الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: الاقتصار على زوجة واحدة عند خوف الظلم حال تعدد الزوجات.
وهذه المعانى المذكورة مقصودة من السياق فهى مفهومة ومستفادة من عبارة النص وألفاظه، إلا أن المعنى الثانى والثالث مقصودان أصالة، لأن الآية سيقت فى شأن الأوصياء الذين كانوا يتحرجون من الوصاية على اليتامى خوفا من الوقوع فى أكل أموالهم مع أنهم لا يتحرجون عن ترك العدل بين الزوجات، حيث كان الواحد منهم يجمع ما يشاء من الزوجات فى عصمته من غير حصر ولا يعدل بينهن فقال لهم الله عز وجل: إن خفتم الوقوع فى ظلم اليتامى فخافوا أيضا عدم العدل بين الزوجات، واقتصروا على أربع، فإن خفتم الجور فيكفى واحدة.
فالاقتصار على أربع أو على واحدة مقصودان من السياق أصالة.
أما إباحة الزواج وهو المعنى الأول فهو المقصود التبعى من سياق الآية، فالله عز وجل قد ذكره على سبيل التبع للتوصل إلى المعنيين المقصودين أصالة.
ثانيا: إشارة النص ودلالتها على الأحكام:
إشارة النص هى: دلالة اللفظ على معنى غير مقصود من سياقه لا أصالة ولا تبعا، ولكنه لازم للمعنى الذى سيق الكلام من أجله.
فالنص لا يدل على هذا المعنى بصيغته، وإنما يشير إلى هذا المعنى بطريق الالتزام. وما يشير إليه النص قد يحتاج فهمه إلى دقة نظر لخفاء التلازم وقد يكون التلازم ظاهرا يعرف بأدنى تأمل (1).
هذا والأصل فى دلالة إشارة النص أن تكون قطعية كدلالة العبارة إلا إذا وجدت قرينة تصرفها عن ذلك.
(1) فواتح الرحموت 1/ 407.
مثال ذلك: (أ) قال تعالى:
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1).
فهذه الآية الكريمة تفيد بطريق عبارة نصها ما يأتى:
1 -
وجوب الإرضاع على الأمهات.
2 -
مدة الرضاع الكامل حولان كاملان.
3 -
نفقة المرضع على والده.
4 -
اختصاص الوالد بنسبة الولد إليه.
وهذه الأحكام مستفادة بطريق العبارة، لأن هذا هو المتبادر فهمه من النص المقصود من سياقه، ويلزم من اختصاص الوالد بولده المستفاد من اللام الموجودة فى لفظ (له) ما يأتى:
1 -
أن الأب ينفرد فى وجوب النفقة عليه لولده فكما لا يشاركه أحد فى نسبة الولد إليه لا يشاركه أحد فى النفقة عليه.
2 -
للأب أن يأخذ من مال وليه ما يسدّ به حاجته لأن الولد نسب إلى والده بلام الملك فى قوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ وظاهر أن تملّك ذات الولد غير ممكن لكونه حرّا، ولكن تملّك ماله يمكن فيجوز عند الحاجة إليه، وفى ذلك يقول صلى الله عليه وسلم:
«أنت ومالك لأبيك» (2). فهذان الحكمان لازمان للمعنى المتبادر فهمه من النص، وهو اختصاص الوالد بولده، وغير مقصودين من السياق ففهم هذين الحكمين عن طريق هذا اللزوم يسمى بإشارة النص.
(1) سورة البقرة الآية: 233.
(2)
أخرجه ابن ماجة فى سننه 2/ 769.