الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَادَّعَى أَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ، فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةٍ عَلَى الْوَثِيقَةِ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ، وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ مَسَائِلِ الْمِدْيَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَبْسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ.
تَنْبِيهٌ: وَلَمَّا كَانَ الْحَبْسُ يَتَنَوَّعُ بِحَسَبِ الْحُقُوقِ وَالْجِنَايَاتِ أَفْرَدْنَا لِلْكَلَامِ عَلَيْهِ فَصْلًا وَأَضَفْنَا إلَيْهِ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
[فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ فِي بَابِ الْحَمَالَةِ]
مَسْأَلَةٌ: إذَا اُتُّهِمَ حَمِيلُ الْوَجْهِ بِمَعْرِفَةِ مَكَانِ الْمَطْلُوبِ وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا قَصَّرَ فِي طَلَبِهِ وَلَا دَلَّسَ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: إذَا قَوِيَتْ الدَّلَائِلُ فِي تُهْمَتِهِ بِمَعْرِفَةِ مَكَانِهِ وَأَنَّهُ لَهَى عَنْ طَلَبِهِ، وَفَرَّطَ فِي إحْضَارِهِ لَزِمَهُ غُرْمُ مَا عَلَيْهِ بِالتَّفْرِيطِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَرَادَ الْغَرِيمُ سَفَرًا فَتَعَلَّقَ بِهِ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَأَنْت غَائِبٌ، وَطَلَبَ مِنْهُ حَمِيلًا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَى أَنَّ الْأَجَلَ يَحِلُّ قَبْلَ قُدُومِهِ لِبُعْدِ الْمَكَانِ أَمَرَهُ بِالْحَمِيلِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلٌ، وَأُحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ سَفَرًا إلَّا سَفَرَ مِثْلِ مَا يَخْرُجُ النَّاسُ إلَيْهِ فِيمَا يَزْعُمُ مِنْ ذَلِكَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ.
[فَصْلٌ وَوَقَعَ فِي بَابِ الرَّهْنِ مَسَائِلُ]
ُ مِنْهَا مَسْأَلَةٌ: إذَا رَهَنَ رَجُلٌ فِيمَا عَلَيْهِ رَهْنًا فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ، وَيَجْبُرُهُ الْقَاضِي عَلَى دَفْعِ الرَّهْنِ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يَدْفَعَ ذَلِكَ، اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ.
مَسْأَلَةٌ: لَوْ دَفَعَ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّاهِنِ رَهْنَهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَعْطَيْته رَهْنَهُ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَنِي حَقِّي، فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: أَرَى أَنَّهُ يَحْلِفُ الرَّاهِنُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ، وَقَالَ: دَفَعْت إلَيْهِ الرَّهْنَ عَلَى أَنْ يُوفِيَنِي حَقِّي فَلَمْ
يَفْعَلْ، وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ بِقُرْبِ مَا دَفَعَ الرَّهْنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَخَذَ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْغَرِيمِ رَهْنًا بِهِ ثُمَّ وُجِدَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّهُ سَقَطَ مِنِّي وَلَمْ أَدْفَعْهُ إلَيْهِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا كَانَ قِيَامُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا دَفَعَ الْغَرِيمُ دَيْنًا وَطَلَبَ رَهْنَهُ، فَجَاءَ الْمُرْتَهِنُ بِهِ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا رَهْنِي، لِأَنَّ دَيْنَك أَلْفٌ وَرَهَنْتُك مَا يُسَاوِيه، وَهَذَا لَا يُسَاوِي مِائَةً، قَالَ أَصْبَغُ: إذَا تَبَايَنَ هَكَذَا رَأَيْت الْقَوْلَ قَوْلَ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ شَاذٌّ مُنْحَرِفٌ عَنْ الْقِيَاسِ.
مَسْأَلَةٌ: وَالرَّهْنُ كَالشَّاهِدِ عَلَى مَبْلَغِ الدَّيْنِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الرَّهْنِ عَلَى مَبْلَغِ الدَّيْنِ.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ رَهَنَ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِ الرَّاهِنِ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ. وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ لِيُقِرَّ بِالدَّيْنِ وَيَلْزَمَ أَنْ لَا يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَخْلِيصِ الْمُرْتَهِنِ بِحَقِّهِ، فَإِنْ دَفَعَ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ تَعَدِّيًا غَرِمَ الدَّيْنَ ثَانِيًا لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ.
مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ أَشْهَبُ عَنْ رَجُلٍ أَتَى مَكَّةَ وَقَصْدَ إلَى زَمْزَمَ، فَوَجَدَ رَجُلًا مَعَهُ قَدَحٌ فَقَالَ: نَاوِلْنِي قَدَحَك هَذَا، فَقَالَ لَهُ: إنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذَا كِسَائِي عِنْدَك حَتَّى أَعُودَ إلَيْك بِهِ، فَوَضْعَ الْكِسَاءَ وَأَخَذَ الْقَدَحَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَجِدْ الرَّجُلَ، قَالَ: لَوْ أَتَى السُّلْطَانَ حَتَّى يَأْمُرَهُ إنْ كَانَ صَادِقًا أَنْ يَبِيعَ الْقَدَحَ وَيَقْبِضَ ثَمَنَهُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ، قِيلَ لَهُ: هُوَ صَادِقٌ وَهَذَا صَحِيحٌ، أَفَلَا يَقْبِضُ دُونَ السُّلْطَانِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَيَأْمُرُهُ السُّلْطَانُ، قَالَ نَعَمْ يَأْمُرُهُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ عَلَى الْغَائِبِ وَيَقُولُ لَهُ: إنْ كُنْت صَادِقًا فَافْعَلْ، فَإِنْ جَاءَ الرَّجُلُ كَانَ عَلَى خُصُومَتِهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى أُصُولِهِمْ، فَإِنْ بَاعَ الْقَدَحَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْ ثَمَنِ كِسَائِهِ، فَقَدِمَ صَاحِبُ الْقَدَحِ بِالْكِسَاءِ وَأَقَرَّ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ الَّذِي بَاعَهُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَا بَاعَ بِهِ الْقَدَحَ لِبَيْعِهِ إيَّاهُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَتْ لَهُ قِيمَتُهُ وَهَذِهِ سِيَاسَةٌ وَلَيْسَتْ بِحُكْمٍ.