الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ يَتَحَيَّلُونَ بِطَلَبِ الْبَيْعِ إلَى إخْرَاجِ النَّاسِ عَنْ أَمْلَاكِهِمْ، وَأَمَّا إنْ طَلَبَ الشِّرَاءَ مَنْ أَبَى الْبَيْعَ فَلَهُ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرُوا صُوَرًا أَجَازُوا فِيهَا لِطَالِبِ الْبَيْعِ الْأَخْذَ بِمَا انْتَهَى إلَيْهِ الثَّمَنُ يَطُولُ ذِكْرُهَا.
[فَصْلٌ وَوَقَعَ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ]
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ ثِيَابًا فَأَنْكَرَ، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَعْكَامًا لَا يَدْرُونَ مَا فِيهَا وَيَظُنُّونَهَا ثِيَابًا فَفِي الطُّرَرِ أَنَّهُ يُسْجَنُ وَيُهَدَّدُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَإِلَّا حَلَفَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا يُشْبِهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مِثْلَهُ، وَيَأْخُذُهُ بِذَلِكَ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْرِئَ أَمْرَهُ بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ فِيهِ وَالتَّشْدِيدِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ غَرَامَةِ الْمَالِ.
[فَصْلٌ وَوَقَعَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ]
مَسْأَلَةٌ: فِي الْخَادِمِ أَوْ الرَّجُلِ الْحُرِّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَسْتَعِيرُهُمْ حُلِيًّا، وَيَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَهُ بَعَثُوهُ فَيُعِيرُونَهُ فَيَهْلِكُ الْحُلِيُّ مِنْهُ وَيَجْحَدُ أَهْلُهُ أَنْ يَكُونُوا بَعَثُوهُ، أَوْ يُقِرُّونَ أَنَّهُمْ بَعَثُوهُ، وَأَنَّ الْمَتَاعَ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِمْ، فَقَالَ: إنْ صَدَّقَهُ الَّذِينَ بَعَثُوهُ فَهُمْ ضَامِنُونَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّسُولِ، وَإِنْ جَحَدُوا وَحَلَفُوا مَا بَعَثُوهُ وَحَلَفَ الرَّسُولُ إنْ كَانَ حُرًّا لَقَدْ بَعَثُوهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الَّذِينَ بَعَثُوهُ لَمْ يُقِرُّوا بِشَيْءٍ، وَلِأَنَّ الرَّسُولَ قَدْ صَدَّقَهُ الَّذِينَ أَعْطَوْهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ الرِّسَالَةِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهُمْ بَعَثُوهُ، وَإِنْ زَعَمَ الرَّسُولُ أَنَّهُ أَوْصَلَهُ إلَى الَّذِينَ بَعَثُوهُ وَجَحَدُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ وَيَبْرَءُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ زَعَمَ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَوْصَلَ ذَلِكَ إلَى سَيِّدِهِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ، قَالَ: أَرَاهُ فَاجِرًا خِلَافًا وَذَلِكَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ غُرِّمَ، وَإِنْ أَنْكَرَ كَانَ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ خَدَعَ الْقَوْمَ.
[فَصْلٌ وَوَقَعَ فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ قُضَاتِهِ وَعُمَّالِهِ مَا وَجَدَ فِي أَيْدِيهِمْ زَائِدًا عَلَى مَا ارْتَزَقُوهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يُحْصِي مَا عِنْدَ الْقَاضِي حِينَ وِلَايَتِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا اكْتَسَبَهُ زَائِدًا عَلَى رِزْقِهِ، وَتَأَوَّلَ أَنَّ مُقَاسَمَةَ عُمَرَ رضي الله عنه وَمُشَاطَرَتِهِ لِعُمَّالِهِ كَأَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ
- رضي الله عنهما، إنَّمَا كَانَتْ لَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ مِقْدَارُ مَا اكْتَسَبُوا بِالْعِمَالَةِ مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
مَسْأَلَةٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْفِرَاسَةَ وَيُرَاقِبَ أَحْوَالَ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَ الْإِدْلَاءِ بِالْحُجَجِ وَدَعْوَى الْحُقُوقِ فَإِنْ تَوَسَّمَ فِي أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَنَّهُ أَبْطَنَ شُبْهَةً فَلِيَتَلَطَّفْ فِي الْكَشْفِ وَالْفَحْصِ عَنْ حَقِيقَةِ مَا تَوَهُّمَ فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي سِيرَةِ الْقَاضِي مَعَ الْخُصُومِ فَانْظُرْهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمُقْنِعِ لِابْنِ بَطَّالٍ قَالَ سَحْنُونٌ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَشْتَدَّ حَتَّى يَسْتَنْطِقَ الْحَقَّ، وَلَا يَدْعُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَلِينُ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ.
مَسْأَلَةٌ: نَقَلَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ: أَنَّ مَالِكًا رضي الله عنه ذَهَبَ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى الْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ، وَذَلِكَ مُسْتَنِدٌ إلَى قَوْله تَعَالَى:{إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26] الْآيَةَ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ مَتَى ارْتَابَ الْقَاضِي وَتَوَهَّمَ غَلَطَ الشُّهُودِ سَأَلَهُمْ عَنْ التَّفْصِيلِ، فَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ أَمْضَاهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي الشَّاهِدَ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ أَمَّا الْعَدْلُ فَقَوْلُهُ كَافٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ تَنْفَعُ فِيهِ الْيَمِينُ، وَنَقَلَ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ عَنْ ابْنِ وَضَّاحٍ، وَعَنْ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ شَيْخُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: وَحَلَّفَ ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا شُهُودًا فِي تَرِكَةٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ الْحَقُّ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ وَضَّاحٍ أَنَّهُ قَالَ: أَرَى لِفَسَادِ الزَّمَانِ أَنْ يُحَلِّفَ الْحَاكِمُ الشُّهُودَ، وَابْنُ وَضَّاحٍ أَخَذَ عَنْ سَحْنُونٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ الشَّهَادَةِ إذَا أَنْكَرُوا، أَنَّهُمْ رَجَعُوا فَطَلَبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَمِينَهُمْ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَمَّا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِ، فَفِي لُزُومِ الْيَمِينِ قَوْلَانِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْيَمِينُ إذَا أَتَى بِلَطْخٍ يُقَوِّي دَعْوَاهُ وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَتَوَجَّهُ الدَّعْوَى بِطَلَبِ الْيَمِينِ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ.