الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ الرَّاكِبِ وَالْقَائِدِ وَالسَّائِقِ]
قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ رحمه الله وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدٌ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ أَوْ هِيَ وَاقِفَةٌ لِغَيْرِ شَيْءٍ فَذَلِكَ هَدَرٌ، فَقَوْلُهُ ضَامِنُونَ أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ فِيهَا تَعَدَّى فِيهِ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَهَذَا لِأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ضَبْطِهَا وَإِمْسَاكِهَا، وَإِذَا كَانَ مَعَ الدَّابَّةِ رَاكِبٌ وَقَائِدٌ فَمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ، فَعَلَى الْقَائِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِعْلُهَا مِنْ سَبَبِ الرَّاكِبِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا رَجُلًا فَقَتَلَتْهُ، فَعَلَى الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَعَلَهَا بِسَبَبِ الرَّاكِبِ فَذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ لَعَلَّ الرَّاكِبَ شَارَكَهُمَا فِي ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَيْسَ هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ بَلْ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَدَّهُ إلَى الْمَشْهُورِ.
قَالَ الْجُزُولِيُّ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: قَوْلُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ، يَعْنِي وَمَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُمْ أَوْ عَنْ غَلَبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ تَفْرِيطٍ وَلَا إهْمَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَتِهَا.
فَرْعٌ: وَلَا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ مَا رَمَحَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا، وَيَضْمَنُ مَا وَطِئَتْ بِيَدِهَا وَرِجْلِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَيِّرُهَا، وَإِنْ رَمَحَتْ مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا.
فَرْعٌ: وَإِنْ أَصَابَتْ بِفَمِهَا فَرَآهَا وَلَمْ يَمْنَعْهَا أَوْ كَانَ ذَلِكَ شَأْنَهَا وَلَمْ يَحْفَظْ فَمَهَا بِمَا يَمْنَعُهَا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا حِينَ أَصَابَتْ بِفَمِهَا وَلَا كَانَ ذَلِكَ شَأْنَهَا وَلَا فَعَلَ بِهَا مَا أَوْجَبَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ هُنَاكَ مَا يُوجِبُ ضَمَانَهُ؟ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّهُ جِنَايَةٌ مِنْهَا حَتَّى يُعْلَمَ غَيْرُهُ قَالَهُ. اللَّخْمِيُّ.
فَرْعٌ: وَلَوْ نَهَرَهَا بِمُفْرَدِهَا أَوْ صَاحَ عَلَيْهَا فَضَرَبَتْ أَوْ كَدَمَتْ ضَمِنَ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حِينَئِذٍ لَيْسَتْ لِلْعَجْمَاءِ إنَّمَا هِيَ جِنَايَةُ قَائِدِهَا أَوْ سَائِقِهَا أَوْ رَاكِبِهَا، قَالَ الْبَرْنِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لِأَنَّهُ هُوَ أَوْطَأَهَا، وَقَدْ
ضَمَّنَ عُمَرُ رضي الله عنه الَّذِي أَجْرَى فَرَسَهُ عَقْلًا عَلَى مَا أَصَابَ الْفَرَسُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ، أَحْرَى مِنْ الَّذِي أَجْرَى فَرَسَهُ كَذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ.
فَرْعٌ: وَإِذَا كَانَ رَجُلَانِ مُرْتَدِفَيْنِ عَلَى دَابَّةٍ فَوَطِئَتْ رَجُلًا بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا فَقَتَلَتْهُ، فَأَرَاهُ عَلَى الْمُقَدَّمِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ حَرَّكَهَا أَوْ ضَرَبَهَا فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ بِيَدِهِ لِجَامُهَا، أَوْ يَأْتِي مِنْ فِعْلِهَا أَمْرٌ يَكُونُ الْمُقَدَّمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ، مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَهَا الْمُؤَخِّرُ فَتَرْمَحُ فَتَقْتُلُ رَجُلًا، فَهَذَا وَشَبَهُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُؤَخَّرِ خَاصَّةً، فَلَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ صَبِيًّا قَدْ ضَبَطَ الرُّكُوبَ فَهُوَ كَالرَّجُلِ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضٌ وَلَا بَسْطٌ فَهُوَ كَالْمَتَاعِ الْمَحْمُولِ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْمُؤَخَّرِ.
وَفِي التَّذْكِرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَضْبِطْ وَحْدَهُ، أَوْ كَانَ عَلَيْهَا نَائِمٌ أَوْ مَرِيضٌ فَوَطِئَتْ أَحَدًا فَذَلِكَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا قَائِدٌ أَوْ سَائِقٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الرَّاكِبَ كَالْمَتَاعِ.
فَرْعٌ: هَذَا حُكْمُ الْمُرْتَدِفَيْنِ وَأَمَّا إنْ كَانَا مُتَزَامِلَيْنِ فِي مَحْمَلٍ وَلَا يَقُودُهَا أَحَدٌ فَهُمَا ضَامِنَانِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِفَيْنِ.
فَرْعٌ: قَالَ الْبَرْنِيُّ: إذَا كَانَ الرَّاكِبُ لَيْسَ بِيَدِهِ عَنَانُهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ عَلَى الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ عِنْدَ ذَلِكَ كَعَدْلٍ عَلَى ظَهْرِهَا.
فَرْعٌ: فَلَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ صَبِيٌّ فَجَمَحَتْ بِهِ وَهُوَ لَا يُمْسِكُ حَبْسَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ فِي مَالِهِ دُونَ الثُّلُثِ، وَمَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَهُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى الدَّابَّةِ فَنَفَحَتْ إنْسَانًا لَمْ يَكُنْ عَلَى رَاكِبِهَا شَيْءٌ.
فَرْعٌ: وَلَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ فَنَادَى رَجُلًا لِيَحْبِسَهَا فَذَهَبَ لِيَحْبِسَهَا فَقَتَلَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ الْعَجْمَاءِ جَبَّارٌ، قَالَ مُحَمَّدٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُنَادِي عَبْدًا لِغَيْرِهِ أَوْ حُرًّا صَغِيرًا، فَإِنَّ الصَّبِيَّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي نَادَاهُ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ أَشْهَبُ: فِيمَنْ رَكِبَ دَابَّةً فَطَارَتْ مِنْ تَحْتِ يَدِهَا حَصَاةٌ فَفَقَأَتْ عَيْنَ رَجُلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ دَفَعَتْهَا بِحَافِرِهَا فَضَرَبَهَا حِينَ انْدَفَعَتْ فَفِيهَا الدِّيَةُ، وَأَمَّا إذَا طَارَتْ مِنْ تَحْتِ الْحَافِرِ مِنْ غَيْرِ دَفْعٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا مِنْ ابْنِ يُونُسَ.