الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَيْفَمَا ضَاعَتْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي ضَمِنَ الصَّحْفَةَ فِيهَا، خَالَفَ بِهَا مَسْأَلَةَ الْمِنْدِيلِ مَعْنَاهَا عَلَى أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ الصَّحْفَةَ بِالْخُبْزِ عَلَى أَنَّهُ بِفُرْنِهِ فَهَاهُنَا يُضَمِّنُهُ الصَّحَّافُ كَيْفَمَا ضَاعَتْ، لِأَنَّهُ لَا غِنَى لِلْخُبْزِ عَنْ الصَّحْفَةِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ أَتَى بِخُبْزِهِ فِي الصَّحْفَةِ وَوَضَعَهُ فِي الْفُرْنِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَلَا تَبْرَأُ مِنْهُ إلَى الْفَرَّانِ فَتَلِفَ الْخُبْزُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَرَّانِ.
[فَصْلٌ فِي ضَمَان الطَّحَّان]
فَصْلٌ: وَكَذَلِكَ الطَّحَّانُ إنْ عَامَلُوهُ عَلَى الطَّحِينِ وَأَسْلَمَ الطَّعَامَ إلَيْهِ فِي أَوْعِيَتِهِ لِيَطْحَنَهُ هُوَ دُونَ صَاحِبِهِ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّتَهُمْ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْأَوْعِيَةِ كَيْفَمَا ضَاعَتْ بِالطَّعَامِ. أَوْ دُونَ الطَّعَامِ، وَضَامِنٌ لِلطَّعَامِ أَيْضًا إنْ ضَاعَ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ هُمْ يَلُونَ طَحْنَهُ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْأَوْعِيَةِ وَلَا لِلطَّعَامِ، لِأَنَّ أَهْلَهُ مَعَهُ وَلَا يُسَلِّمُوهُ إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ أَخْرَجَ النَّاسَ عَنْ الرَّحَى لِكَثْرَتِهِمْ وَازْدِحَامِهِمْ فَيَكُونُ ضَامِنًا لِلْأَوْعِيَةِ وَمَا فِيهَا.
[فَصْلٌ فِي ضَمَان الصَّبَّاغ]
فَصْل: وَإِذَا أَخْطَأَ الصَّبَّاغُ فَصَبَغَ الثَّوْبَ غَيْرَ الصَّبْغِ الَّذِي سَمَّى لَهُ صَاحِبُهُ، وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الصَّبَّاغُ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَبَى فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَمْكَنَ مِنْ إحْرَازِ صَبْغِهِ الَّذِي أَخْطَأَ بِهِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَلِكَ سَمِعْت أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا.
وَفِي طُرُرِ التَّهْذِيبِ: وَهَذَا مَعَ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الصَّبَّاغُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَكَذَا حُكْمُ الْحَائِكِ.
[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ الْغَسَّالِ]
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنْ أَخْطَأَ الصَّبَّاغُ أَوْ الْغَسَّالُ فَدَفَعَ إلَى هَذَا ثَوْبَ هَذَا، وَإِلَى هَذَا ثَوْبَ هَذَا فَلَبِسَاهُمَا جَاهِلَيْنِ بِهِمَا فَكَأَنَّمَا لَبِسَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْبَهُ فَيَقُومُ نُقْصَانُ كُلِّ ثَوْبٍ لَوْ لَبِسَهُ صَاحِبُهُ هَذَا اللُّبْسَ، ثُمَّ يَتَحَاسَبَانِ فَيَكُونُ عَلَى الْغَسَّالِ فَضْلُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَإِذَا لَبِسَاهُمَا عَالِمَيْنِ مُتَعَمِّدَيْنِ فَذَلِكَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، إلَّا إنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَضْلُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مُعْدَمًا بِالْفَضْلِ. فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْغَسَّالِ؛ لِأَنَّهُ أَضَاعَ وَأَخْطَأَ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الْغَسَّالُ إلَى الْعَالَمِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْجَاهِلِ.
فَرْعٌ: وَإِنْ لَبِسَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا وَالْآخَرُ جَاهِلًا فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ.
فَرْعٌ: وَأَمَّا تَلَفُ الثَّوْبَيْنِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنْهُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِثَوْبِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ يَتَحَاسَبَانِ فَيَرْجِعُ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمَا بِفَضْلٍ عَلَى صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْدَمًا فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَسَّالِ كَمَا فَسَّرْت لَك، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْجَهْلِ فَضَمَانُ الْفَضْلِ عَلَى الْغَسَّالِ.
فَرْعٌ: وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا وَسَلَّمَ الْآخَرُ، فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبِهِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى جَهْلٍ مِنْهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ ثَمَنِ ثَوْبِهِ أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ ثَوْبِهِ فَعَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ ثَمَنِ ثَوْبِهِ وَالْفَضْلُ عَلَى الْغَسَّالِ، قَالَ وَهَكَذَا أَوْضَحَ لِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَأَعْلَمَنِي أَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: رَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا عَنْ الْغَسَّالِ إذَا أَعْطَى الرَّجُلَ غَيْرَ ثَوْبِهِ فَلَبِسَهُ، أَيَكُونُ عَلَى اللَّابِسِ فِيهِ غُرْمٌ، فَقَالَ: لَا وَذَلِكَ عَلَى الْغَسَّالِ، لَهُ: يَلْبَسُ الثَّوْبَ ثُمَّ يُؤْخَذُ ثَوْبُهُ مُسْلِمًا بِلَا غُرْمٍ، فَقَالَ: إذَا لَبِسَهُ الْأَيَّامَ ثُمَّ رَدَّهُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبْلَاهُ.
وَقَالَ لَنَا يَحْيَى: عَلَى اللَّابِسِ أَنْ يَغْرَمَ مَا نَقَصَهُ لُبْسُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَوْ لَبِسَ ثَوْبَهُ كَانَ أَقَلَّ نَقْصًا فَيَغْرَمُهُ وَيَكُونُ الْبَاقِي عَلَى الْغَسَّالِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ اللَّابِسُ بِأَنَّهُ لَبِسَ ثَوْبَهُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ: فِي الْغَسَّالِ يَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَيُخْطِئُ وَيُعْطِيهِ رَجُلًا فَيَلْبَسُهُ الْمُعْطَى، قَالَ لَا يَغْرَمُ اللَّابِسُ شَيْئًا وَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ فَضْلَ الثَّوْبِ، وَذَلِكَ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَعْرِفَةٍ ضَمِنَ.