الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُئِلَ السِّمْسَارُ عَنْ رَبِّ السِّلْعَةِ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ، حَلَفَ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُهُ، كَذَا رَأَيْت لِلْكَثِيرِ مِنْ أَشْيَاخِنَا قَالَ: وَيَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَاسْتَرَابَ مِنْهُ السُّلْطَانُ أَنْ يُعَاقِبَهُ بِالسَّجْنِ عَلَى مَا يَرَاهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَوْقَفَ الْجَارِيَةَ لِلْبَيْعِ وَقَالَ: إنَّمَا أَبِيعُهَا عُرْيَانَةً، وَأَنْزِعُ عَنْهَا هَذَا الْإِزَارَ الَّذِي عَلَيْهَا فَاشْتَرَاهَا الْمُبْتَاعُ عَلَى ذَلِكَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَيُعْطِيه إيَّاهَا بِمَا يُوَارِيهَا ذَلِكَ الْإِزَارَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّفَ إيَّاهُ، فَإِنْ أَبَى فَالسَّوْطُ.
مَسْأَلَةٌ: وَالْمَنْعُ مِنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَتَأْدِيبِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَنْعُ مِنْ الْحُكْرَةِ وَالتَّسْعِيرَةِ وَالْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَشَبَهِ ذَلِكَ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ.
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الْمِدْيَانِ]
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا اتَّهَمَ الْحَاكِمُ الْمِدْيَانَ أَنَّهُ غَيَّبَ مَالًا أَطَالَ سَجْنَهُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ، قَالَ سَحْنُونٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنَا فَقِيرٌ وَلَيْسَ ظَاهِرُهُ كَذَلِكَ وَيَأْتِي بِشُهُودٍ عَلَى أَنَّهُ فَقِيرٌ، إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُزَكُّوا فَإِنَّهُ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى تُزَكَّى شُهُودُهُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمُلِدِّ مِنْ الْخُصُومِ، وَذَكَرَ بِمَحْضَرِنَا عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ حَزْمٍ الْقَاضِي: أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَقِيلَ لِأَشْهَبَ أَتَرَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْمُلِدُّ الظَّالِمُ فَنَعَمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَوَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَيُعَاقِبَ عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُسْتَعْدَى عَلَى غَرِيمِهِ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، أَنَّهُ يُحْبَسُ لَهُ بِالْمَعْرُوفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْدَمًا لَا شَيْءَ لَهُ فَلَا يُحْبَسُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي اللَّدَدُ مِنْ الْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ، وَيُؤَدَّبُ بِالضَّرْبِ الْمُوجِعِ وَذَلِكَ إذَا اتَّهَمَهُ أَنَّهُ خَبَّأَ مَالًا أَوْ غَيَّبَهُ، وَيَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُحْبَسُ الْحُرُّ وَلَا الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يَسْتَبْرِئُ أَمْرَهُ، فَإِذَا اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ خَبَّأَ مَالًا حَبَسَهُ وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُمَكَّنُ الرَّجُلُ مِنْ دُخُولِ امْرَأَتِهِ إلَيْهِ فِي الْحَبْسِ وَإِنْ كَانَ مَسْجُونًا فِي حَقِّهَا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السَّجْنِ التَّضْيِيقُ، وَلَا تَضْيِيقَ عَلَيْهِ مَعَ تَمْكِينِهِ مِنْ لَذَّتِهِ، وَلَوْ حُبِسَ الزَّوْجَانِ بِمَوْضِعٍ خَالٍ وَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: ذَلِكَ لِلزَّوْجَيْنِ، وَاسْتَحْسَنَ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ فِيمَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِاللَّدَدِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي بَيْعِ مِلْكِ الْغَرِيمِ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَإِذَا أَثْبَتَ الطَّالِبُ مَالًا لِلْغَرِيمِ تُعَيِّنُهُ الْبَيِّنَةُ، وَحِيزَ عَنْهُ وَقَفَ الْغَرِيمُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمَالِ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِبَيْعِهِ وَقَضَى دَيْنَهُ، فَإِنْ أَبَى ضَيَّقَ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ حَتَّى يَبِيعَ، وَلَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي كَبَيْعِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ، لِأَنَّ الْمُفْلِسَ ضُرِبَ عَلَى يَدَيْهِ وَمُنِعَ مِنْ مَالِهِ فَلِذَلِكَ بِيعَ عَلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَرِيمُ الْمِلْكَ وَعَجَزَ عَنْ الدَّفْعِ فِي شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ بِالْمِلْكِ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: عِنْدِي أَنَّهُ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَضْطَرُّهُ إلَى بَيْعِ مَا يَنْتَفِي مِنْهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ مَالِكٌ: إذَا زَعَمَ الْغَرِيمُ أَنَّهُ أُصِيبَ مَالُهُ، وَشَهِدَ لَهُ شُهُودٌ أَنَّهُ مَا عِنْدَهُ شَيْءٌ أَرَى أَنْ يُسْجَنَ وَلَا يُعَجَّلَ سَرَاحُهُ مِنْ السِّجْنِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَا بُدَّ مِنْ سَجْنِ الْغَرِيمِ وَلَا يَتِمُّ التَّفْلِيسُ إلَّا بِهِ، وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغَرِيمَ مَحْمُولٌ عَلَى الْيَسَارِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِحَالِهِ وَلَا السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلدَّيْنِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَعَمَّدَ إتْلَافَ أَمْوَالِ النَّاسِ يُقَامُ مِنْ السُّوقِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَعَلَى هَذَا يُقَامُ لِلنَّاسِ كَمَا قِيلَ فِي السَّفِيهِ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّ فِي مَسْكَنِ غَرِيمِهِ وَفَاءَ حَقِّهِ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي الْأَحْكَامِ: وَقَدْ شَاهَدْت الْفُتْيَا وَالْحُكْمَ بِطُلَيْطُلَةَ، إذْ دَعَا الطَّالِبُ إلَى تَفْتِيشِ مَسْكَنِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَ ادِّعَائِهِ الْعُدْمَ أَنْ يُفَتَّشَ مَسْكَنُهُ، فَمَا أُلْقِيَ فِيهِ مِنْ مَتَاعِ الرَّجُلِ بِيعَ عَلَيْهِ وَأُنْصِفَ الطَّالِبُ، لَا يَخْتَلِفُ فُقَهَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَكُنْت أُنْكِرُهُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَاسْتُبْصِرُوا فِيهِ وَلَمْ يَرْجِعُوا عَنْهُ
فَسَأَلْت ابْنَ عَتَّابٍ عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ وَلَمْ يَرَهُ، وَكَذَلِكَ أَنْكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَقَالَ لِي: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الَّذِي يُلْقَى فِي بَيْتِهِ وَدَائِعُ؟ فَقُلْت: ذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، فَقَالَ: يَلْزَمُ إذًا تَوْقِيفُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ بِهِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لَهُ طَالِبٌ أَمْ لَا؟ وَأَعْلَمْت ابْنَ الْقَطَّانِ بِذَلِكَ فَقَالَ لِي: مَا يَبْعُدُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ وَاسْتِسْهَالُ الْكَذِبِ.
مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِمَالٍ طَائِلٍ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَخْرَجَ الْمُدَّعِي صَحِيفَةً مَكْتُوبًا فِيهَا إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا بِخَطِّ الْمَطْلُوبِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يُجْبَرَ الْمَطْلُوبُ، عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِحَضْرَةِ الْعُدُولِ وَيُقَابِلُوا مَا كَتَبَهُ بِمَا أَظْهَرَهُ الْمُدَّعِي.
فَأَفْتَى اللَّخْمِيُّ: بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى أَنَّهُ يُطِيلُ مَا يَكْتُبُ طُولًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَعَهُ خَطًّا غَيْرَ خَطِّهِ.
وَأَفْتَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الصَّائِغِ: أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ الْمَازِرِيُّ لِقَوْلِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِأَنَّ إلْزَامَهُ بِذَلِكَ كَإِلْزَامِهِ إحْضَارَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا قَالَهُ خَصْمُهُ، وَأَشَارَ اللَّخْمِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُوَ يَقْطَعُ بِكَذِبِهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى فِي أَمْرٍ يَقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ، وَأَمَّا خَطُّهُ فَهُوَ صَادِرٌ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ، وَالْعُدُولُ يُقَابِلُونَ مَا يَكْتُبُهُ الْآنَ بِمَا يُحْضِرُهُ الْمُدَّعِي وَيَشْهَدُونَ بِمُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا تَغَيَّبَ الْخَصْمُ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَاخْتَفَى فِي دَارِهِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ.
مَسْأَلَةٌ: لَا يُؤَاجَرُ الْغَرِيمُ فِي الدَّيْنِ، وَفَصَّلَ اللَّخْمِيُّ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْغَرِيمُ تَاجِرًا فَلَا يُؤَاجَرُ فِيمَا عَلَيْهِ، قَالَ وَعَلَى هَذَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ، وَإِنْ كَانَ صَانِعًا فَدَايَنَ لِيَعْمَلَ وَيَقْضِيَ مِنْ عَمَلِهِ، فَعُطِّلَ أُجْبِرَ عَلَى الْعَمَلِ وَإِنْ أَلَدَّ اُسْتُؤْجِرَ فِي صَنْعَتِهِ تِلْكَ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا طَلَبَ رَجُلٌ دَيْنَهُ مِنْ رَجُلٍ، فَاسْتَظْهَرَ الْمَطْلُوبَ بِالْعَقْدِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَقَالَ: دَفَعْت الْحَقَّ لِلطَّالِبِ وَأَخَذْت عَقْدِي، وَجَحَدَ الطَّالِبُ