الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ نَفْسِهِ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ وَقَاتَلَهُ ابْتِغَاءَ النَّجَاةِ مِنْهُ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَقْتُلُهُ الرَّجُلُ فِي مَتَاعِهِ ذَلِكَ حِينَ لَمْ يَجِدْ إلَى أَخْذِهِ سَبِيلًا، فَإِنَّ دَمَهُ هَدَرٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ مِنْ قَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهُ الْمَتَاعُ الَّذِي سَرَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَتَاعٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّجَاةَ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، إذَا كَانَ قَتْلُهُ إيَّاهُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي فِيهِ سَرَقَ وَمَا أَشْبَهَهُ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ تَبَاعَدَ مِنْهُ بِهَرَبِهِ وَلَحِقَ بِالصَّحْرَاءِ، وَلَا مَتَاعَ مَعَهُ فَاتَّبَعَهُ مَعَهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ فَوَاقَعَهُ السَّارِقُ أَوْ لَمْ يُوَاقِعْهُ السَّارِقُ فَقَتَلَهُ، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ عَلَى غَيْرِ مَتَاعٍ كَانَ لَهُ مَعَهُ، أَرَادَ اسْتِنْقَاذَهُ مِنْهُ وَلَا لِخَوْفٍ مِنْ عَدَائِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَتَاعُهُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا.
قَالَ: وَلَوْ أَسَرَهُ وَظَفِرَ بِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ كَانَ مَعَهُ مَتَاعٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ حِينَ وَلَّى السَّارِقُ هَارِبًا عَنْهُ رَمَاهُ لِيُوهِنَهُ بِرَمْيِهِ فَيُدْرِكَهُ فَأَصَابَتْ الرَّمْيَةُ نَفْسَهُ فَقَتَلَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ وَإِنْ لَمْ يُوَاقِعْهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَتَاعُ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَفِيهِ الدِّيَةُ إنْ كَانَ بِمَوْضِعِهِ أَوْ فِي الدَّرْبِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَعُدَ وَلَحِقَ بِالصَّحْرَاءِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ.
[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْكَشْفِ عَنْ الْفَاسِقِ وَاللِّصِّ وَالْبَحْثِ عَنْهُ]
وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ قَالَ عِيسَى: فِي الْحَاكِمِ يُرْفَعُ إلَيْهِ بِأَنَّ فِي بَيْتِ فُلَانٍ خَمْرًا إنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَاحِدٌ أَوْ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، فَلْيَكُفَّ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَهْتِكَ بِهَذَا سِتْرَ مُسْلِمٍ، وَإِنْ شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى الْبَتِّ كَشَفَ عَنْ ذَلِكَ فَأَرَاقَهَا وَضَرَبَهُ ضَرْبًا دُونَ الْحَدِّ، وَإِنْ قَالُوا لِلْحَاكِمِ بَلَغَنَا ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالشَّرِّ وَلَهُ حُرْمَةٌ وَيُعْلِمُهُ بِمَا قِيلَ عَنْهُ وَيُحَذِّرُهُ أَنْ يَبْلُغَهُ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا كَشَفَ عَنْهُ، فَإِنْ وَجَدَ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ أَدَّبَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ كَذَلِكَ زَجَرَهُ وَتَوَعَّدَهُ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَسَمِعْت مُطَرِّفًا وَأَصْبَغَ يَقُولَانِ فِي السُّلْطَانِ يُرْفَعُ إلَيْهِ أَنَّ فِي بَيْتِ فُلَانٍ خَمْرًا، إنْ كَانَ مَأْثُورًا بِذَلِكَ أَوْ بَيْتًا مَشْهُورًا بِالْخَمْرِ وَالسَّفَهِ، فَيَرَى السُّلْطَانُ أَنْ يَتَعَاهَدَهُ وَيَتَعَاهَدَ الْكَشْفَ عَنْ بَيْتِهِ ذُكِرَ
لَهُ عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُنْقَلَ عَنْ مَكَانِهِ ذَلِكَ وَيُشَرَّدَ بِهِ فَعَلَ كَانَ ذَلِكَ الْمَنْزِلُ لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَكْرَاهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْرَجَهُ مِنْهُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ غَيْرَ مَأْثُورٍ بِذَلِكَ وَلَا مُشَارٍ إلَيْهِ بِمِثْلِ هَذَا فَلَا أَرَى أَنْ يَكْشِفَهُ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْتِ.
مَسْأَلَةٌ: وَعَنْ مَالِكٍ: فِي الشُّرْطِيِّ يَأْتِيه رَجُلٌ يَدْعُوهُ إلَى نَاسٍ فِي بَيْتٍ عَلَى شَرَابٍ، فَقَالَ: إنْ كَانَ بَيْتًا لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا يَتْبَعُهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ فَلِيَتْبَعْهُ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَدَّثَنِي الْخُزَامِيُّ وَالْمَدِينِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَخَذَ سَارِقًا فَأَرْسَلَهُ، وَقَالَ: أَسْتُرُهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَسْتُرُ عَلِيَّ وَحَدَّثَانِي عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ هَلْ لَك فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ يَعْصِرُ بِجَنَّتِهِ خَمْرًا، فَقَالَ إنَّ اللَّهَ نَهَى أَنْ نَتَجَسَّسَ، وَلَكِنْ أَنْ يَظْهَرَ إلَيْنَا فَعَلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَهُ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فِي الْجَارِ يُظْهِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَغَيْرَهُ أَنَّهُ يُنْهَى، فَإِنْ انْتَهَى وَإِلَّا رُفِعَ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ السِّتْرُ وَاجِبٌ إلَّا عَلَى الْإِمَامِ وَالْوَالِي وَأَحَدِ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ فِي الزِّنَا.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَمِعْت ابْنَ الْمَاجِشُونِ يَقُولُ فِي اللُّصُوصِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ: أَرَى أَنْ يُطْلَبُوا فِي مَظَانِّهِمْ وَيُعَانُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُقْتَلُوا أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ بِالْهَرَبِ.
تَنْبِيهٌ: وَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَعَاطَى هَذَا الْكَشْفَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لِلْوَالِي وَالشُّرَطِيِّ دُونَ الْقَاضِي، وَذَكَر الْقَرَافِيُّ أَنَّ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، لِأَنَّ قَاعِدَةَ وِلَايَتِهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ.