الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكُونَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ أَوْ يَكُونَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا الْقَائِلُ ظَنَّ الِاسْتِحْسَانَ هُوَ شَهَوَاتُ النُّفُوسِ، أَوْ مَا اسْتَحْسَنَّاهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَوْ سَأَلَنَا وَاسْتَكْشَفَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِنَا لَاسْتَغْنَى عَنْ تَسْوِيدِ كُتُبِهِ، عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي كُتُبِهِ: اُسْتُحْسِنَ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ ثَلَاثِينَ، وَأَنْ يُؤَجَّلَ الشَّفِيعُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ بِهِ فَكَيْفَ يُنْكِرُ الِاسْتِحْسَانَ. وَمَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ مَا حَسُنَ فِي الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يُنَافِهَا.
[مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ]
مَسْأَلَةٌ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ السِّلْعَةَ وَغَابَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَهِيَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا وَرَدَّ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي مِثْلَ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَمَاءٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَلَا حَوَالَةِ سُوقٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَمَنًا يُشْبِهُ ثَمَنَ السِّلْعَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ فَائِتَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّغَابُنِ وَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ وَمَا يُقَارِبُهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ، لِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى رَدِّ السِّلْعَةِ وَالشَّاذُّ أَنَّهُ يُرَاعَى، قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي حَالٍ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ وَأَبْعَدَ الْآخَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ، وَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَغَابَنَ بِمِثْلِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْأَشْبَهِ، وَمُرَاعَاةُ الْأَشْبَهِ هُوَ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْسَانِ.
فَرْعٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي عَدَدِ الصَّدَاقِ أَوْ فِي نَوْعِهِ، وَأَتَى أَحَدُهُمَا بِمَا يُشْبِهُ، وَأَتَى الْآخَرُ بِمَا لَا يُشْبِهُ، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ.
إحْدَاهُمَا: يَتَحَالَفَانِ وَيُتَفَاسَخَانِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ أَصْوَبُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا يُشْبِهُ كَالشَّاهِدِ يَحْلِفُ مَعَهُ مَنْ قَامَ لَهُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ.
فَرْعٌ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ، وَاتَّفَقَا فِي الْمَبْلَغِ الْمَرْهُونِ فِيهِ مِثْلَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ الْمَبْلَغَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَيَأْتِي الْمُرْتَهِنُ بِثَوْبٍ يُسَاوِي مِائَةً وَيَقُولُ: هَذَا الثَّوْبُ الَّذِي رَهَنْته عِنْدِي، وَيَقُولُ الرَّاهِنُ: رَهَنْت ثَوْبًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ مَا لَا يُشْبِهُ، مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ: وَكُلُّ مُتَدَاعِيَيْنِ فِي الرَّهْنِ وَالْبُيُوعِ، إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ وَادَّعَى الْآخَرُ مَا لَا يُشْبِهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يُشْبِهُ وَيَسْقُطُ قَوْلُ الَّذِي لَا يُشْبِهُ، قَالَ أَصْبَغُ: وَقَدْ قَالَ لِي أَشْهَبُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ لَمْ يُسَاوِ إلَّا دِرْهَمًا وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ انْحِرَافٌ فِي الْقِيَاسِ، وَرَجَّحَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ قَوْلَ أَشْهَبَ فِي الْمَعُونَةِ بِأَنَّ الرَّاهِنَ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يُتَوَثَّقْ بِالْإِشْهَادِ عَلَى عَيْنِ الرَّهْنِ، ثُمَّ يَدَّعِي تَضْمِينَهُ وَإِثْبَاتَ دَعْوَى لَا تُعْرَفُ إلَّا بِقَوْلِهِ، فَوَجَبَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، وَفِي مَعِينِ الْحُكَّامِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
فَرْعٌ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي فِيمَا وَقَعَ بِهِ الْكِرَاءُ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَكْرَيْتك بِمِائَةٍ وَيَقُولُ الْآخَرُ بِخَمْسِينَ وَذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْأَمَدُ لَمْ يَنْقَضِ فَإِنَّهُمَا يَتَفَاسَخَانِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ كَانَ الْكِرَاءُ انْعَقَدَ عَلَى بَيِّنَتَيْنِ، فَلَمَّا انْقَضَتْ السَّنَةُ الْأُولَى طَلَبَ الْمُكْرِي أُجْرَةَ السَّنَةِ وَقَالَ هُوَ مِائَةٌ وَقَالَ الْمُكْتَرِي هُوَ خَمْسُونَ، وَالْمِائَةُ عَنْ السَّنَتَيْنِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا كِرَاءَ الْعَامِ الثَّانِي، وَيُؤَدِّي الْمُكْتَرِي عَنْ الْعَامِ الْمَاضِي مَا أَقَرَّ بِهِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَكِرَاءُ الْمِثْلِ.
فَرْعٌ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَسَاقِيَانِ بَعْدَ أَنْ عَمِلَ السَّاقِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ.
فَرْعٌ: الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ نَفَقَةِ الْيَتِيمِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى عِمَارَةِ رَبْعِهِ، وَكَذَلِكَ وَلِيُّ السَّفِيهِ إذَا أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَا بُدَّ
مِنْهَا، وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَشُقُّ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ، فَيُؤَدِّي إلَى عَدَمِ النَّفَقَةِ وَخَرَابِ الرَّبْعِ مِنْ شَرْحِ الْجَلَّابِ لِلْقَرَافِيِّ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ.
فَرْعٌ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِيمَا فَرَضَ الْقَاضِي مِنْ النَّفَقَةِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ إذَا أَشْبَهَ نَفَقَةَ مِثْلِهَا، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَأَشْبَهَ مَا قَالَتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا.
فَرْعٌ: وَإِذَا تَنَازَعَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، وَكَذَّبَهُ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُشْبِهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُشْبِهُ، فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ حَلَفَ. قَالَ أَصْبَغُ: وَيُرَدُّ إلَى الْقِيمَةِ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا لَا يُشْبِهُ بِيَمِينِهِ وَفِيمَا يُشْبِهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ثَمَنُ الشِّقْصِ عَرَضًا فَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ وَقَدْ فَاتَ الْعَرَضُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ قِيلَ لِلْمُبْتَاعِ صِفْ الْعَرَضَ وَاحْلِفْ وَخُذْ بِذَلِكَ، فَإِنْ جَاءَ بِمَا لَا يُشْبِهُ أُخِذَ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ.
فَرْعٌ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْجَاعِلُ وَالْمَجْعُولُ لَهُ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ، بَعْدَ أَنْ أَتَى بِالْعَبْدِ وَهُوَ فِي يَدِ الْعَامِلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَبْدِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وَكَانَ لِلْعَامِلِ جُعْلٌ مِثْلُهُ.
فَرْعٌ: وَإِنْ أَتَى الْعَامِلُ بِالْعَبْدِ إلَى رَبِّهِ فَاخْتَلَفَا فِي الْجُعْلِ، فَإِنْ أَتَى الْعَامِلُ بِمَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ وَأَتَى رَبُّ الْعَبْدِ بِمَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَبْدِ بِلَا يَمِينٍ تَكُونُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ رُدَّ إلَى جُعْلِ الْمِثْلِ، اُنْظُرْ الرُّعَيْنِيَّ.
فَرْعٌ: فِي الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ صَائِغًا عَلَى عَمَلِ حُلِيٍّ، فَلَمَّا تَمَّ عَمَلُهُ جَاءَ صَاحِبُ الْحُلِيِّ بِدِينَارٍ فَقَالَ الصَّائِغُ: إنَّمَا عَمِلْته بِدِينَارَيْنِ، فَيَنْظُرُ إلَى