الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِيمَنْ سَبَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ وَأَصْحَابَهُ]
فَصْلٌ فِيمَنْ سَبَّ أَزْوَاجَهُ وَأَصْحَابَهُ صلى الله عليه وسلم سَبُّهُمْ وَتَنْقِيصُهُمْ حَرَامٌ مَلْعُونٌ فَاعِلُهُ، وَمَنْ شَتَمَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ مُعَاوِيَةَ أَوْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَإِنْ قَالَ: كَانُوا عَلَى ضَلَالٍ كَفَرَ وَقُتِلَ، وَإِنْ شَتَمَهُمْ بِغَيْرِ هَذَا مِنْ مُشَاتَمَةِ النَّاسِ نَكَلَ نَكَالًا شَدِيدًا.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ غَلَا مِنْ الشِّيعَةِ إلَى بُغْضِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ أُدِّبَ أَدَبًا شَدِيدًا، وَمَنْ زَادَ إلَى بُغْضِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَالْعُقُوبَةُ عَلَيْهِ أَشَدُّ، وَيُكَرَّرُ ضَرْبُهُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْقَتْلُ إلَّا فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ: مَنْ قَالَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ عليهم السلام أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى ضَلَالَةٍ وَكُفْرٍ قُتِلَ، وَمَنْ شَتَمَ غَيْرَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ بِمِثْلِ هَذَا نَكَلَ النَّكَالَ الشَّدِيدَ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ جُلِدَ، وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ فَقِيلَ لَهُ لِمَ؟ فَقَالَ: مَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ: مَنْ قَالَ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ: إنَّهُ ابْنُ زَانِيَةٍ وَأُمُّهُ مُسْلِمَةٌ، حُدَّ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا حَدَّيْنِ حَدًّا لَهُ وَحَدًّا لِأُمِّهِ وَلَا أَجْعَلُهُ كَقَاذِفِ الْجَمَاعَةِ فِي كَلِمَةٍ لِفَضْلِ هَذَا عَلَى غَيْرِهِ، قَالَ: وَمَنْ قَذَفَ أُمَّ أَحَدِهِمْ وَهِيَ كَافِرَةٌ حُدَّ حَدَّ الْفِرْيَةِ؛ لِأَنَّهُ سَبٌّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ هَذَا الصَّحَابِيِّ حَيًّا قَامَ بِمَا يَجِبُ لَهُ، وَإِلَّا فَمَنْ قَامَ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ عَلَى الْإِمَامِ قَبُولُ قِيَامِهِ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا كَحُقُوقِ غَيْرِ الصَّحَابَةِ لِحُرْمَةِ هَؤُلَاءِ بِنَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ سَبَّ غَيْرَ عَائِشَةَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفِيهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ سَبٌّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَبِّ حَلِيلَتِهِ، وَالْآخَرُ: أَنَّهَا كَسَائِرِ الصَّحَابَةِ يُجْلَدُ حَدَّ الْمُفْتَرِي، قَالَ: وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ.
فَصْلٌ
وَمَنْ انْتَسَبَ إلَى آلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا، وَيُشْهَرُ وَيُحْبَسُ طَوِيلًا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
فَصْلٌ
وَمَنْ اسْتَخَفَّ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَحَدَهُ أَوْ حَرْفًا مِنْهُ أَوْ كَذَّبَ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ أَثْبَتَ مَا نَفَاهُ أَوْ نَفَى مَا أَثْبَتَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِذَلِكَ، أَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِجْمَاعٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ زَادَ فِيهِ كَفِعْلِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّة، أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ وَلَا مُعْجِزَةٌ، كَقَوْلِ هِشَامِ الْفُوطِيِّ وَمَعْمَرٍ الصَّيْمَرِيِّ، أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِرَسُولِهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى ثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ وَلَا حُكْمٍ، فَلَا مَحَالَةَ فِي كُفْرِهِمَا بِهَذَا الْقَوْلِ، وَكَذَلِكَ بِكُفْرِهِمَا وَإِنْكَارِهِمَا أَنْ يَكُونَ فِي سَائِرِ مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ لَهُ، أَوْ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ دَلِيلٌ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِمُخَالَفَتِهِمَا الْإِجْمَاعَ وَالنَّقْلَ الْمُتَوَاتِرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاحْتِجَاجِهِ بِهَذَا كُلِّهِ وَتَصْرِيحِ الْقُرْآنِ بِهِ.
فَصْلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ سَبَّ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهَذَا فِيمَنْ حَقَّقْنَا كَوْنَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْأَنْبِيَاءِ: كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَالِكٍ وَخَزَنَةِ النَّارِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا، وَالزَّبَانِيَةِ وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ، وَكَعِزْرَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَرَضْوَانَ وَالْحَفَظَةِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى قَبُولِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ بِذِكْرِهِمْ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأَخْبَارُ بِتَعَيُّنِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُلِ: كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ، وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ، وَزَرَادُشْتُ الَّذِي تَدَّعِي الْمَجُوسُ، وَيَذْكُرُ الْمُؤَرِّخُونَ نُبُوَّتَهُ، فَلَيْسَ الْحُكْمُ فِي سَابِّهِمْ وَالْكَافِرِ بِهِمْ كَالْحُكْمِ فِيمَنْ قَدَّمْنَا إذْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ، وَلَكِنْ يُزْجَرُ مَنْ تَنَقَّصَهُمْ وَآذَاهُمْ، وَيُؤَدَّبُ بِقَدْرِ حَالِ الْمَقُولِ فِيهِمْ، لَا سِيَّمَا مَنْ عُرِفَتْ صِدِّيقَتُهُ وَفَضْلُهُ مِنْهُمْ كَمَرْيَمَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نُبُوَّتُهَا، وَأَمَّا إنْكَارُ نُبُوَّتِهَا أَوْ كَوْنُ الْآخَرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَا حَرَجَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ زُجِرَ عَنْ الْخَوْضِ فِي مِثْلِ هَذَا، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ إذْ لَيْسَ