الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله جل شأنه: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (1).
الثانى: أن هذا التقسيم غير مطرد، لأنه قد نزل بالمدينة ما جاء بصيغة (يأيّها النّاس) قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (2) وقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (3).
فائدة العلم بالمكى:
العلم بالمكى والمدنى مهم للغاية، لأنه يترتب عليه الكثير من الفوائد الغفيرة التى يحتاج إليها الإنسان والتى منها ما يلى:
1 -
يترتب على معرفة المكى والمدنى تمييز الناسخ من المنسوخ، فيصار إلى الأخذ بالناسخ، وترك المنسوخ، ولا سيما فى مجال الأحكام والتشريع.
فلو تعارضت آيتان لورودهما فى موضوع واحد، وكل آية منهما تثبت حكما مخالفا لما تثبته الآية الأخرى، وعرفنا أن إحدى الآيتين مكية والأخرى مدنية، ففي هذه الحالة نحكم بأن الآية المدنية ناسخة للآية المكية، نظرا إلى تأخر المدنى عن المكى.
2 -
معرفة المكى والمدنى تبصرنا بمعنى الآية القرآنية، وتحجزنا عن
(1) سورة المنافقون الآية: 1.
(2)
سورة النساء الآية: 1.
(3)
سورة الحجرات الآية: 13.
الخطأ فى تفسيرها. ذلك أن من قرأ سورة:
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ* لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ* وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ* وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ* وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (1) ولم يعلم زمن نزولها أهي مكية أم مدنية، فإنه يحار فى معناها، وقد يستخرج منها أن المسلمين لا يكلفون بالجهاد، وإنما عليهم أن يقولوا للآخرين: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ لكنه إذا علم أن هذه السورة نزلت فى مكة حين قال أهل الشرك والضلال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال يا محمد نعبد ربك يوما وتعبد آلهتنا يوما، أدرك أن هذه السورة كانت علاجا للمرحلة التى قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكة، وليست دليلا على عدم مشروعية الجهاد كما نزلت بذلك الآيات الأخرى فى المدينة المنورة (2).
3 -
معرفة المكى والمدنى تدعو إلى الثقة بالقرآن وبوصوله إلينا سالما من التغيير والتحريف والتبديل. ويدل على ذلك اهتمام المسلمين به كل هذا الاهتمام حتى ليعرفون ويتناقلون ما نزل منه قبل الهجرة، وما نزل بعدها، وما نزل بالحضر، وما نزل بالسفر، وما نزل بالنهار، وما نزل بالليل، وما نزل بالشتاء، وما نزل بالصيف، وما نزل بالأرض، وما نزل بالسماء. فلا يعقل بعد هذا أن يسكتوا ويتركوا أحدا يمسه ويعبث به (3).
(1) سورة الكافرون بتمامها.
(2)
التعبير المغنى فى القرآن 47، ومن روائع القرآن للبوطى 103.
(3)
مناهل العرفان 1/ 188.