الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه المتبادر إلى الذهن من المقصود بالسياق (1)، ويحتمل التأويل باستعارة اللام للتوقيت- أى لوقت كل صلاة، وعليه ففيه مجاز بالحذف، وهو يتعارض مع ما روى عنه صلى الله عليه وسلم:
«المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة» (2) لأنه مفسر لا يحتمل التأويل، وإن كان يحتمل النسخ فى عهده صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فيرجح هذا المفسر لقوته، وعليه فيصح لها أن تصلى صلوات بوضوء واحد فى وقت كل صلاة مفروضة (3).
ثالثا: التعارض بين المفسر والمحكم:
قال تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ (4) فإن هذا القول الكريم مفسر لأنه مسوق لإفادة قبول شهادة العدلين مطلقا، حتى ولو كانا محدودين فى قذف، ولا تحتمل العبارة غير قبول شهادة العدول مطلقا، لأن الإشهاد إنما يكون للقبول عند الأداء.
وقوله جل شأنه: وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً (5) يقتضى عدم قبول شهادة المحدود فى قذف وإن تاب، وصار عدلا.
فهو محكم فى رد شهادته، إذ لا يحتمل النسخ للتأبيد فرجح (6).
رابعا: من أمثلة التعارض بين الأقسام الأربعة:
قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ (7)
(1) فمن ذهب إلى ذلك من الفقهاء السادة الشافعية (مغنى المحتاج: 1/ 112).
(2)
أخرجه الطحاوى فى شرح معانى الآثار: 1/ 103.
(3)
اللباب فى شرح الكتاب: 1/ 46، والمحرر فى الفقه: 1/ 27.
(4)
سورة الطلاق الآية: 2.
(5)
سورة النور الآية: 4.
(6)
انظر: حاشية العلامة اللكنوى المسماة بقمر الأقمار: 2/ 51.
هذا وممن ذهب إلى ذلك من الفقهاء أبو حنيفة رحمه الله فقال: لا تجوز شهادة القاذف أبدا ولو تاب. وقال مالك رحمه الله: تجوز شهادته وبه قال الشافعى رحمه الله.
(7)
سورة البقرة الآية: 43.
فإنه ظاهر فى معناه بالنظر إلى من يعرف العربية، ونص من حيث إن الغرض من سوق الكلام إيجاب الصلاة، ومفسر من حيث إنها كانت مجملة وفسرها النبى صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله:«صلوا كما رأيتمونى أصلى» كما أنها كانت تحتمل أن لا يتكرر وجوبها لأن الأمر كما يرى بعض الأصوليين (1) لا يقتضى التكرار. كما كان ذلك
يحتمل النسخ فى عصره صلى الله عليه وسلم فجاء قوله تعالى:
إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (2) أى مفروضا مؤقتا يقتضى التكرار، فهذه الآية الكريمة محكمة فى التوقيت فرجحت (3).
وكذلك الأمر فى قوله تعالى: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (4) فقوله: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ ظاهر فى سجودهم، وبقوله تعالى: كُلُّهُمْ ازداد وضوحا على الأول، فصار نصّا وبقوله: أَجْمَعُونَ انقطع أى احتمال فصار مفسرا، ولما كان ذلك إخبارا من الشارع لا يقبل النسخ فيكون محكما (5).
هذا وقد قال العلماء إن أتت معارضة بين نص وظاهر، أو بين محكم ومفسر أو بين الأربعة جميعا فهى معارضة صورية لأن أحدهما- كما تقدم- أولى من الآخر باعتبار الوصف.
(1) شرح الاسنوى: 2/ 37.
(2)
سورة النساء الآية: 103.
(3)
المنار وشرحه 359.
(4)
سورة الحجر الآية: 30.
(5)
أصول الفقه الإسلامى: 282.