الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ فِي الْقَضَاءِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ]
قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] ، دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ بِغَالِبِ الظُّنُونِ، وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الرَّضَاعُ وَاجِبًا فِي الْحَوْلَيْنِ وَكَانَ يَحْرُمُ الْفِطَامُ قَبْلَهُ ثُمَّ أُبِيحَ أَقَلُّ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ.
وَفِي مُفِيدِ الْأَحْكَامِ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ اللَّهَ وَسَّعَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالِاجْتِهَادِ وَذَكَرَهُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ.
[مَسْأَلَةٌ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ فِي الْمُعْتَرَكِ]
مَسْأَلَةٌ: مِنْ ذَلِكَ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ فِي الْمُعْتَرَكِ يَتَلَوَّمُ لَهَا الْإِمَامُ بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا قَرُبَ مِنْ الدِّيَارِ، بَعْدَ انْصِرَافِ مَنْ انْصَرَفَ وَانْهِزَامِ مَنْ انْهَزَمَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتَتَزَوَّجُ، وَرُوِيَ بَعْدَ سَنَةٍ، وَرُوِيَ سَنَةٌ فِيهَا الْعِدَّةُ.
فَرْعٌ: وَالْحَرْبِيُّ إذَا قَدِمَ تَاجِرًا وَدَخَلَ إلَى بِلَادِنَا بِأَمَانٍ مُطْلَقٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ مُطْلَقًا، بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَرْكَ الْأَخْذِ مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ عَلَيْهِ الْعُشْرَ كَالذِّمِّيِّ.
وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: لَا يُزَادُ عَلَى الْعُشْرِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ إذَا كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالنُّزُولِ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْعُشْرِ.
فَرْعٌ: وَكَذَا الْحَرْبِيُّ إذَا قَدِمَ مِنْ بِلَادِهِ مُرِيدًا لِلْإِقَامَةِ فِي بِلَادِنَا عَلَى عَقْدِ الذِّمَّةِ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ بِالْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ جَوَازُ إعْطَاءِ أَمِيرِ الْجَيْشِ الْأَمَانَ لِلْعَدُوِّ الَّذِي خَرَجَ لِقِتَالِهِ، وَتَأْمِينِ بَعْضِهِمْ إمَّا مُطْلَقًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لِجَمَاعَةٍ: أَنْتُمْ آمِنُونَ، فَإِنْ أَرَادُوا الْبَقَاءَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادُوا الرُّجُوعَ فَهُمْ آمِنُونَ حَتَّى يَبْلُغُوا مَأْمَنَهُمْ، أَوْ مُقَيَّدًا وَالتَّقَيُّدُ يَكُونُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ صِفَةٍ، مِثْلَ أَنَّهُ آمَنَ فِي نَفْسِهِ دُونَ مَالِهِ، وَذَلِكَ إذَا رَأَوْا أَنَّ
الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ قِتَالِهِمْ، وَيَفْعَلُ الْأَمِيرُ ذَلِكَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَمَشُورَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ، وَيَنْظُرُ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَدِمَ الْأُمَرَاءُ عَلَى النَّاسِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِذَا جَازَ هَذَا لِأَمِيرٍ فَلَأَنْ يَجُوزَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى، وَلَا يَجُوزُ اتِّبَاعُ الْهَوَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا اتِّبَاعُ الصَّالِحِ وَتَرْكُ الْأَصْلَحِ.
فَرْعٌ: وَالْمُعْسِرُ بِالنَّفَقَةِ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِاجْتِهَادِ فَقِيلَ: بَعْدَ شَهْرٍ، وَقِيلَ: شَهْرَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّجَاءِ، فَلَوْ آيَسَ مِنْ يُسْرِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِلَا ضَرْبِ أَجَلٍ، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْقِيقِ الْإِعْسَارِ، وَهَلْ ذَلِكَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِالْإِعْسَارِ؟ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا حَالُهُ مِثْلُ حَالِ أَهْلِ الصُّفَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا التَّطْلِيقُ بِسَبَبِ الْإِعْسَارِ لِدُخُولِهَا عَلَى ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَإِذَا وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِالثُّلُثِ أُعْطِيَ زَيْدٌ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ بِالِاجْتِهَادِ.
فَرْعٌ: وَإِذَا قَالَ دَارِي حَبْسٌ فَقَطْ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَخْرَجًا، فَقَالَ مَالِكٌ: تَكُونُ فِي الْفُقَرَاءِ، قِيلَ لَهُ: إنَّ الدَّارَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قَالَ: قَدْ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِيهَا وَلَهُ فِي ذَلِكَ سَعَةٌ مِنْ الْمُقْنِعِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ لِلْعَبِيدِ الْحَبْسُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ مُؤَاجَرَتُهُمْ فِيمَا يُقِيمُ عَيْشَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يُبَاعُونَ وَتُقَسَّمُ أَثْمَانُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إنْ رَأَى ذَلِكَ الْإِمَامُ، أَوْ يَشْتَرِي بِهِ خَيْلًا أَوْ سِلَاحًا فِيمَا يُجْتَهَدُ فِيهِ بِرَأْيِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ إذَا اخْتَلَفَتْ فَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ فِيمَا يَبْقَى مِنْهَا ثَمَنٌ بِيعَتْ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي شَأْنِ الْغَزْوِ عَلَى رَأْيِ الِاجْتِهَادِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ فِي قَسْمِ غَلَّةِ الْحَبْسِ بَيْنَ أَهْلِهِ، يَجْتَهِدُ وَيُفَضِّلُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ وَالزَّمْنَى عَلَى غَيْرِهِمْ.
فَرْعٌ: وَإِذَا أَسَرَ الْإِمَامُ الْعَدُوَّ عَجَمًا كَانُوا أَوْ عَرَبًا فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي خَمْسَةٍ: الْقَتْلِ، وَالِاسْتِرْقَاقِ، وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ، وَالْمُفَادَاةِ، وَالْمَنِّ إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرَ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَالِاجْتِهَادِ، لَا أَنَّهُ يَفْعَلُ أَيَّهَا شَاءَ بِهَوَاهُ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ مَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ مَنْ شَاءَ بِالنَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ غَيْرَ الْمَوَاتِ إلَّا مَتَاعًا أَوْ تَمْلِيكًا.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ الْقَتْلِ أَوْ الصَّلْبِ، ثُمَّ الْقَتْلِ أَوْ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ مِنْ خِلَافٍ مُوَالَاةً أَوْ النَّفْيِ، فَتَعْيِينُ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلْإِمَامِ يُفْعَلُ بِاجْتِهَادِهِ مَا يَرَاهُ أَنْفَعَ فِي الزَّجْرِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ عَقْدُ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، يَجْتَهِدُ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَعُقُوبَةُ الْمَرْأَةِ الْمُسَاحَقَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ أَدَبُ الْكَافِرِ فِي اللِّوَاطِ.
فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ تَقْدِيرُ النَّفَقَاتِ لِلزَّوْجَاتِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ تَأْجِيلُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ: قِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ عَشَرَةٌ، وَقِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى عِشْرِينَ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ.
فَرْعٌ: إذَا اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاكِمَ أَنْ لَا يُعَجِّلَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ لِأَجْلِ حِسَابٍ وَشَبَهِهِ، فَإِنَّهُ يُمْهِلُهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ بِكَفِيلٍ يُوَجِّهُهُ، وَقِيلَ مَا يَرَى الْحَاكِمُ.
فَرْعٌ: وَالتَّعْزِيرَاتُ تَرْجِعُ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَنَظَرِهِ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ، وَحَالِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَتَّى تَقَعَ الْمُؤَاخَذَةُ عَلَى وَفْقِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ مِنْهُ، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالتَّعْزِيرِ.
فَرْعٌ: وَالسِّنُّ الْمُضْطَرِبَةُ جِدًّا يُقَدَّرُ مَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَيَأْخُذُ بِقَدْرِهَا بِالِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ فِيمَا نَقَصَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ يَأْخُذُ بِحِسَابِهِ بِالِاجْتِهَادِ، وَكَذَا فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الِاجْتِهَادُ.
فَرْعٌ: وَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ يُشْتَرَى لِتَطَوُّعٍ أَوْ ظِهَارٍ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا أُخْرِجَ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ.
فَرْعٌ: وَكَذَا أَرْضُ الْعَنْوَةِ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِيهَا وَمَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فِي قَسْمِهَا بَيْنَ أَهْلِ الْمَغْنَمِ أَوْ وَقَفَهَا خَرَاجًا لِلْمُسْلِمِينَ.
فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ ضَرْبُ الْقُضَاةِ الْآجَالَ فِي الْأَعْذَارِ فِي الْحُكْمِ وَفِي الْغَيْبَةِ، إذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَسَأَلَتْ الطَّلَاقَ، وَفِي ضَرْبِ الْأَجَلِ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ فِي الدَّيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ سَهْلٍ: أَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا حَدٌّ مَحْدُودٌ لَا يَتَجَاوَزُ، وَإِنَّمَا هُوَ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَقَدْ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْآجَالِ.
فَرْعٌ: وَفِي الطُّرُرِ وَيَصِحُّ الْإِجْبَارُ عَلَى النِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعَ الثُّيُوبَةِ، إذَا ظَهَرَ مِنْهَا الْفَسَادُ وَلَمْ يَقْدِرْ وَلِيُّهَا عَلَى صِيَانَتِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ يَصُونُهَا، وَاسْتُحْسِنَ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الْأَبِ إلَى الْحَاكِمِ فَيَجْتَهِدَ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْهُ، وَإِنْ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ مَضَى فِعْلُهُ.
فَرْعٌ: إذَا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ حَمْلُ نِصْفِ الدِّيَةِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ تَقْسِيطَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَرُوِيَ أَنَّهَا تُقَسَّطُ فِي سَنَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ مِقْدَارُ مَا يُقَسَّطُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ حَدٌّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ تَحْدِيدٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُوَاسَاةٌ، فَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ يَحْمِلُ عَلَى النَّاسِ فِي عَطِيَّاتِهِمْ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَنِصْفٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ رحمه الله لَا يُوَقِّتُ فِي الْحِيَازَةِ لَا عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَهَا، وَكَانَ يَرَى ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَنْزِلُ بِهِ الْأَمْرُ يَرَى فِيهِ الْإِمَامُ رَأْيَهُ، وَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ، وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى الْعَشْرِ وَمَا قَارَبَهَا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ.