزَمٍ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا أُرِيدُ اسْتِخْرَاجَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْعَبْدِ اُخْرُجْ إلَيَّ وَأَنْت حُرٌّ، فَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْعِتْقُ وَالْمَمْلُوكُ رَقِيقٌ.