الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهى عن منكر صدقة وفى بضع أحدكم صدقة.
قالوا: يا رسول الله أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: أرأيتم لو وضعها فى حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها فى الحلال كان له أجر (1).
الآية الحادية والعشرون:
قال تعالى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا (2) قيل: نسختها آية الغنيمة، وهى قوله جل شأنه:
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (3) حيث إن الآية الأولى تفيد أن زوجات المسلمين اللاتى ارتددن ولحقن بدار الحرب يجب أن يدفع إلى أزواجهن مثل مهورهن من الغنائم التى يغنمها المسلمون، ويعاقبون العدو بأخذها، بينما الآية الثانية تفيد أن الغنائم تخمس أخماسا، ثم تصرف كما رسمها الشارع الحكيم.
والحق أنه بالتأمل نجد الآيتين محكمتين لأنهما غير متعارضتين، بل يمكن الجمع بينهما بأن يدفع من الغنائم أولا مثل مهور هذه الزوجات المرتدات اللاحقات بدار الحرب، ثم تخمس الغنائم بعد ذلك أخماسا وتصرف فى مصارفها الشرعية والله أعلم.
الآية الثانية والعشرون:
(1) أخرجه مسلم فى صحيحه 1/ 403.
(2)
سورة الممتحنة الآية: 11.
(3)
سورة الأنفال الآية: 41.
قال تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (1) وقال جل شأنه: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (2) قال بعض المفسرين: إن آخر السورة- يعنى سورة المزمل- ناسخ لأولها وهذا بناء على أن النص المذكور فى أول السورة عام والتخفيف عام.
والمتأمل يجد أن أول السورة صريح فى طلب قيام جزء من الليل قريب من نصفه، والخطاب فيه موجه إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
وآخر السورة يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم بهذا التكليف، وكذلك طائفة من الذين معه، وقد بينت الآية الأخيرة من السورة سببا يقتضى التخفيف عن الأصحاب وهو علم الله سبحانه بأن سيكون منهم الأصناف الثلاثة الذين ذكرهم، ومن أجل ذلك كان التكليف مقصورا على قراءة ما تيسر من القرآن. فإذا كان النص الأول مقصورا على النبى صلى الله عليه وسلم والأصحاب إنما قاموا بقيام الليل اقتداء به صلى الله عليه وسلم والتخفيف مقصورا عليهم للأسباب المذكورة، لم يكن النص الأول منسوخا، بل حكمه باق بالنسبة له صلى الله عليه وسلم، وهذا رأى ابن عباس رضى الله عنهما وهو الراجح لأنه يترتب عليه الجمع والتوفيق لا النسخ والله أعلم.
(1) سورة المزمل آيات: 1 - 4.
(2)
سورة المزمل الآية: 20.
وبعد: فهذه الآيات هى التى تكلم فيها العلماء من حيث نسخها أو إحكامها وقد جمعها (1) الإمام حلال الدين السيوطى فى قوله
قد أكثر الناس فى المنسوخ من عدد
…
وادخلوا فيه آيا ليس تنحصر
وهاك تحرير آى لا مزيد لها
…
عشرين حررها الحذاق والكبر
آى التوجّه حيث المرء كان وأن
…
يوصى لأهليه عند الموت محتضر
وحرمة الأكل بعد النوم من رفث
…
وفدية لمطيق الصوم مشتهر
وحق تقواه فيما صحّ من أثر
…
وفى الحرام قتال للأولى كفروا
والاعتداد بحول مع وصيتها
…
وأن يدان حديث النفس والفكر
والحلف والحبس للزانى وترك أولى
…
كفروا شهادتهم والصّبر والنّفر
ومنع عقد لزان أو لزانية
…
وما على المصطفى فى العقد محتظر
ودفع مهر لمن جاءت وآية نجواه
…
كذلك قيام الليل مستطر
وزيد آية الاستئذان من ملكت
…
وآية القسمة الفضلى لمن حضروا
وقد رأيت- بعون الله وحده- أن أرجح القول بعدم نسخها. لأن الجمع ممكن بين ما قيل بنسخه وبين ما قيل بأنه ناسخ.
ومعلوم عند الجمهور أن الجمع بين المتعارضين- والتعبير بالمتعارضين فيه شىء من التجاوز لأنه غير موجود البتة فى القرآن- يقدم على ما عداه من الترجيح والبحث فى التاريخ والتوقف. ومن العجب أن هناك علماء أفاضل قالوا بنسخ هذه الآيات المذكورة جميعا، بل هناك من ادعى نسخ المستثنى للمستثنى منه ونسخ المطلق بالمقيد ونحو ذلك وكتاب الناسخ والمنسوخ للشيخ هبة الله بن سلامة رحمه الله أكبر دليل على هذا.
(1) الإتقان 3/ 77.