الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا القول هو الراجح الذى تؤيده النصوص القرآنية التى أعلنت التحدى.
وذهبت المعتزلة إلى أن القدر المعجز متعلق بجميع القرآن، لكن الآية السابقة ترد عليهم.
وقال قوم: لا يحصل الإعجاز بآية بل يشترط الآيات الكثيرة.
وقال آخرون: يتعلق بقليل القرآن وكثيره لقوله تعالى:
فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (1)
قال القاضى رحمه الله
(2):
ولا دلالة فى الآية، لأن الحديث التام لا تتحصل حكايته فى أقل من كلمات سورة قصيرة.
وجوه المخاطبات فى القرآن الكريم:
قال ابن الجوزى رحمه الله (3): الخطاب فى القرآن على خمسة عشر وجها.
وقال غيره: يرد الخطاب على أكثر من ثلاثين وجها.
الأول: خطاب العام المراد به العموم. ومن ذلك قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (4) وقوله:
وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (5) وقوله:
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الثانى: خطاب الخاص والمراد به الخصوص. ومنه قوله تعالى:
(1) سورة الطور الآية: 34.
(2)
إعجاز القرآن 2/ 152.
(3)
الإتقان 3/ 109.
(4)
سورة المجادلة الآية: 7.
(5)
سورة الكهف الآية: 49.
(6)
سورة الانفطار الآية: 6.
أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ (1) وقوله:
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ (2) الثالث: خطاب العام والمراد به الخصوص. وقد اختلف العلماء فى وقوع ذلك فى القرآن، فأنكره بعضهم لأن الدلالة الموجبة للخصوص بمنزلة الاستثناء المتصل بالجملة، كقوله تعالى:
فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً (3) والصحيح (4) أنه واقع كقوله تعالى:
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ (5) وعمومه يقتضى دخول جميع الناس فى اللفظين جميعا، والمراد بعضهم لأن القائلين غير المقول لهم، والمراد بالأول نعيم بن مسعود الثقفى، والثانى أبو سفيان وأصحابه (6).
ومنه قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ (7) فالخطاب عام أريد به الخصوص، لأن الأطفال والمجانين لم يدخلوا فيه.
الرابع: خطاب الخاص والمراد به العموم ومنه قوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ (8) فالخطاب مفتتح بالنبى صلى الله عليه وسلم، والمراد سائر من يملك الطلاق، فالخطاب خاص أريد به العموم. ومنه قوله تعالى:
(1) سورة آل عمران الآية: 106.
(2)
سورة المائدة الآية: 67.
(3)
سورة العنكبوت الآية: 14.
(4)
البرهان فى علوم القرآن 2/ 220.
(5)
سورة آل عمران الآية: 173.
(6)
تفسير ابن كثير 2/ 147، وصفوة التفاسير 1/ 245
(7)
سورة النساء الآية: 1.
(8)
سورة الطلاق الآية: 1.
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ .... (1) الآية.
قال الإمام الصيرفى (2): كان ابتداء الخطاب له صلى الله عليه وسلم، فلما قال فى الموهوبة (خالصة لك) علم أن ما قبلها له صلى الله عليه وسلم ولغيره.
الخامس: خطاب الجنس كقوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (3) السادس: خطاب النوع نحو قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ (4) السابع: خطاب العين. نحو قوله تعالى:
يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (5) وقوله: يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ (6) وقوله: يا إِبْراهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا (7) الثامن: خطاب المدح. نحو قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (8)
(1) سورة الاحزاب الآية: 50.
(2)
هو أبو بكر محمد بن عبد الله الفقيه الشافعى المعروف بالصيرفى بغدادى له تصانيف فى أصول الفقه توفى رحمه الله سنة 330 هـ- اللباب لابن الأثير 2/ 66، ووفيات الأعيان 1/ 458.
(3)
سورة الأحزاب الآية: 45.
(4)
سورة البقرة الآية: 40.
(5)
سورة البقرة الآية: 35.
(6)
سورة هود الآية: 48.
(7)
سورة الصافات الآية: 104، 105.
(8)
سورة التحريم الآية: 7.
وهذا وقع خطابا لأهل المدينة الذين آمنوا وهاجروا تمييزا لهم عن أهل مكة.
التاسع: خطاب الذم. كقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ (1) وقوله:
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (2) ولتضمنه الإهانة لم يقع فى القرآن غير هذين الموضعين وأكثر الخطاب ب:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا على المواجهة وفى جانب الكفار جىء بلفظ الغيبة إعراضا عنهم كقوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا (3) وقوله: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا (3) العاشر: خطاب الكرامة كقوله تعالى:
يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (5) وقوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ (6) و: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ (7) ويلاحظ أن الخطاب بالنبى نجده فى محل لا يليق به الخطاب بالرسول، وكذا عكسه كقوله تعالى فى الأمر بالتشريع العام: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وفى مقام الخاص: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وقد يعبر بالنبى فى مقام التشريع العام لكن
(1) سورة التحريم الآية: 174.
(2)
سورة الكافرون الآية: 1
(3)
سورة آل عمران آيتا: 10، 12.
(5)
سورة البقرة الآية: 35
(6)
سورة التحريم الآية: 1.
(7)
سورة المائدة الآية: 67.
مع قرينة إرادة العموم كقوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ (1) ولم يقل طلقت.
الحادى عشر: خطاب الإهانة نحو قوله تعالى لإبليس:
فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ (2) وقوله: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (3) الثانى عشر: خطاب التهكم نحو قوله تعالى:
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (4) والخطاب هنا لأبى جهل لأنه قال: ما بين جبليها- يعنى مكة- أعز ولا أكرم منى (5).
الثالث عشر: خطاب الجمع بلفظ الواحد كقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) الرابع عشر: خطاب الواحد بلفظ الجمع كقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إلى قوله:
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (7) فهو خطاب له صلى الله عليه وسلم وحده إذ لا نبى معه ولا بعده. ونحو قوله تعالى:
(1) سورة الطلاق الآية: 1.
(2)
سورة الحجر الآية: 34، 35.
(3)
سورة المؤمنون الآية: 108.
(4)
سورة الدخان الآية: 49
(5)
تفسير ابن كثير 7/ 246.
(6)
سورة الانشقاق الآية: 6.
(7)
سورة المؤمنون آيات: 51 - 54.