الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُرَاعَى بِالْقَتْلِ بِالْحِرَابَةِ تَكَافُؤُ الدِّمَاءِ فَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ، وَالْحُرُّ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِ قِصَاصٍ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَخَذَ الْمُحَارَبُونَ مَالًا فَقُدِّرَ عَلَى أَحَدِهِمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ جَمِيعِ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةً أَوْ لَمْ يَأْخُذْ، وَلَوْ تَابَ أَحَدُهُمْ وَقَدْ اقْتَسَمُوا الْمَالَ فَإِنَّ هَذَا التَّائِبُ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْمَالِ، لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ إنَّمَا قَوِيَ بِهِمْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا نَرَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا مَا أَخَذَ، قَالَ الْبَاجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا سَلَمُ أَشْهَبَ فِي الْمَالِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتْلِ، وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُؤْخَذُ بِجَمِيعِ مَا جَنَى أَصْحَابُهُ.
[فَصْلٌ فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى دَارٍ فَكَسَرَ بَابَهَا وَضَرَبَ صَاحِبَ الدَّارِ وَانْتَهَبَ مَا فِيهَا]
فَصْلٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ: فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى دَارٍ فَكَسَرَ بَابَهَا وَضَرَبَ صَاحِبَ الدَّارِ وَانْتَهَبَ مَا فِيهَا، وَوَقَعَتْ فِي ذَلِكَ فَتْوَى رُفِعَتْ إلَى الْفُقَهَاءِ وَصُورَتُهَا، أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي شُهُودٌ أَنَّهُمْ قَالُوا لِرَجُلٍ: نَبِّئْنَا مَا سَمِعْنَا عَنْ وَلَدَيْك مِنْ مَسِيرِهِمْ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ إلَى دَارِ فُلَانٍ، فَكَسَرُوا الْبَابَ وَهَجَمُوا عَلَى الْعِيَالِ وَانْتَهَبُوا مَا فِي الدَّارِ، وَضَرَبُوا صَاحِبَ الدَّارِ حَتَّى أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ وَلَدُ الرَّجُلِ: نَعَمْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْفَعَلَةَ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ، مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْعِيَافَةِ.
فَأَجَابَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّهُ يَجِبُ الْأَدَبُ الْبَلِيغُ وَالْحَبْسُ الطَّوِيلُ عَلَى الْفَعَلَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَدْفَعٌ، وَإِنْ ذَكَرُوا مَدْفَعًا حُبِسُوا وَكَشَفُوا عَنْ مَدْفَعِهِمْ وَهُمْ فِي الْحَبْسِ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا شَنِيعٌ يَكُونُ فِي مَجْمَعٍ وَحَاضِرَةٍ فَيَسْتَحِقُّونَ الْأَدَبَ الْبَلِيغَ. وَمَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَزِيَادَةٌ فِي الْأَدَبِ لِعَظِيمِ مَا انْتَهَكُوا، قَالَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ وَلِيدٍ وَابْنُ لُبَابَةَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ: سَكَتُوا فِي جَوَابِهِمْ عَنْ الْحُكْمِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمْ بِغُرْمِ مَا انْتَهَبُوا مِنْ الدَّارِ وَهُوَ مِمَّا يَجِبُ بَيَانُهُ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ: سَأَلْت مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْقَوْمِ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْزِلِ الرَّجُلِ فَيَعْدُونَ عَلَيْهِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ
فَيَنْتَهِبُونَهُ وَيَذْهَبُونَ بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ مَالٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى مُعَايَنَةِ مَا يَذْهَبُونَ بِهِ إلَّا أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى غَارَتِهِمْ وَإِنْهَابِهِمْ، فَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ الْغَارُّ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ، وَأَنَّ مِثْلَهُ يَمْلِكُهُ مِمَّا لَا يُسْتَنْكَرُ وَيُصَدَّقُ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا أَرَى أَنْ يُعْطَى بِقَوْلِهِ وَيَمِينِهِ وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ أَصْبَغَ بْنَ الْفَرَجِ، فَأَخْبَرَنِي عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمِثْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي مُنْتَهِبِ الصُّرَّةِ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي عِدَّةِ مَا كَانَ فِيهَا وَلَا يَعْرِفُهُ الشُّهُودُ، قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ مَعَ يَمِينِهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ.
وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قُلْت لِمُطَرِّفٍ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُغِيرِينَ أَيَضْمَنُ مَا أَغَارُوا عَلَيْهِ؟ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ حَلَفَ الْمُغَارُ عَلَيْهِ فِيمَا يُشْبِهُ، قَالَ: نَعَمْ يَضْمَنُ ذَلِكَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَوِيَ بِبَعْضٍ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ مُطَرِّفٌ، وَكَذَلِكَ اللُّصُوصُ الْمُحَارَبُونَ الْقَاطِعُونَ الطُّرُقَ، مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا أَخَذُوا، وَلَوْ أَخَذُوا جَمِيعًا أَوْ أَخَذَ السَّارِقُ أَوْ الْمُغِيرُونَ جَمِيعًا وَهُمْ أَغْنِيَاءُ، أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَنُوبُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ فِي ضَمَانِ ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ مُطَرِّفٍ
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَدُّ هَؤُلَاءِ الْمُغِيرِينَ فِي الْعُقُوبَةِ كَحَدِّ الْمُحَارَبِينَ إذَا شَهَرُوا السِّلَاحَ عَلَيْهِ وَفَعَلُوهُ مُكَابَرَةً عَلَى وَجْهِ الْعِيَافَةِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فِي وَالِي بَلَدٍ بَعَثَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ فَيُغِيرُ عَلَيْهِمْ، وَيَنْتَهِبُ أَمْوَالَهُمْ ظُلْمًا مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُغِيرِينَ، هَكَذَا قَالَ لِي جَمِيعُهُمْ يَعْنِي: أَصْبَغَ وَمُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ رحمه الله: وَإِذَا أُقِيمَ عَلَى الْمُحَارَبِ حَدُّ الْحِرَابَةِ، فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ أَوْ نُفِيَ لَا يُتْبَعُ عَنْ الْأَمْوَالِ بِشَيْءٍ مِمَّا جَنَاهُ فِي حَالِ عُدْمِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا تَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ