الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَجَابَ أَبُو صَالِحٍ: قَرَأْت وَفَّقَك اللَّهُ الصَّدَاقَ أَوَّلَهُ إلَى آخِرِهِ، فَرَأَيْته قَدْ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ قَدَّمَ بِعَقْدِهِ، فَإِذَا صَحَّ عِنْدَك أَنَّهُ مُخْتَلَقٌ مُفْتَعَلٌ وَجَبَ فَسْخُهُ، وَتَأْدِيبُ عَاقِدِهِ وَشَاهِدَيْهِ وَالنَّاكِحُ تَأْدِيبًا بَلِيغًا يَكُونُ شِرَادًا لِغَيْرِهِمْ، وَمِقْمَعَةً لِمَنْ سَمِعَ بِهِمْ مِنْ أَمْثَالِهِمْ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَيَرَى الْقَاضِي رَأْيَهُ فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِمْ مَا يَكُونُ زَاجِرًا لَهُمْ وَوَعْظًا مِنْ فِعْلِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يُعَاقَبُ الشَّاهِدَانِ عُقُوبَةَ شَاهِدِ الزُّورِ، وَيُطَافُ بِهِمَا كَمَا يُفْعَلُ بِأَهْلِ الزُّورِ، لِأَنَّهُمَا قَدْ أَقَرَّا بِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى مَا لَمْ يَسْمَعَا، وَهَذِهِ شَهَادَةُ زُورٍ إذَا شَهِدَ عَلَى مَا لَمْ يُسْتَشْهَدْ عَلَيْهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى مَا افْتَاتَ عَلَى الْقَاضِي وَأَمَّا النَّاكِحُ فَهُوَ أَعْذَرُ لَعَلَّهُ يَقُولُ: لَمَّا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ وَعَقَدَ الْعَاقِدُ، قَدْ ظَنَنْت أَنَّهُمْ قَالُوا الْحَقَّ فَهُوَ عِنْدِي أَعْذَرُ وَالشَّاهِدَانِ وَالْعَاقِدُ لَا عُذْرَ لَهُمْ فِي افْتِيَاتِهِمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَصْلٌ فِي عُقُوبَةِ الْقَاضِي إذَا حَكَمَ بِالْجَوْرِ]
ِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: وَعَلَى الْقَاضِي أَذَا أَقَرَّ بِالْجَوْرِ، أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ بِالْعُقُوبَةِ الْمُوجِعَةِ وَيُعْزَلُ وَيُشْهَرُ وَيُفْضَحُ وَلَا تَجُوزُ وِلَايَتُهُ أَبَدًا وَلَا شَهَادَتُهُ، وَإِنْ أَحْدَثَ تَوْبَةً وَصَلُحَتْ حَالُهُ بِمَا اجْتَرَمَ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
مَسْأَلَةٌ: مِنْ الطُّرَرِ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُلَقِّنِ الْخَصْمِ فَقِيهًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيُضْرَبُ وَيُشْهَرُ فِي الْمَجَالِسِ وَيُعَرَّفُ بِهِ وَيُسَجَّلُ عَلَيْهِ وَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِقُرْطُبَةَ بِكَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِمَشُورَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَهُ
فَصْلٌ فِي الْعُقُوبَةِ بِالسِّجْنِ وَذِكْرِ حَقِيقَتِهِ وَعَلَى مَنْ يَتَوَجَّهُ وَقَدْرِ مُدَّتِهِ
فَأَمَّا حَقِيقَتُهُ فَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ أَنَّ السِّجْنَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْحَصْرِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8] أَيْ سِجْنًا وَحَبْسًا، قَالَ: وَالسِّجْنُ وَإِنْ كَانَ أَسْلَمَ الْعُقُوبَاتِ فَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يوسف: 25] ، أَنَّ السِّجْنَ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الْبَلِيغَةِ، لِأَنَّهُ سبحانه وتعالى قَرَنَهُ مَعَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَقَدْ وَعَدَ يُوسُفَ عليه الصلاة والسلام الِانْطِلَاقَ مِنْ السِّجْنِ إحْسَانًا إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ:{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} [يوسف: 100] وَلَا شَكَّ أَنَّ السِّجْنَ الطَّوِيلَ عَذَابٌ.
وَقَدْ حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ إذْ أَوْعَدَ مُوسَى {لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: 29] وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَلَمَّا اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ابْنَهُ عَلَى بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، أَوْصَاهُ أَنْ لَا يُعَاقِبَ فِي حِينِ الْغَضَبِ، وَحَضَّهُ عَلَى أَنْ يَسْجُنَ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُهُ ثُمَّ يَرَى رَأْيَهُ، وَكَانَ يَقُولُ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ اتَّخَذَ السِّجْنَ كَانَ حَلِيمًا، وَلَمْ يُرِدْ مَرْوَانُ طُولَ السَّجْنِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ السَّجْنَ الْخَفِيفَ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُهُ.
وَقَالَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ الْحَنْبَلِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْحَبْسَ الشَّرْعِيَّ لَيْسَ هُوَ السَّجْنُ فِي مَكَان ضَيِّقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَعْوِيقُ الشَّخْصِ وَمَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ حَيْثُ شَاءَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَوْ كَانَ بِتَوَكُّلِ نَفْسِ الْغَرِيمِ أَوْ وَكِيلِهِ عَلَيْهِ وَمُلَازَمَتِهِ لَهُ، وَلِهَذَا أَسْمَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَسِيرًا، فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ الْهِرْمَاسِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:«أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِغَرِيمٍ لِي فَقَالَ لِي: الْزَمْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ مَا تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ بِأَسِيرِك» ؟ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ: «مَرَّ بِي آخِرَ النَّهَارِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَسِيرُك يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ» ؟ وَهَذَا كَانَ هُوَ الْحَبْسُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ حَبْسٌ مُعَدٌّ لِحَبْسِ الْخُصُومِ، فَلَمَّا انْتَشَرَتْ الرَّعِيَّةُ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه ابْتَاعَ بِمَكَّةَ دَارًا وَجَعَلَهَا سِجْنًا يَحْبِسُ فِيهَا، وَجَاءَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دَارًا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَجَعَلَهَا حَبْسًا، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الْحَبْسِ.
مَسْأَلَةٌ نَقَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الطَّلَّاعِ الْأَنْدَلُسِيِّ الْمَالِكِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِأَحْكَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اخْتَلَفَتْ الْآثَارُ هَلْ سَجَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ أَحَدًا أَمْ لَا؟ فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا سِجْنٌ وَلَا سَجَنَا أَحَدًا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَنَ فِي الْمَدِينَةِ فِي تُهْمَةِ دَمٍ» ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالنَّسَائِيُّ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا.
وَفِي غَيْرِ الْمُصَنَّفِ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهُ» ، وَوَقَعَ فِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَنَ رَجُلًا أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِتْمَامُ عِتْقِهِ، قَالَ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى بَاعَ غَنِيمَةً لَهُ» .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي كِتَابِهِ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ حَكَمَ بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ» فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي سِجْنٍ مُتَّخَذٍ لِذَلِكَ.
وَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ لَهُ سِجْنٌ، وَأَنَّهُ سَجَنَ الْحُطَيْئَةَ عَلَى الْهَجْوِ، وَسَجَنَ صَبِيغًا عَلَى سُؤَالِهِ عَنْ الذَّارِيَاتِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَالنَّازِعَاتِ وَشِبْهِهِنَّ، وَأَمْرِهِ لِلنَّاسِ بِالتَّفَقُّهِ فِي ذَلِكَ، وَضَرَبَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَنَفَاهُ إلَى الْعِرَاقِ وَقِيلَ إلَى الْبَصْرَةِ، وَكَتَبَ أَنْ لَا يُجَالِسَهُ أَحَدٌ قَالَ الْمُحَدِّثُ فَلَوْ جَاءَنَا وَنَحْنُ مِائَةٌ لَتَفَرَّقْنَا عَنْهُ، ثُمَّ كَتَبَ أَبُو مُوسَى إلَى عُمَرَ أَنَّهُ قَدْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَسَجَنَ عُثْمَانُ رضي الله عنه صَابِئَ بْنَ حَارِثٍ، وَكَانَ مِنْ لُصُوصِ بَنِي تَمِيمٍ وَقُتَّالِهِمْ حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْسِ وَسَجَنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي الْكُوفَةِ، وَسَجَنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَسَجَنَ أَيْضًا فِي سِجْنِ عَارِمٍ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنِيفَةِ إذْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعَتِهِ اهـ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَمَّا كَانَ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ مِنْ جِنْسِ الْحَبْسِ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْوِيقِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَصَالِحِ الْمَطْلُوبِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَطْلُبُ الْغَرِيمَ لِلْمُدَّعِي بِخَوَاتِمَ أَوْ رَسُولٍ إلَيْهِ كَانَ فِي مَوْضِعِهِ، أَوْ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ فَيَحْصُلُ لِلْغَرِيمِ تَعْوِيقٌ عَنْ مَصَالِحِهِ، ثُمَّ إذَا حَضَرَ مَجْلِسَ الْحَاكِمِ فَقَدْ يَكُونُ الْحَاكِمُ غَيْرَ جَالِسٍ لِلْخُصُومِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَرُبَّمَا كَانَ مَشْغُولًا عَنْهُ بِغَيْرِهِ، فَلَا يَزَالُ مُعَوَّقًا حَتَّى يَتَفَرَّغَ الْقَاضِي لِلْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَرِيمِهِ، فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ، هَلْ يَحْضُرُ الْخَصْمُ الْمَطْلُوبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَهُ مِنْ وَجْهِ الدَّعْوَى وَيَذْكُرُ لِلْحَاكِمِ السَّبَبَ، فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَحْضُرُهُ، حَتَّى يُبَيِّنَ الْمُدَّعِي أَصْلًا، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ: أَنْ يَحْضُرَ الْمَطْلُوبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ لَا تَتَوَجَّهُ فَيَبْعَثُ إلَيْهِ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَيُحْضِرُهُ لِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، وَيَفُوتُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ حُضُورُ بَعْضِ النَّاسِ وَالدَّعْوَى بِمَجْلِسِ الْحُكَّامِ يُزْرِي بِهِ، فَيَقْصِدُ مَنْ لَهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ أَذَى مَنْ يُرِيدُ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَطْلُبُ الْغَرِيمَ فَيَنْبَغِي ذِكْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَطْلُبُهُ مِنْهَا، وَالْجَارِي فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَطْلُبُهُ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَطْلُبْهُ حَتَّى يَثْبُتَ حَقُّهُ عِنْدَهُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ عَوْدِ خَصْمِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ حُضُورُهُ إلَّا فِيمَا قَرُبَ كَطَرَفِ الْبَلَدِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَرُبَّمَا قِيلَ: ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَنَحْوُهَا، وَالتَّحْدِيدُ فِي ذَلِكَ الْأَمْيَالِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.
وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَالْقَرِيبُ ثَلَاثَةٌ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مِثْلُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَرْجِعَ فَيَبِيتَ فِي مَنْزِلِهِ وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ، وَالْبَعِيدُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ زَادَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى يَثْبُتُ حَقُّهُ، كَتَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي: إمَّا أَنْ يَحْضُرَ مَعَ خَصْمِهِ أَوْ يُرْضِيَهُ أَوْ يَكْتُبَ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمَا.