الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ لَا شَهَادَةَ لَهُ، لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى ذِمَّةِ الرَّاهِنِ، وَكَذَا إنْ اُسْتُحِقَّ أَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا إنْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ رَهْنٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كَمْ هُوَ؟ وَقَالَ وَرَثَتُهُ لَا عِلْمَ عِنْدَنَا، فَالرَّاهِنُ مُصَدَّقٌ وَإِنْ ادَّعَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَيَحْلِفُ، وَضَعُفَتْ يَمِينُهُ لِعَدَمِ مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ ذَلِكَ، قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا حَلَفَ الرَّاهِنُ وَدَفَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَى الرَّهْنِ حَتَّى يَكْبُرَ الصِّغَارُ فَيَحْلِفُونَ إنْ ادَّعَوْا عِلْمًا، وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ وَإِلَّا حَلَفَ وَأَخَذَ رَهْنَهُ، ثُمَّ حَيْثُ اعْتَبَرْنَا قِيمَتَهُ فَذَلِكَ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَيَوْمَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ تَالِفًا، وَبَعْضُ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي، وَفِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا.
[الْبَابُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْوَثِيقَةِ وَالرَّهْنِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ]
وَإِذَا وُجِدَتْ وَثِيقَةُ الدَّيْنِ بِيَدِ الْمَطْلُوبِ مَمْحُوَّةً، وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ مَا فِيهَا وَسَلَّمَهَا رَبُّ الدَّيْنِ إلَيْهِ، وَرَبُّ الدَّيْنِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَيَدَّعِي سُقُوطَهَا فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ: تُرَدُّ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِإِمْكَانِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ شَيْئًا، وَيَغْرَمُ الْمَطْلُوبُ وَهُوَ الْمَشْهُودُ، وَقِيلَ: لَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَهِيَ شَهَادَةٌ لِلْمِدْيَانِ بِالْقَضَاءِ، لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ فِي الْأَغْلَبِ، لِأَنَّ الْأَغْلَبَ دَفْعُ الْوَثِيقَةِ إلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ إذَا أَدَّى الدَّيْنَ، فَتَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ.
فَرْعٌ: قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إذَا كَتَبَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ فِي ذِكْرِ حَقٍّ فَطُولِبَ بِهَا، فَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ الْحَقَّ، لَمْ يَشْهَدْ الشَّاهِدُ حَتَّى يُؤْتَى بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ شَهَادَتُهُ بِخَطِّهِ، لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ أَخْذُ الْوَثَائِقِ إذَا أَدَّوْا الدُّيُونَ.
فَرْعٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَثِيقَتَهُ بِالْحَقِّ ضَاعَتْ مِنْهُ، وَسَأَلَ الشَّاهِدَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا عَلِمَ فَذَلِكَ لَهُ إنْ حُفِظَ ذَلِكَ، قَالَهُ مُطَرِّفٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَشْهَدُ لَهُ.
فَرْعٌ: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَخْذُ وَثِيقَةِ الدَّيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِتَقْطِيعِهَا.
وَقَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَنَحْوُهُ فِي الْوَاضِحَةِ وَكِتَابِ الْجِدَارِ: وَبِهِ الْقَضَاءُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا تُقْطَعُ وَثِيقَةٌ لِدَيْنٍ وَلَا يُجْبَرُ رَبُّهَا عَلَى إعْطَائِهَا، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً فِي الْوَضْعِ الَّذِي فِيهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ وَنَحْوُهُ فِي وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ، لِأَنَّهُ يَتَسَبَّبُ لِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى كَاذِبَةٌ.
وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي * *** امْرَأَةٍ قَامَتْ بِصَدَاقٍ لَمْ تُثْبِتْهُ، فَحَلَفَ الزَّوْجُ وَدَعَا إلَى قَطْعِهِ، وَأَرَادَتْ الزَّوْجَةُ حَبْسَ الصَّدَاقِ بِيَدِهَا، فَأَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ: بِأَنَّهُ يُجَابُ إلَى تَقْطِيعِهِ لِأَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ بِيَمِينِهِ لِمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ، وَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ فَلْيُقْطَعْ وَلَا تَرُدُّ الْمَرْأَةُ إلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى يُثْبِتَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا بِالْبَيِّنَةِ.
بَيَانٌ: وَإِذَا دَفَعَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ إلَى رَبِّهِ وَذَهَبَ إلَى كِتَابٍ يُبْرِئُهُ مِنْهُ، كَتَبَ: أَشْهَدُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَلَى نَفْسِهِ شُهَدَاءَ هَذَا الْكِتَابِ فِي صِحَّةٍ مِنْهُ، وَجَوَازِ أَمْرِهِ إقْرَارًا لَزِمَهُ شَرْعًا أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ، أَوْ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةِ كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا تَارِيخُهُ كَذَا وَاسْتَوْفَاهَا وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِهَا، وَلَمْ يَبْقَ قِبَلَهُ مِنْهَا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى جَمِيعِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا، قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَلَا دَعْوَى وَلَا حُجَّةٌ، وَلَا يَمِينٌ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَسَقَطَ بِذَلِكَ عَنْ فُلَانٍ الْعَقْدُ الَّذِي كَانَ كَتَبَهُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ وُصُولِ مَا فِيهِ، وَشُهِدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا.
تَنْبِيهٌ: وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا الْإِشْهَادَ عَلَيْهِمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ إذَا انْفَرَدَ الَّذِي كَانَ لَهُ الْحَقُّ بِالْإِشْهَادِ، أَنْ يُطَوِّلَ الزَّمَانَ حَتَّى تَذْهَبَ الْبَيِّنَةُ الَّتِي كَانَتْ تَعْرِفُ أَصْلَ الْحَقِّ، فَيَقُومُ عَلَيْهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْحَقُّ فِيمَا اقْتَضَى مِنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، فَيَدَّعِي أَنَّهُ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ أَوْ بَاعَ مِنْهُ بِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الَّذِي لَهُ أَصْلُ الْحَقِّ حَقَّهُ وَإِلَّا حَلَفَ لَهُ وَغَرِمَ، أَوْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا اقْتَضَى مِنْهُ إلَّا حَقَّهُ،
وَأَمَّا الْحَقُّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَقْدِ، وَإِنْ زِدْت فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ حَقٌّ كَانَ أَتَمَّ، وَيَكُونُ نُسْخَتَيْنِ، بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نُسْخَةٌ، وَتُذْكَرُ فِيهِ وَهَذَا الْكِتَابُ نُسْخَتَانِ.
فَرْعٌ: الزَّوْجَةُ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا بِكَالِئِهَا لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ كِتَابَ صَدَاقِهَا إلَى الزَّوْجِ وَلَا إلَى وَرَثَتِهِ، لِمَا فِي حَبْسِ صَدَاقِهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَهَا بِسَبَبِ الشَّرْطِ الَّذِي لَهَا فِيهِ، إذَا كَانَتْ وَلِأَجْلِ النَّسَبِ وَالْحَمْلِ، إنْ كَانَ حَمْلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي حَيَاتِهِ، إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِدَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ.
وَقَالَهُ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ: لِأَنَّ بِهِ ثَبَتَ نِكَاحُهَا، وَبِهِ تَأْخُذُ مِيرَاثَهَا، وَتَدْفَعُ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنْ دَافِعِهَا عَمَّا وَرِثَتْ.
فَرْعٌ: أَمَّا لَوْ قَامَتْ بِبَاقِي الْمَهْرِ فِي كِتَابٍ غَيْرِ كِتَابِ نِكَاحِهَا، فَأَخَذَتْ بِهِ مَا كَانَ لَهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا وَيُقْطَعُ عَنْ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَخَذَتْ بِهِ أَرْضًا أَوْ عَقَارًا مِنْ عَقَارِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ مِنْهَا، كَانَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَ الْيَوْمَ مِنْ دَافِعِهَا عَنْ ذَلِكَ، وَمَا يُشْبِهُهُ مِمَّا يَلْتَمِسُ التَّوْثِيقَ بِهِ، وَعَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يَسْتَوْثِقُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِالْإِشْهَادِ، وَذِكْرِ الْكِتَابِ الَّذِي بِيَدِهَا، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَبِهِ أَقُولُ وَهَذَا أَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهِ وَتَقْطِيعِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ: فِيمَنْ مَاتَ، وَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بِكِتَابِ مَهْرِهَا فَأَخَذَتْ بِهِ بَاقِيَهُ، وَأَرَادَ الْوَرَثَةُ تَقْطِيعَهُ فَإِنَّ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَتْ بِهِ أَدْفَعُ بَعْدَ الْيَوْمِ مَنْ دَافَعَنِي عَمَّا أَخَذَتْ، ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ.
عَنْ ابْنِ سَهْلٍ.
فَرْعٌ: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ فِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ لَهُ: إنْ تَزَوَّجَ بِالْمَرْأَةِ وَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا وَلَا وَطِئَهَا الصَّدَاقُ بِقَطْعٍ.
فَرْعٌ: وَإِذَا اسْتَظْهَرَتْ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا لِمُدَّةِ عَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا، وَمَا خَلَفَهُ الْمَيِّتُ بِحَالِهِ لَمْ يُقْسَمْ وَلَا فُوِّتَ، فَلَهَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ وَيُقْضَى لَهَا بِهِ، وَلَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، وَتَحْلِفُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ مَا فِي نَوَازِلِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ، فِيمَنْ لَهُ ذِكْرُ حَقٍّ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ مَالَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ يَنْظُرُ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ يَذْكُرُ الْحَقَّ فَقَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ أَوْ يَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ يُتَقَوَّمُ بِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ فَيَكُونُ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ.
فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْحِيَازَاتِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا قَدِيمًا وَقَامَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقِّهِ، وَذَلِكَ الْقِيَامُ بَعْدَ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا أَخَذَهُ بِهِ، وَعَلَى الْآخَرِ الْبَرَاءُ مِنْهُ، قَالَ: وَلَوْ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ يَنْظُرُ إلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بِذِكْرِ حَقِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُذْرٌ بِتَرْكِ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْرِفْ شُهُودَهُ أَوْ كَانُوا غُيَّبًا، أَوْ لَمْ يَجِدْ ذِكْرَ حَقِّهِ إلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ، أَوْ كَانَ لَهُمْ سُلْطَانٌ يَمْتَنِعُونَ بِهِ وَنَحْوُ هَذَا مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ، فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَمَا كَانَ تَرْكُهُ الْقِيَامَ إلَّا لِلْوَجْهِ الَّذِي عُذِرَ بِهِ ثُمَّ يَكُونُ عَلَى حَقِّهِ وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ وَإِنْ قَدُمَ» ، قَالَا: فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ، حَلَفَ الْوَرَثَةُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَمَا يَعْلَمُونَ لَهُ حَقًّا، فَإِنْ حَلَفُوا بَرَءُوا، وَإِنْ نَكَلُوا غَرِمُوا، وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ اُنْظُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَانْظُرْ فِيمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى حَقٍّ لَهُ عَلَى مَيِّتٍ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، إنْ كَانَ يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ أَنَّهُمْ مَا يَعْلَمُونَ هَذَا الْحَقَّ مِثْلَ مَا قَالَ هَا هُنَا فَتَدَبَّرْهُ.
وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ أَنَّ ذِكْرَ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ فِيهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِطُولِ الزَّمَانِ كَالثَّلَاثِينَ سَنَةً وَالْأَرْبَعِينَ، وَكَذَلِكَ الدُّيُونُ وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْأَصْلِ إذَا طَالَ زَمَانُهَا هَكَذَا، وَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ حُضُورٌ، فَلَا يَقُومُ بِدَيْنِهِ إلَّا بَعْدَ هَذَا مِنْ الزَّمَانِ، فَيَقُولُ: قَدْ قَضَيْتُك وَبَادَ شُهُودِي انْتَهَى. يُرِيدُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَدْيُونِ غَيْرُ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَقُومُ عَلَيْهِ الْيَتِيمُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ، وَيُنْكِرُ قَبْضَ مَالِهِ مِنْ الْوَصِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُدَّةٌ يَهْلَكُ فِي مِثْلِهَا شُهُودُ الْوَصِيِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالدَّفْعِ.