الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُفْتَرِقَيْنِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.
وَقَالَ لِي أَصْبَغُ مِثْلَهُ فَتَدَبَّرْهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِذَا اشْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا تُجِيزُهُ السُّنَّةُ وَمَا لَا تُجِيزُهُ، فَالْمَشْهُورُ إجَازَةُ مَا أَجَازَتْهُ وَرُدَّ مَا لَمْ تُجْزِهِ، وَقِيلَ: تُرَدُّ كُلُّهَا وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالْوَصِيَّةِ، إنَّ شَهَادَتَهُنَّ لَا تَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهَا عِتْقٌ وَأَبْضَاعُ النِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ فِي وَصِيَّةٍ فِيهَا عِتْقٌ، وَوَصِيَّةٍ لِمُعَيَّنٍ، أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ وَيُرَدُّ الْعِتْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ أَشْهَبُ تُرَدُّ كُلُّهَا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلتُّهْمَةِ رُدَّتْ كُلُّهَا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا مَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا أَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلسُّنَّةِ جَازَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَذَلِكَ قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لِلْوَصِيِّ إذَا الْمَيِّتُ أَوْصَى إلَيْهِ أَنَّ شَهَادَتَهُنَّ لَا تَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهَا عِتْقٌ وَأَبْضَاعُ النِّسَاءِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا: أَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِانْفِرَادِ الشَّاهِدِ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ أَنَّهَا تَجُوزُ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَتَبْطُلُ فِيمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى وَصِيَّةِ رَجُلٍ وَفِيهَا عِتْقٌ وَوَصَايَا لِقَوْمٍ، فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُمْ بِالْمَالِ يَحْلِفُونَ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَتَكُونُ وَصَايَاهُمْ فِيهَا بَعْدَ قِيمَةِ الْعِتْقِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الشَّهَادَةَ كُلَّهَا مَرْدُودَةٌ، حَكَى ذَلِكَ الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْتِ الشَّاهِدُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا، وَسَقَطَ عَنْ حِفْظِهِ بَعْضُهَا، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ كُلُّهَا بِإِجْمَاعٍ.
[الْبَابُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ]
وَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ: لِمَالِكٍ وَالْمَنْعُ: لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْجَوَازُ فِي الْجِرَاحِ دُونَ الْقَتْلِ قَالَهُ أَشْهَبُ، فَالْمَنْعُ الْأَصْلُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْجَوَازُ لِعِلَّةِ الِاضْطِرَارِ إذْ لَوْ أَهْمَلُوا لَأَدَّى إلَى ضَرَرٍ كَبِيرٍ وَهَدَرِ جِنَايَاتٍ تَعْظُمُ، وَقَدْ حُكِيَ جَوَازُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، مِنْهُمْ: عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَشُرَيْحٌ وَقُسَيْطٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَرَبِيعَةُ وَمُعَاوِيَةُ رضي الله عنهم، وَإِذَا قُلْنَا بِإِجَازَتِهَا فَإِنَّمَا تَجُوزُ بِأَحَدَ عَشَرَ شَرْطًا.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَا مِمَّنْ يَعْقِلُ الشَّهَادَةَ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَا ذَكَرَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رحمه الله: جَوَازُ قَبُولِ شَهَادَةِ إنَاثِ الْأَحْرَارِ، اعْتِبَارًا بِالْبَالِغَاتِ فِي كَوْنِهَا لَوْثًا فِي الْقَسَامَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَا مَحْكُومًا لَهُمَا بِالْإِسْلَامِ.
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الصِّبْيَانِ لَا لِكَبِيرٍ عَلَى صَغِيرٍ، وَلَا لِصَغِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ.
السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا.
السَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ وَتَخْبِئَتِهِمْ.
الثَّامِنُ: أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ مُتَّفِقَةً غَيْرَ مُخْتَلِفَةٍ.
التَّاسِعُ: أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ لَا فِي الْأَمْوَالِ.
الْعَاشِرُ: أَنْ لَا يَحْضُرَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْكِبَارِ، فَمَتَى حَضَرَ كِبَارٌ فَشَهِدُوا سَقَطَ اعْتِبَارُ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ كَانَ الْكِبَارُ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً، لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ تَجُوزُ فِي الْخَطَأِ وَعَمْدُ الصَّبِيِّ كَالْخَطَأِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ الْقَرَافِيُّ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمُعْتَبَرِينَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ يَقُولُ: لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْجَسَدِ الْمَشْهُودِ بِقَتْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ، وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ مُؤَلِّفُ الْبَيَانِ وَالتَّقْرِيبِ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْعُدُولِ عَلَى رُؤْيَةِ الْجَسَدِ الْمَقْتُولِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ شَهِدُوا ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى رُجُوعِهِمْ، وَلَوْ بَلَغُوا وَشَكُّوا أُخِذَ بِقَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قُضِيَ بِهَا لَمْ يُقْضَ بِهَا.
فَرْعٌ: وَالْعَدَالَةُ وَالْجِرَاحُ لَا يُعْتَبَرَانِ فِي الصِّبْيَانِ، وَاخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِ الْقَرَابَةِ وَالْعَدَاوَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ،