الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالصُّلْحِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]
وَفِي مَعِينِ الْحُكَّامِ لِابْنِ عَبْدِ الرَّفِيعِ وَإِذَا خَشِيَ الْقَاضِي مِنْ تَفَاقُمِ الْأَمْرِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، أَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ أَوْ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ أَمَرَهُمَا بِالصُّلْحِ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: رَدُّوا الْقَضَاءَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ الضَّغَائِنَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ وَلَا يَأْمُرُ بِالصُّلْحِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ وَجْهُ الْحُكْمِ لِأَحَدِهِمَا رَجَاءَ أَنْ يُصْلِحَا، إلَّا أَنْ يَرَى لِذَلِكَ وَجْهًا مِثْلَ أَنْ يَرَى أَنَّ الْحُكْمَ يُوقِعُ فِتْنَةً وَتَهَارُجًا.
فَرْعٌ: قَالَ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْدُبَ إلَى الصُّلْحِ إذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْحُكْمِ فَإِنْ أَبَيَا أَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يُلَحَّ عَلَيْهِمَا إلْحَاحًا يُشْبِهُ الْإِلْجَاءَ، بَلْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِالْوَاجِبِ أَوْ يَتْرُكُ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا إذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: إذَا كَانَتْ شُبْهَةٌ وَأَشْكَلَ الْأَمْرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصُّلْحِ.
تَنْبِيهٌ: وَفِي الطُّرُرِ لِابْنِ عَاتٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالصُّلْحِ إذَا تَقَارَبَتْ الْحُجَّتَانِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَكُونُ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ تَكُونُ الدَّعْوَى فِي أُمُورٍ دُرِسَتْ وَتَقَادَمَتْ وَتَشَابَهَتْ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ لِلْقَاضِي الظَّالِمُ مِنْ الْمَظْلُومِ لَمْ يَسَعْهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا فَصْلُ الْقَضَاءِ، وَانْظُرْ تَمَامَ هَذَا فِي آدَابِ الْقَضَاءِ أَوَّلَ الْكِتَابِ.
[فَصْلٌ الصُّلْحُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ]
فَصْلٌ: وَالصُّلْحُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ إنْ وَقَعَ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَكَذَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْإِنْكَارِ عَدَّ مَالِكٌ لِاشْتِرَاطِهِ فِيهِمَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ يَكُونُ الصُّلْحُ إبْرَاءً وَإِسْقَاطًا، كَمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةٌ فَيُصَالِحُهُ عَلَى أَخْذِ خَمْسِينَ مِنْهَا، عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْبَاقِيَ وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: جَائِزٌ، وَمَمْنُوعٌ، وَمَكْرُوهٌ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَالْجَائِزَةُ: الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ بِهِ.
وَالْمَمْنُوعُ: الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ.