الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ.
وَقَالَ أَيْضًا لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ لَمْ يَمْضِ حُكْمُهُ فِيهِ، وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهَا تُقْبَلُ فَيَرْفَعُهَا لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ لَا لِمَنْ هُوَ دُونَهُ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا عَلِمَ السُّلْطَانُ الْأَعْلَى لِرَجُلٍ حَقًّا، فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ بِهِ عِنْدَ قَاضِيهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَبِهِ أُفْتِي، وَقِيلَ: لَا يُشْهِدُ عِنْدَهُ إذَا كَانَ شَهِدَ عِنْدَ نَفْسِهِ.
فَرْعٌ: إذَا وَجَدَ الْقَاضِي فِي دِيوَانِهِ حُكْمًا بِخَطِّهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ لَمْ يُعْتَمَدْ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ عَلَيْهِ، وَلَوْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ فَلَمْ يَذْكُرْ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَنْفُذُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى الْبَيِّنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ كَمَا يُمْضِيهِ غَيْرُهُ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمْضِيَهُ.
[الْبَابُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَاتِ الْمَكْتُوبَةِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ]
وَفِي الْمُقْنِعِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ عَنْ مَالِكٍ رحمه الله: فِي امْرَأَةٍ أَشْهَدَتْنَا عَلَى صَدَقَةِ ابْنَتِهَا عَلَى أَنْ لَا تُؤْخَذَ الشَّهَادَةُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا، قَالَ: لَا تَنْفَعُ الِابْنَةَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ.
فَرْعٌ: وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَاهِدٍ شَهِدَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَمْوَالِ غَيْرِ الْفُرُوجِ وَالْحُرِّيَّةِ، مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ لِرَجُلٍ يَعْلَمُهُ وَيَرَاهُ بِيَدِ غَيْرِهِ، يَبِيعُهُ وَيَهَبُهُ وَيُحَوِّلُهُ عَنْ حَالِهِ فَلَا يَقُومُ بِعِلْمِهِ، ثُمَّ يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ فَيَقُولُ: لِمَ لَمْ تَقُمْ حِينَ رَأَيْت ذَلِكَ يُبَاعُ أَوْ يُوهَبُ؟ فَيَقُولُ: لَمْ أَسْأَلْ عَنْ عِلْمِي وَلَمْ أَرَ فَرْجًا يُوطَأُ وَلَا حُرًّا يُسْتَخْدَمُ، وَلَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أُخَاصِمَ، قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ حِينَ رَأَى الدَّارَ وَالْعَقَارَ يُبَاعُ، كَذَلِكَ فِي الْفُرُوجِ وَالْحَيَوَانِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ تُحَوَّلُ عَنْ حَالِهَا بِعِلْمِهِ، قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ غَائِبًا أَوْ كَانَ حَاضِرًا لَا يُعْلَمُ، أَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا يُعْلَمُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا يَرَى ذَلِكَ يُبَاعُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ. قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ: لَا أَرَى ذَلِكَ إلَّا فِيمَا كَانَ حَقًّا لِي، وَمَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ أَنْ يَقُومَ بِهِ إنْ كَذَّبَهُ الْمُدَّعِي كَالْحُرِّيَّةِ وَالطَّلَاقِ، وَأَمَّا الْعُرُوض وَالرِّبَاعُ وَالْحَيَوَانُ فَلَا
تُبْطِلُهُ شَهَادَتُهُ، لِأَنَّ رَبَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَهُوَ أَضَاعَ حَقَّهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ شَهَادَةٌ، فَلِذَلِكَ لَا يَضُرُّ الشَّاهِدَ إنْ لَمْ يَقُمْ بِهَا.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي قَوْمٍ شَهِدُوا عَلَى حَبْسٍ أَوْ أَرْضٍ لِرَجُلٍ، أَوْ عَلَى أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، فَإِذَا رَأَوْا الْحَبْسَ يُكْتَبُ فِي الْمُهُورِ أَوْ يُبَاعُ وَيُتَدَاوَلُ وَيَطُولُ زَمَانُهُ وَلَمْ يَقِفُوا بِذَلِكَ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ تَكَلَّمُوا أَوْ شَهِدُوا أَوْ كَانُوا غُيَّبًا أَوْ كَانَ لَهُمْ عُذْرٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ كَقَوْلِ سَحْنُونٍ.
فَرْعٌ: قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَإِنْ شَهِدُوا بِحِنْثٍ فِي عِتْقِ رَقِيقٍ، وَأَمْسَكُوا عَنْ الشَّهَادَةِ حَتَّى حَالَ حَوْلٌ أَوْ مَضَى شَهْرٌ أَوْ شَهْرَانِ، قَالَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إذَا كَانُوا مَعَهُ فِي مَوْضِعٍ يَرَوْنَهُ يَسْتَرِقُّهُ.
فَرْعٌ: وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ رَبِيعَةَ فِيمَنْ شَهِدَ فِي عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ، فَأَخْفَى شَهَادَتَهُ حَتَّى يَبِيعَ الْعَبْدَ أَوْ اسْتَحَلَّ فِي ذَلِكَ الْحَرَامَ ثُمَّ جَاءَ يَشْهَدُ لَا شَهَادَةَ لَهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ سَكْرَانَ أَوْ يَسْرِقُ، فَجَرَحَاهُ بِذَلِكَ فِي شَهَادَةٍ شَهِدَ بِهَا، فَلْيُقَمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا يَضُرُّهُمْ تَأْخِيرُ ذَلِكَ سَتْرًا عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ فِي الشُّهُودِ فِي الطَّلَاقِ يَكْتُمُونَ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجَةِ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ وَوَقَعَتْ الْخَلْوَةُ بِهَا فَذَلِكَ جُرْحَةٌ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ فِي حَيَاةِ الزَّوْجَةِ، وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا إلَّا أَنْ يَقُومُوا بِحِدْثَانِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ اعْتَزَلَ مَسِيسَهَا وَالدُّخُولَ عَلَيْهَا كَمَا يَدْخُلُ الرَّجُلُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَهِيَ فِي بَيْتِهِ، وَسَتَرَهُ وَكَتَمُوهَا ذَلِكَ، فَشَهَادَتُهُمْ سَاقِطَةٌ، إلَّا أَنْ يَقُولُوا: ظَنَنَّاهَا عَلِمَتْ وَحَسَبْنَا هَذَا الِاعْتِزَالَ فَوَاتًا وَلَمْ نُرِدْ الْكِتْمَانَ لِلشَّهَادَةِ، فَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ فَيَشْهَدَ عَلَيْهِ حَتَّى يُحَلِّفَهُ أَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ نَكَلَ سَجَنَهُ حَتَّى يَحْلِفَ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ فِي امْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ جَارِيَتَهَا عِنْدَ مَوْتِهَا، وَابْنُهَا غَائِبٌ لَمْ يَقْدَمْ، فَأَقَامَ الِابْنُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهَا لَهُ، وَقَدْ حَضَرَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ عِتْقَ الْأُمِّ لَهَا وَسَكَتَا عَنْ أَمْرِهِمَا، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُمَا يَعْرِفَانِهَا فِي خِدْمَةِ الْأُمِّ، قَالَ شَهِيدَا الِابْنِ أَحَقُّ وَلَا يَضُرُّهُمَا حُضُورُهُمَا، عِتْقَ الْأُمِّ وَقَالَهُ أَصْبَغُ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِهِ: كَتَبَ شَجَرَةُ إلَى سَحْنُونٍ فِي عَبِيدٍ ادَّعَوْا أَنَّ سَيِّدَهُمْ حَنِثَ فِيهِمْ بِالْعِتْقِ، فَجَاءُوا بِبَيِّنَةٍ فَشَهِدُوا أَنَّ مَوْلَاهُمْ فُلَانًا أَشْهَدَهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِ فِي سَفَرِهِ إلَى الْعَسْكَرِ، أَنَّهُ حَنِثَ فِيهِمْ وَسَمَّاهُمْ فَهَلْ يُتَّهَمُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَكَيْفَ إنْ لَمْ يَرْفَعُوا ذَلِكَ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ: هَذِهِ شَهَادَةٌ تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونُوا حِينَ أَشْهَدَهُمْ يَرَوْنَهُ يَشْتَغِلُ وَيَسْتَخْدِمُ، فَطَالَبَهُ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى الْعَسْكَرِ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِأَمَدٍ قَرِيبٍ فَلَا يَضُرُّهُمْ إلَّا أَنْ يَرَوْهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ يُسْتَخْدَمُونَ وَيَشْتَغِلُونَ إلَى يَوْمِ شَهَادَتِهِمْ عِنْدَك فَذَلِكَ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ لَمْ يُعْطُوا بِذَلِكَ وَكَانُوا غُيَّبًا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَبَعْدَهُ فِي أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ فَأَخِّرْ شَهَادَتَهُمْ.
فَرْعٌ: وَسَأَلَهُ شَجَرَةُ عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ عِنْدَهُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا مُنْذُ سِنِينَ، فَقَالَ لَهُ شَجَرَةُ لِمَ لَمْ تَرْفَعْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَمْ أَدْرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَهُوَ صَالِحٌ رِضًا، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا بِالْأَمْسِ أَنْتِ حَرَامٌ قَالَ: شَهَادَةُ الْأَوَّلِ سَاقِطَةٌ وَيَحْلِفُ الزَّوْجُ مَعَ شَاهِدِ الْحَرَامِ.
فَرْعٌ: وَسَأَلَهُ حَبِيبٌ عَنْ رَجُلٍ يُدْخِلُ مِنْ زُقَاقِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فِي دَارِهِ وَالزُّقَاقُ نَافِذٌ، ثُمَّ يَرْفَعُ الْجِيرَانُ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، قَالَ: يُهْدَمُ بِنَاءُ الْجِدَارِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ إلَى الزُّقَاقِ إذَا صَحَّتْ الْبَيِّنَةُ، وَلَا تُمْلَكُ الْأَزِقَّةُ وَلَا تُحَازُ وَلَيْسَ فِيهَا حِيَازَةٌ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إذَا كَانَ أَمْرًا بَيِّنًا مِنْ الْقَطْعِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ يَرَوْنَهُ عِشْرِينَ سَنَةً لَا يَشْهَدُونَ بِهِ فَهَذِهِ جُرْحَةٌ، قَالَ مَنْ أَثِقُ بِهِ: هِيَ خِلَافُ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ بِغَيْرِ الَّذِي عَايَنُوهُ وَرَفَعُوهُ.
فَرْعٌ: وَفِي الْمُقْنِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله فِيمَنْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا رَجُلَيْنِ أَنْ يَمْشِيَا إلَى صَاحِبِهِ وَيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا،
فَأَتَيَاهُ فَقَالَ: أَنَا أُخَيِّرُكُمَا عَلَى أَنْ لَا تَشْهَدَا فَقَبِلَا ذَلِكَ مِنْهُ، فَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ تَجَاحَدَا، قَالَ: لَا تُعَجِّلَا بِالشَّهَادَةِ حَتَّى يَكَادَا يَتَجَاحَدَا أَوْ يَكُونَ عِنْدَ آخَرَ ذَلِكَ، فَإِنْ اصْطَلَحَا وَإِلَّا شَهِدَا عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ فِي الدَّاخِلِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا بِمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَأَبَى أَنْ يَشْهَدَ، قَالَ مَالِكٌ: مَا أَرَى بِمَا صَنَعَ بَأْسًا. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: وَإِذَا أَدْخَلَا بَيْنَهُمَا رَجُلَيْنِ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَا بَيْنَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ. .
فَرْعٌ: وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ رَجُلًا قَدْ شَرِبَ خَمْرًا لِيَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَطْلَقَهُ فَأَقَامَ زَمَانًا ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَرٌّ فَأَرَادَ رَفْعَهُ وَاسْتَشْهَدَ بِالْقَوْمِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَشْهَدُوا فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَهِدَ عَلَى آخَرَ فَيُخْرِجُوهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ قَدْ عَلِمَ بِالْأَمْرِ فَلْيَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ، فَلْيَشْهَدُوا حَتَّى يَطْرَحُوا الشَّهَادَةَ إنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى حَالِهِ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ تَوْبَةٌ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلَيْنِ يُحْضِرَانِ الرَّجُلَ فِي الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا وَيَقُولَانِ لَهُ: لَا تَشْهَدْ عَلَيْنَا بِشَيْءٍ، فَإِنَّا نَتَقَارُّ بِأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِنَا لَا نَدْرِي أَيَتِمُّ بَيْنَنَا ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَيَتَكَلَّمَانِ ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ فَيَسْأَلُهُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُومَ بِمَا سَمِعَ مِنْهُمَا، لَا أَرَى أَنْ يُعَجِّلَ بِالشَّهَادَةِ وَلْيُكَلِّمْهُمَا فَإِنْ أَصَرَّا وَتَحَادَّا شَهِدَ بِمَا سَمِعَ مِنْهُمَا.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ فِي الرَّجُلَيْنِ يَتَنَاكَرَانِ حَقًّا بَيْنَهُمَا، فَيُجْلِسَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلَيْنِ يَرُدَّانِ الظَّالِمَ مِنْهُمَا عَنْ ظُلْمِهِ وَالْمُفَاقِمَ عَنْ خَطَئِهِ، وَيُسَدِّدَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ لَا شَهَادَةَ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يُتَوَاصَفَانِ مِنْ أُمُورِهِمَا، فَيَتَوَاصَفَانِ ثُمَّ يَسْأَلُ أَحَدُهُمَا الشَّهِيدَيْنِ الشَّهَادَةَ بِمَا سَمِعَا وَحَضَرَا، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَرَيَا أَحَدَهُمَا قَدْ تَعَدَّى، وَأَصَرَّ وَاسْتَبَانَ لَهُمَا أَنَّهُ الظَّالِمُ وَأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يَسَعُهُمَا إلَّا الشَّهَادَةُ.
فَرْعٌ: وَعَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: فِيمَنْ سَمِعَ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يَقُمْ بِهَا زَمَانًا ثُمَّ قَامَ وَأَرَادَ أَنْ لَا يَذْكُرَ تَارِيخَ ذَلِكَ خَوْفَ أَنْ تَبْطُلَ، قَالَ: لِيَأْتِ بِهَا عَلَى وَجْهِهَا وَيَذْكُرْ التَّارِيخَ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمُقْنِعِ أَيْضًا فِيمَنْ شَهِدَ عِنْدَ قَاضٍ بِحَقٍّ وَالشَّاهِدُ مُجَرَّحٌ، فَدَعَا رَجُلٌ إلَى تَجْرِيحِهِ وَالرَّجُلُ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ الْمَجْرُوحُ حَقٌّ، قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَا يَسَعُهُ تَجْرِيحُهُ إذَا دَعَا إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُهْلِكُ ذَلِكَ الْحَقَّ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُخْبِرُ بِجَرْحَتِهِ الْقَاضِيَ، كَمَا لَوْ عَلِمَهُ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَلَزِمَهُ أَنْ يُجَرِّحَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ شَاهِدًا مَعَهُ فِي تِلْكَ الشَّهَادَةِ، فَقَالَ مَرَّةً: لَا يُخْبِرُ بِجَرْحَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يُخْبِرُ بِجَرْحَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ وَغَيْرِهَا فِي قَوْمٍ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُمْ وَجَدُوا مَعَهُ رِيحُ شَرَابٍ، فَيَذْكُرُ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ أَعْدَاؤُهُ، وَرَجُلٌ يَعْلَمُ بِأَنَّهُمْ أَعْدَاؤُهُ، وَقَدْ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ شَرِبَ، فَهَلْ يَسَعُهُ أَنْ يُخْبِرَ بِعَدَاوَتِهِمْ؟ قَالَ مَا يَسَعُهُ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ سَحْنُونٌ عَمَّنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَهِيَ لَا تَجُوزُ، وَتَجُوزُ عِنْدَ الْقَاضِي كَشَهَادَةٍ عَلَى صَدَاقٍ بَعْضُهُ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ فَقَالَ: لَا يَشْهَدُ فِيهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ عَنْ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَرْبَعِينَ وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَهُمَا إنْ أَدَّيَاهَا لَمْ يُجِزْهَا الْحَاكِمُ وَكَانَ هَذَا رَأْيَهُ، فَهَلْ يَسَعُ الشَّاهِدَ أَنْ يُسْقِطَ خَمْسَةً وَيُشْهِدَ بِأَرْبَعِينَ لِتَتِمَّ الشَّهَادَةُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعُ الْمَسَائِلِ لَيْسَتْ فِي هَذَا الْبَابِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ مَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ رَفْعُهُ وَيَجُوزُ لَهُ كَتْمُهُ، ذَكَرْتهَا قَصْدًا لِتَتْمِيمِ الْفَائِدَةِ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ وَفِي الْمُقْنِعِ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ جِدًّا.